fbpx
استمرار السياسات والمواقف هو استمرار للحرب !!

بدو أن البلد مازال معَّرض للمخاطر والانقسامات الداخلية نتيجة المخزون الكبير في العصبيات المختلفة وتعدد الهُويات والولاءات واستمرار رموز الفساد والإفساد كأهم الفاعلين في المشهد السياسي والاجتماعي ، لذلك فإن أي حلول غير قابلٍ للنمو بالنظر إلى الواقع المعاش اليوم بوصفه بيئةً غير قابلةً لإنجاحه، بسب غياب الإدراك الواقعي والعلمي لحجم هذه المخاطر لدى النُخب السلطوية والسياسية بمختلف اتجاهاتها الفكرية الذين وصل بهم الأمر إلى حِّد إلغائهم التام لتلك الحقائق وإنكارهم لها ، بل وتجريم الحديث عنها كما حدث مع قضية الجنوب.

لم تستطع الدولة في احتواء الأزمات في المجتمع وإحداث استقرارٍ سياسيٍّ ، وقد وصلت هذه الأزمات إلى توسيع دائرة الحروب لتشمل مختلف مناطق اليمن عام 2015م ، فاستمرار أمد هذه الحرب تبدو ملامحها في الواقع واضحة كما هيئت لها القوى المستبدة في الداخل والخارج على حدًّ سواء ، وهذا الوضع هو حصيلة لما خلفته النظم الاستبداد والثقافة الاستقوائية ومصادرة حقوق الآخرين والفساد المستمر للسلطات طوال المراحل السابقة التي أنتجت ثقافة الاستبدادي والغلبة والولاءات الفردية والعصبيات ، والنَّهب المنظَّم للثروات وفي مقدمتها ثقافة الاستبداد الهمجي الذي عمد إلى إلغاء كل ما يتصل بهوية الجنوب ، وعدم الاعتراف بالحق الشرعي لشعب عاش آلاف السنين مستقلا وفي دول وكيانات باستثناء مراحل الاحتلال الأجنبي، الذي كان له دورا واضحاً في المقاومة ضد كل صور الاحتلال وقد تجسد هذا الإلغاء على صعيد الواقع والفكر ، فعلى صعيد الواقع تمَّ التدمير الممنهج للجنوب منذ حرب 1994م، شعباً ودولةً ذات هُوية ، وعلى صعيد الفكر تمَّ إنكار هذا الحقِّ بالحديث عن اليمن الواحد وواحديته بمفاهيم صماء ، وتمَّ إخفاء صوت الحقِّ القائم على أساس الهويتين للشعبين والدولتين ، واختفت الوحدة من الواقع وبقي الحديث عن وحدةٍ زائفةٍ مجردة من مضامينها ، كان ومازال المراد منها إخفاء مطامع قوى محدودة بذاتها . ولم يتم الاعتراف بأنّ هذا الحقّ وهذه الخصوصية التي انطلقت منها فكرة مشروع الوحدة تعود إلى هوية الشعبين والدولتين التي تكونت عبر آلاف السنين .

لقد اتجهت هذه الذهنية نحو ادخال اليمن شماله وجنوبه في نفق مظلم مخيف كما يتجَّلى في المشهد اليوم وعدم التفهُّم للخصائص الرئيسية لهما التي تتصف بالتنوع الثقافي والاجتماعي والطائفي في هُويات انتماءاتها المختلفة .