fbpx
بن دغر: فيدرالية علي ناصر والعطاس مرفوضة
شارك الخبر

 

يافع نيوز – المصدر اونلاين

حاوره: احمد الزبيري
> كيف تقرأون الواقع السياسي في اليمن؟
>> علينا أن نعترف أن تحولاً مهماً قد حدث في الحياة السياسية في اليمن هذا التحول جاء بفعل عوامل كثيرة أهمها حركة الشباب، وتراجع عوامل النمو، ووهن الدولة، وانشغال القوى السياسية بالصراعات البينية، على حساب القضايا الكبرى في البلاد، وفي المجمل فإنه مشهد يتسم بالصراع والتناحر السياسي والاجتماعي، يغذيه بصورة أو بأخرى عامل التأثير الخارجي، للأسف اليمن بلد مكشوف، ويسهل على الراغبين العمل في ساحته.

 

> هل هو واقع ثورة أو أزمة؟
>> ربما الاثنان معاً، والاعتراف بوجود ثورة في اليمن لم تتوفر شروطها الموضوعية والذاتية، ولم تحدث تغييراً جذرياً هو من باب المجاملة لأصحاب المشروع، ما حدث ويحدث في اليمن هو حالة من حالات التحول الاجتماعي وعدم الرضا بالواقع من قبل البعض من السكان، يقابله العكس من قبل آخرين، لكن ما حدث كان مهماً إن كان على صعيد قمة هرم السلطة أم على مستوى القوى المكونة للسلطة، فالمعارضة انتقلت من موقع المعارض إلى موقع المشارك، بينما السلطة لم تغادر كلية، قد يكون القول بأنها أزمة لم ترق إلى مستوى الثورة صحيحاً.

 

> لماذا تصرون على أولوية الحوار الوطني، قبل هيكلة القوات المسلحة والأمن؟
>> هناك مسألتان في هذا الشأن الأولى تتعلق بوحدة القوات المسلحة والأمن المنقسمة على نفسها، والثانية بهيكليتهما، ووحدة القوات المسلحة والأمن هي قضية ملحة ولا تحتمل التأجيل، يجب أن يخضع الجيش، والأمن لقيادة واحدة، وأن يلتزم بتوجهات الرئيس المنتخب المناضل عبد ربه منصور هادي، وأن يدرك قادة الجيش والأمن أن الرئيس هو القائد الأعلى، وأن للقرار السياسي أولوية لا يجوز ولا يمكن لأحد أن يفكر في تجاوزها، وهذه مسألة نعتقد نحن في المؤتمر أننا على اتفاق فيها مع الأخوة في المشترك، والقوى السياسية الأخرى، أما المسألة الثانية، أي هيكلة الجيش، فتلك قضية تأتي في إطار مهام المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية، ولا يمكن القيام بها قبل القيام بعملية التوحيد، كما لا يمكن القيام بها إلا في ظل ظروف تتسم بقدر مقبول من الاستقرار السياسي، وهو ما نفتقده الآن، وهيكلة الجيش والأمن في هذه المرحلة ليست محكومة بالصراع السياسي، بل بنص المبادرة، وقد حددت المبادرة أساسين لهذه الهيكلة، هي أن تتم أولاً: على أسس وطنية، وثانياً: على أسس مهنية، وهي عملية تحتاج إلى وقت، وربما تحتاج إلى استعانة بخبرات الآخرين إلى جانب الخبرات المحلية.

 

> كيف يمكن للحوار الوطني أن ينجح في ظل التوتر الأمني وانشقاق الجيش والأمن، وتخندق الوحدات العسكرية والمليشيات؟
>> أتفق معكم أن توحيد القوات المسلحة والأمن شرط لحوار وطني ناجح، ومرة أخرى توحيد القوات المسلحة، يجب أن تختفي مظاهر الانقسام في الجيش والأمن، ويجب أن تختفي المليشيات المسلحة التي لا هم لها سوى حماية المصالح الخاصة، بل ويجب أن ترفع الساحات، من الجانبين، بقاء الساحات لم يعد أمراً مفيداً لأي من طرفي الصراع، كما أن أضراره الوطنية قد اتضحت للجميع، وعلى الجميع تغليب المصلحة الوطنية على كل المصالح الحزبية، والقبلية، والطائفية.

 

> برأيكم ما هي أبرز القضايا التي سيقف أمامها مؤتمر الحوار الوطني؟
>> نحن هنا محكومون بالمبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، والمبادرة والآلية حددتا بوضوح تام قضايا الحوار، وهي إعادة صياغة الدستور وقد نتحدث في الأيام القادمة عن دستور جديد، يتفق مع طبيعة المرحلة وحجم المتغيرات المتوقعة على شكل ومضمون الدولة، والوقوف أمام القضية الجنوبية والبحث عن حل عادل تحت سقف الوحدة، وكذا التوتر في صعدة، واتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وغيرها من القضايا الحيوية.

 

تمثيل الجنوب
> من الذي سيمثل الجنوب في هذا الحوار؟
>> سيمثل الجنوب أبناء الجنوب، الذين يؤمنون بالوحدة قدراً ومصيراً والذين لديهم الاستعداد في البحث عن حلول عادلة للقضية ترضي أهلنا هناك، وهؤلاء يتواجدون تحت مسميات وطنية وسياسية مختلفة، أطراف الحراك المختلفة على نفسها مثلاً، المؤتمر الشعبي العام، وحلفاؤه، والمشترك وشركاؤه، والقوى السياسية التي أعلنت عن نفسها، ووسمت نفسها بأنها جنوبية، المعارضة في الخارج والتي تقر بوحدة اليمن، ويمكن أن يشارك في الحوار نيابة عن الجنوب بعض الشخصيات الاجتماعية، والدينية المعروفة بمواقفها الوطنية أو السياسية، لا يمكن لأحد أن يحتكر تمثيل الجنوب، ومثل هذا الادعاء مضلل، والفوضى والاعتداء على الآخرين ومحاولة إقصائهم ليس بالضرورة تعبيراً عن إرادة أهلنا هناك.

 

> ولكن الحراك غير موحد؟
>> نعم.. هذه حقيقة تتعمق كل يوم، والمنقسمون يزدادون انقساماً، والتناقضات بين أطراف الحراك بارزة، ولهذا مسمياته مختلفة، وحتى تتهم بعضها البعض بالعمالة والخيانة، وفي الوقت القوى السياسية التقليدية في اليمن ليست متحدة على موقف موحد، علماً أن الاتفاق على رؤية موحدة ممكنة، الآن تقاربت الآراء بين المؤتمر وحلفائه، والمشترك وشركائه، ومع ذلك البعض يصر على الخصومة، ويتمسك بالمواقع القديمة قبل الانتخابات الرئاسية، التي أتت برئيس توافقي، كان محل إجماع هو المناضل المشير عبد ربه منصور هادي.

 

> وهناك من يطرح مشروعاً انفصالياً، ويدعو له، ولديه المال، وربما الدعم الإقليمي؟
>> هذا صحيح، وأصحاب المشاريع الانفصالية كثر في واقع الأمر لكن يتخفون خلف مفاهيم عديدة، هؤلاء يحاولون كسب الشارع الجنوبي إلى صفهم، وهذا الشارع رغم ما يبذلونه من مال وما يستعينون به من إعلام، سيقوي في نهاية المطاف كلمته، الأغلبية في الجنوب صامتة حتى الآن، وأتوقع إذا انطقت فإنها ستحسم هذا الجدل، وعلى نحو وحدوي لقد جرب الجنوبيون كل أشكال الحكم، وانتقلوا من واقع التجزئة الإقطاعي، إلى واقع الدولة الموحدة في 1967م، وكان ذلك إنجازاً تاريخياً عظيماً يحسب للقوى الوطنية، وللجبهة القومية بصورة خاصة، ثم خاضوا نضالاً دؤوباً من أجل الوحدة، فإذا تغيرت مشاعرهم نحو الوحدة فذلك لأننا لم نحسن إدارة الدولة الموحدة، وجعلناها دولة مركزية شديدة التمركز، حتى اختنق بها من هو بالجنوب ومن هو بالشمال، وقد حان الوقت لإعادة صياغة الدولة، حتى لا تتعرض حياة الناس للخطر، أو يستقوي بعضهم على بعض، أو تتاح للمتنفذين الاستيلاء على حقوق بعضهم أو امتهان كرامتهم.

 

> وماذا عن رؤية العطاس، وعلي ناصر من القضية ودعوتهم إلى ما يسمونه بالفيدرالية؟
>> كل شكل من أشكال اللامركزية في الحكم هو شكل فيدرالي بصورة أو بأخرى، وكل الأشكال اللامركزية في الحكم سوف تحظى بالاهتمام من قبلنا في المؤتمر الشعبي العام، طالما المطروح من هذه المشروعات يلتزم بالوحدة سقفاً أعلى لا يجوز تجاوزه، ما سنرفضه نحن في المؤتمر هو فيدرالية بين شطرين، جنوبي وشمالي، كما سنرفض فيدرالية بين ثلاثة أشطار إذا قامت على أساس طائفي، ما عدا ذلك فالمؤتمر جاهز الآن، وليس قبل الآن، ليقبل أفكاراً من هذا النوع والخوض فيها تحقيقاً لإعادة رسم خارطة الوحدة، وعلى هذا النحو ففيدرالية علي ناصر والعطاس لن تحظى بالقبول من جانبنا، لأنها قائمة على الشطرية، ولأنها مشروطة باستفتاء جنوبي على الوحدة بعد خمس سنوات، مراهنين في ذلك على مشاعر يعتقدون أنها ستؤدي إلى الانفصال،لا أدري أن كانا قد طورا رؤيتهما أم لا، لكن العيب الوطني، والقصور السياسي قائم في تفكيرهما، وهما معاً لم يتخلصا من أثر الخصومة السياسية مع علي عبد الله صالح، وتسكنهما تجربة جنوب السودان وجنوب السودان غير جنوب اليمن.

 

> هل أنتم مع أن تكون حضرموت إقليماً مستقلا في نظام فيدرالي لليمن؟
>> دعني أجيب على الجزء الأخير من السؤال، نعم أنا مع دولة لا مركزية في اليمن، كان هذا رأيي منذ سنوات، ولا زال، والكل يعرفه في المؤتمر وخارجه، لكنني لست مع فيدرالية بين شطرين فهذه ستكون بالتأكيد خطوة أولى نحو الانفصال، ولست مع فيدرالية طائفية، المهم أن ندرك جميعاً أن الدولة المركزية التي بنيت في 1990م قد تهاوت الآن، وتكاد تسقط للأسف الشديد، فإذا اتفقنا على أننا لن نستطيع الحفاظ على الدولة الموحدة إلا في ظل دولة لا مركزية، فلا يهم بعد ذلك شكلها، التقسيم الإداري سيكون أسهل والخوف الذي أقرأه على ملامح وجهك وأنت تسأل عن حضرموت، لن يكون له ما يبرره إذا حسمنا العلاقة بين المركز والمحليات، واخترنا نظاماً قوياً ودولة متماسكة وعادلة ومرنة، تبسط نفوذها على الكل، ولكنها تسمح بمشاركة واسعة في إدارة الشأن العام، أي تسمح بمشاركة حقيقية في إدارة السلطة والثروة.

 

> هل سيكون النفط هنا محل نزاع بين الأقاليم والحكومة المركزية؟
>> لا.. لأن الأصل في الثروات هي كونها سيادية، فهي ملك للجميع، ولكن الثروة استخدمت بصورة سيئة خلال العقود الماضية، ولذلك تجد المناطق المنتجة للثروة النفطية في بلادنا هي الأكثر تخلفاً، وذلك كان من عيوب السياسة الاقتصادية التي سادت، وهي سياسة مركزية شديدة التمركز، وضررها كان فادحاً وكثيراً على البلاد، ككل السياسات المركزية الأخرى، لن يضر الدولة شيء إذا خصصت جزء من هذه الثروة لتنمية المناطق التي تنتجها.
> نعود إلى الوضع في الجنوب كيف نفسر وجود القاعدة، والحراك، وساحات الشباب في وقت واحد؟
>> الحراك نشأ منذ 2007م تقريباً، كانت له ظروفه التي لم نعطها حقها من الاهتمام، ذلك إننا لم نصغ لمطالب الناس هناك، نظرنا إلى الحراك باستخفاف، فكان أن تحول النضال المطلبي إلى نضال سياسي، أما القاعدة فهي نتاج عوامل أخرى لا تتعلق بالجنوب وحده، والقاعدة وجدت في كل أجزاء اليمن بدرجة أو بأخرى، لكنها استغلت الوضع في الجنوب وعشعشت فيه، وجدت بيئة خصبة رافق ذلك ازدياد حالة الضعف في الدولة، وانحسار دورها في الحفاظ على الأمن، وترهل السلطات المحلية، وانتشار حالة الفساد في البلاد.

 

> ولماذا نشاطها يتجدد موسمياً وكأنما تتحرك بالريموت كنترول؟
>> هذا تبسيط لفهم الظاهرة، القاعدة تنظيم عالمي، يستمد جذوره من الواقع الاقتصادي والاجتماعي، ويرتبط بالفقر، والأمية، والبطالة، كما يرتبط بالثقافة السائدة، لقد استغل الدين على نحو سيء، وتم تأصيل ثقافة العنف والقتل من قبل رموز بعينها، ومصادر بذاتها، واعتبرت هذه الثقافة جهاداً ضد الكفار والملحدين، وإذا نظرت في واقع المجتمعات العربية، فستجد القاعدة، حيث وجدت هذه العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، نحن نحتاج إلى موقف موحد إزاء هذه الظاهرة أولاً لتحصين مجتمعنا، وثانياً لتصحيح ما علق بثقافتنا من تشوهات تعيد انتاج العنف، والإرهاب وتحاول تبريره، واستعادة روح التسامح في عقيدتنا السمحاء التي صادرها تيار بعينه.

 

> في خليجي عشرين في عدن لا نذكر أن شيئاً حدث مما يجري اليوم في عدن والجنوب ما هو السبب؟
>> في خليجي عشرين كانت الدولة لا زالت متماسكة، وكانت مؤسساتها حاضرة، وخاصة المؤسسات العسكرية والأمنية، وكان الناس في عدن وأبين ولحج المجاورتين على قدر كبير من المعرفة بمصالحهم، ولم يكن لهم مصلحة في إفشال الفعالية، حتى عندما قاطع الحراك الفعالية، وهدد بنسفها فشل هو، واستهجن الناس حينها موقفه، اليوم بعد أزمة العام الماضي لم يتبق في الدولة إلا القليل، والمناطق التي خرجت عن السيطرة لم تعد جنوبية خالصة، والمؤسسات العسكرية كانت موحدة، وقد افتقدنا هذا كله بوعي منا أو بدون وعي، ومع ذلك أقول وأكرر القول أنه لا أفق لأي شكل من أشكال الإرهاب في بلادنا، سينتهي الإرهاب وسوف تستعاد هيبة الدولة في أبين، وفي المناطق التي فرض الإرهابيون وجودهم فيها.
> والساحات في الجنوب؟
>> كان الإخوة في المشترك قد أقاموا علاقة حميمة مع الحراك عندما بدأت الساحات في الظهور، واستعان كل طرف بالآخر، لإزاحة علي عبدالله صالح عن الحكم، وعندما استقال علي عبد الله صالح من رئاسة الدولة ظهر التناقض واضح بين سلوك الشباب المنتمين إلى أحزاب بعينها في الساحات، والشباب المنتمي إلى الحراك، وتحول الأصدقاء والحلفاء إلى خصوم متناحرين، سال بينهم الدم، يبدو أن حسابات التكتيك والاستراتيجيات قد تاهت عند بعض أطراف التحالف فكانت هذه النتيجة، ومع ذلك فإن حالة الجنوب تبقى جزءاً لا يتجزأ من حالة اليمن، إذا أردنا معالجة الأوضاع في الجنوب، فعلينا معالجة الأوضاع في اليمن ككل، والذين يبحثون عن علاج لأزمة الجنوب خارج نطاق اليمن الموحد يفتقدون إلى التفكير السليم، ولا يراعون المصالح الكلية المستقبلية، ولا غرابة إذا انتقلوا من مواقعهم القومية إلى مواقع مناطقية أو قبلية.
> ما هي الشخصيات الجنوبية المتوقع حضورها إلى مؤتمر الحوار الوطني؟
>> كل الشخصيات مدعوة للحضور، لا خطوط حمراء كما قال ذلك الرئيس عبدربه منصور هادي في إحدى خطاباته القليلة، وأصبحت فيما بعد مرجعية للمتحاورين حول القضية الجنوبية.

 

الحكم للمؤرخين
> كيف تقيمون فترة حكم الرئيس علي عبدالله صالح؟
>> الهجوم على هذه الفترة الآن شديد، وتغيب الموضوعية والعقلانية عند تقييم هذه المرحلة، ويزداد الهجوم شراسة بتأثير ما جرى في الوطن العربي، والواقع فإن لهذه المرحلة إيجابياتها وسلبياتها، أعتقد أن إنجازات كبيرة قد تحققت في فترة الرئيس السابق وأخطاء غير قليلة قد حدثت بذات الوقت، اساءت كثيراً إلى فترة حكمه، وإذا كان الإعلام قد تجاوز كل منطق في تناول هذه المرحلة، فلابد أن يأتي مؤرخون يتناولون حقائق هذه المرحلة بقدر من التجرد غير المتحيز لحزب أو لتيار، أو لطائفة، أو قبيلة، علينا أن نتناول هذه المرحلة بظروفها وتعقيداتها، ومن المؤكد الأجواء السياسية لا تسمح بأي تفكير منطقي حول هذه المرحلة، وذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن التغيير كان بدعة، أو كان خطأ، فالتغيير سنة الحياة.
> هل ننتظر قريباً إعادة هيكلة المؤتمر الشعبي العام، وهل سنرى معالجة سريعة لحالة الانشقاقات داخل المؤتمر؟
>> إعادة الهيكلة داخل المؤتمر، مصطلح استخدم في وقته، كانت له ظروفه، ما يحتاجه المؤتمر الآن هو أن يتحول أكثر فأكثر إلى الممارسة الديمقراطية في حياته الداخلية، وأن يحظى التنوع في الأفكار بالاحترام، وأن يغادر نهائياً جلباب السلطة، ويظهر كحزب مستقل، لديه برنامجه المستوحى من آمال وطموحات أبناء اليمن، يحتاج المؤتمر إلى رؤية مستقبلية، وإدراك عميق للمتغيرات المرحلية.
> أنتم متهمون بمحاولة العودة بالأوضاع إلى المربع الأول من الأزمة، ما تعليقكم؟
>> تهمة.. وهي تهمة الخصوم السياسيين والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، وليس لدى أصحاب هذه التهم ما يثبتها لذلك فهي تهم باطلة، ومكانها المكايدة السياسية التي تحكم سلوك البعض.
> كيف تقيمون نشاط الحكومة الائتلافية؟
>> لقد نجحت الحكومة في تحقيق الأهداف المنوطة بها حتى الآن، ويبذل الأستاذ الفاضل محمد سالم باسندوة رئيس الحكومة جهوداً طيبة إلى جانب رئيس الجمهورية في إخراج البلاد من أزمتها، لاحظوا أن الحكومة قد تمكنت من تقديم قانون الضمانات، وكان قانوناً يستدعي الخلاف بالضرورة بين خصمين انتقلا للتو في أجواء العداء إلى أجواء الوفاق، ونجحت في تقديم برنامجها السياسي الذي حظيت بموجبه بثقة مجلس النواب الذي يتكون من أغلبية مؤتمرية، وقدمت موازنة العام 2012م إلى المجلس بنجاح، وهي الآن بصدد تقديم قانون مهم هو قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية.

 

العدالة والمصالحة
> على ذكر قانون المصالحة الذي تسميه المعارضة قانون العدالة الانتقالية، هذا القانون أثار خلافاً شديداً داخل الحكومة، ولا زال، ما هي حقيقة المناقشات الدائرة، وأوجه الخلاف حوله؟
>> نعم.. الخلاف حول القانون بدأ منذ اللحظة الأولى، عندما فاجأتنا وزارة الشؤون القانونية، وصديقي الدكتور المخلافي بمشروع قانون حول العدالة الانتقالية، وفي مناقشاتنا قبل تقديم القانون إلى الحكومة مع جمال بن عمر كان هو الآخر متحمساً جداً للمشروع، والحقيقة أن الحكومة ملزمة بتقديم قانون، لكن ليس فقط حول العدالة الانتقالية، بل حول المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، الذين صاغوا المبادرة، ومن ثم صاغوا قانون الضمانات قدموا المصالحة على العدالة بوعي منهم لأهمية المصالحة، ولأنها الطريق الملائم لتحقيق العدالة، ونحن نعرف من الأعراف والتقاليد عندنا، وحتى عند الآخرين أن المصالحة تسبق تطبيق العدالة، خذ مثلاً الخصومة بين قبيلتين، تبدأ السيطرة عليها بموافقة القبيلتين على الصلح أولاً على أسسه، ومن ثم يطرح كل طرف حقوقه على الطاولة، فيؤخذ من هذا ويعطى لهذا تحقيقاً للعدالة، الاخوان أرادوا تحقيق العدالة والخصومة قائمة، والجيش منقسم على نفسه، والجراح نازفة، والساحات ملتهبة، والأرض لم تعد موحدة، والسلاح بيد الجميع والكل يدعي حقاً، ولذلك اختلفنا حول القانون.
> اختلفتم كمؤتمر ومشترك؟
>> لا.. اختلفنا كأعضاء في حكومة الوفاق الوطني، كانت الأغلبية برأي والأقلية برأي، فإلى جانب المؤتمر هناك آخرون أبدوا رؤيتهم للقانون.
> ولكن ما هو وجه الخلاف؟
>> الخلاف بدأ بالتسمية، وانتهى بالمضمون، والأحكام العامة والطريقة التي تم تقديم القانون بها إلى الحكومة، والضجة الإعلامية التي رافقته كانت هناك ثلاثة قوانين، قانون تقدمت به وزارة الشؤون القانونية، وقانون تبنته كتلة المؤتمر، وثالث تقدمت به أحزاب التحالف (الدكتور قاسم سلام)، وشكلت لهذا الغرض لجنة للتوفيق بين القوانين الثلاثة، وقد اتفق أعضاء اللجنة على معظم بنود القانون، وبقيت ثلاث مواد فقط رفعت للرئيس ورئيس الوزراء للبحث عن وفاق واتفاق حولها، كان منها المدة الزمنية التي تحكم القانون، وصلاحيات الهيئة التي تنظر في شكاوى المتظلمين، وتكوينها، واعتقد أنها خلافات سوف تحسم قريباً، وستتوحد الحكومة من جديد حول القانون، كما سيوحد القانون الطيبين حول القضايا الأكثر حساسية في البلاد.

 

> الخلاف بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح ورئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ظهر مؤخراً إلى السطح، كيف تفسرون ذلك؟
>> أمر طبيعي أن يظهر بعض التباين في إدارة كل منهما لليمن وقيادته، والأمر هنا يتعلق بحجم المتغيرات على الساحة اليمنية، وموقف المجتمعين الإقليمي والدولي من المسألة اليمنية أو من الحالة اليمنية إذا أردت، كما أن مهام المرحلة التي يقودها عبد ربه منصور هادي رجل المرحلة، والإجماع الوطني أيضاً مختلفة، وفي هذا الإطار يمكن فهم بعض التباين بين الرؤيتين، والقياديتين، والأسلوبين، وهو اختلاف طبيعي، وربما يكون محموداً، مرة أخرى نؤكد دعمنا اللامحدود لرئيس الجمهورية، ولحكومة الوفاق الوطني.
> هل لا زالت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ممكنة التنفيذ ضمن إطارها الزمني المحدد؟
>> نعم.. والصعوبات التي نشأت أثناء التطبيق وخاصة في المؤسسة العسكرية والأمنية لن تعطل المبادرة، هذه حقيقة ندركها جميعاً، وتدركها القيادات العسكرية والمدنية، وسوف ينجح رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي في تنفيذ المبادرة وقيادة الوطن إلى بر الأمان، والمسألة فقط مسألة وقت.

 

> أخيراً نترك السياسة، ونذهب إلى الاتصالات، فاعتباركم وزيراً للاتصالات، كيف تعاملتم مع المشكلات التي ظهرت في المؤسسات الحكومية، وكانت بعض مؤسسات الاتصال قد عاشتها؟
>> قطاع الاتصالات من أهم القطاعات الاقتصادية، هو القطاع الأقرب إلى روح العصر، وهو قطاع إيرادي، يرفد ميزانية الدولة بالمليارات سنوياً، ويأتي ترتيبه بعد النفط مباشرة لقد أنجز زملائي السابقين الكثير في قطاع الاتصالات، ومع ذلك فالقطاع يحتاج إلى المزيد من الاستثمارات في مجال تحديث بنيته التحتية، وتنظيم علاقته بالمشغلين الآخرين من القطاع الخاص، وحتى تحرير بعض أوجه نشاطه، نحن في حاجة إلى توسيع الخدمات في الهاتف الثابت، والمتنقل، والانترنت، وقد وضعنا الخطط التي تساعد على تحقيق هذه الأهداف، تجاوزنا الاضرابات في المؤسسة والشركات الرسمية، وعدلنا الكثير في نظم الحوافز والعلاوات بما يحقق العدالة في التوزيع وعممنا التطبيب في الوزارة وبعض أقسامها، ودعمنا صندوق التكافل، كما أجرينا تغييراً إدارياً يحافظ على قوة الدفع في المؤسسة والشركات، وفي نفس الوقت يحافظ على الخبرات والكفاءات التي اكتسبت المزيد من المهارات في السنوات الماضية، وأخيراً وصلنا إلى حل لمشكلة مزمنة خلافية استمرت عشر سنوات بين العمال وإدارة شركة تيليمن، صدرت فيها سبعة أحكام ثلاثة منها من المحكمة العليا، ولكن المشكلة ظلت قائمة واعتقد أننا قد حصلنا على اتفاق مع العمال يحفظ حقوقهم ويرعى حقوق الشركة، وسنواصل جهودنا لتقديم وتحسين خدمة الهاتف، والانترنت، وأتوقع تحسناً ملموساً في الأيام القليلة القادمة في الكم والنوع وخاصة في السرعات والسعات، كما نخطط للانتقال إلى الجيل الرابع الذي سيحقق طفرة حقيقية في مجال الاتصالات في اليمن ويجعلها في مصاف الاتصالات في الدول المجاورة أو على الأقل قريباً منها.

 

> في الأيام الماضية كان هناك خلاف إعلامي ولا زال، وكان هناك خلاف في بعض الوزارات كالكهرباء مثلاً؟
>> نعم.. نحن للأسف لم نتفق بعد على سياسة إعلامية واحدة، كان الإعلام الرسمي يقف حتى تشكيل الحكومة إلى جانبنا، الآن الإعلام الرسمي يعلن الحرب علينا، وتوظف كل القنوات والصحف، والمواقع الإلكترونية لتشويه مواقفنا في المؤتمر، حتى السياسة الخبرية منحازة وغير موضوعية، وعملية الإقصاء مستمرة ضد كوادرنا المؤتمرية، ولكننا مع ذلك نحاول مع الأخ وزير الإعلام الوصول إلى اتفاق حول هذه القضايا الخلافية، نحن نصر على حيادية الإعلام، وعلى إشاعة روح التوافق والائتلاف في مخرجاته، الإعلام وسيلة خطرة ولهذا الصراع حوله ساخن، فالإعلام يخاطب كل الناس، ويكون الرأي العام، وإذا استمر الإعلام الرسمي في مهاجمتنا فسيكون ذلك أمراً مؤسفاً، ومخالفاً لنصوص المبادرة الخليجية، ولتوجهات الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق، نحن هنا لا زلنا نعول على حكمة الرجلين الرئيس ورئيس الوزراء ولم نفقد الأمل بعد في موضوعية أخينا وزير الإعلام، الذي عرضنا عليه التعاون في التغلب على هذه الصعوبات وهو الذي يملك القرار الإعلامي وبيده إدارة مؤسساته الرسمية.

أخبار ذات صله