fbpx
الشهيد د.صالح يحيي .. براءة واخلاق وثبات في الموقف !
القيادي الجنوبي الدكتور صالح يحيى سعيد رحمة الله عليه

استطيع القول أن رحيل شهيد الاستقلال والتحرير .. شهيد الحراك الجنوبي د. صالح يحيى سعيد رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي، كان قد آلمنا جيمعا ( محبيه وحتى المخالفين له ) مشاعر من الحُزن والالم خيمت على الكل ،عبرت عنها برقيات التعازي والحضور الكبير في مراسيم الدفن والعزاء، والمرثيات المنشوره في وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، فتلك دليل على مكانة ومحبة تلك الشخصية الوطنية الرفيعة التي عُرفة بالبساطة ودماثة الأخلاق ووضوح المقاصد وصدق النوايا التي لا يشوبها شائب …

 

لقد أجمع الكل تقريبا (كان بعد وفاة الشهيد أو في حياته ) اجمعوا على صفاته وخصائصه الإنسانية تلك التي تحمل البراءة والإخلاص والصدق والجراءة والتلقائية معا، وهى صفات قلما نجدها عند السياسيين أو بالأحرا محترفي السياسية..  رحمة الله عليكم حبيبنا وزميلنا وصديقنا وابونا الشهيد د. صالح يحيى سعيد.

 

عرفناك مناضلاَ مثابراَ ثائراَ مقداماً مواصلاً مستمراَ بجهودك النضالية .عرفتك كل الساحات على طوال وعرض أرض الجنوب الطاهرة طوال السنوات الماضية..

 

كان عند تواجده في الساحات يستحضره شعورا بعنفوان وعمر الشباب، وكإنه شابا ربيعاً في مقتبل العمر، في تلك الاثنا كان ينسى مركزه العلمي وموقعه النضالي، بل وحتى ينسى عمره وصحته… جريئا مبادراً واضحاَ تلقائياَ ، لا يشعرك بانه من تلك الشخصيات التي يملاؤها الريبة والحذر والخوف والتعالي وتصنع الحديث … يعرفُه الناس البسطاء والميدانيين في الحراك الجنوبي أكثر ما يعرفه الساسة والنخب الاجتماعية.. براءته واخلاصه وروحه النضالية هي من قربته إلى هؤلاء . لأنه كان مؤمنا ان النصر سيآتي من الميدان وبواسطة هؤلاء الثائرين البسطاء بوصفهم أصحاب حق وقضية عادله ، اعطى كل ما بوسعه وجهده وما يملكه _ على قلته _ للقضية الجنوبية .

 

وصار الدكتور صالح يحيى هو القضية والقضية صالح يحيى . عاش ومات شريفا نزيها حراكيا. لم يستطيع أحد ان يجره للمساومة بقضية الوطن أو المتاجره بها ، بل لم يِعرف لغة المراوغة أو المداهنة كما اعتاد عليها كثير من الساسة ، ولا يعرف الصمت ، فقد كان الصوت الصاخب في ساحات النضال السلمي لا تفارقه جملة التحرير والاستقلال وبناء الدولة الجنوبية المستقلة ، وهكذا عُرف الشهيد عندما كان يستهل حديثه أو يختمه بشعار ه (ثورة ثورة يا جنوب).

 

كان في كل المناسبات الاجتماعية الذي يتواجد فيها يذّكر كل من يتواجدون في المكان بالقضية الجنوبية عبر المفردات التي يحملها في طرف لسانه (التحرير والاستقلال ) فضلا عن اشارته بأصابع يده التي ترمز للنصر(v) للدلالة على إيمانه و أمله بنصرة قضيتنا الجنوبية. التي تملكت روحه وذهنه وجسده ، بل حياته كلها التي قضاها في خدمة الوطن هو الارادي المهني الذي عرفته وزارة العمل والخدمة المدنية واخذت جزء من حياته ، وعرفته الإدارة والقيادة السياسية التنظيمية الذي امتهنها بعمله لسنوات طويلة.

 

بل وهو الأكاديمي المتواضع الذي عرفته قاعات المحاضرات معلماً وباحثا وناقداً سوسيولوجياً، احبه طلابه وزملاءه واحبهم. انه الثائر الصابر المكافح الذي عرفته ساحات النضال الثوري والحركة التحريرية والسلمية في الجنوب لسنوات طوال حتى أخر دقيقة من حياته عندما توقف قلبه وهو في أحدى الاجتماعات المهمة في عدن يوم 20 يناير ذهب إلى الاجتماع مدركا أهمية ومخاطر تلك اللحظة التي ابأ إلا ان يكون حاضرا فيها ، إذ كانت أخر كلماته للحاضرين توحدوا معا لا تتركوا فرصه لعدوكم للنيل من قضيتكم الذي ضحى من اجلها آلاف الشهداء. يُذكر ان الشهيد كان من أوائل المناضلين الذين خرجوا إلى الميدان السياسي والثوري بعد حرب 1994م، مباشرةً ، في تلك الظروف التي لا يمكن نسيانها كانت فيها شدة سطوة القمع والملاحقة للمناضلين، للأمانة وللتاريخ لقد كان رجلا شجاعا كما عرفناه لم يآبى أو يهاب تلك الممارسات ، كان إيمانه مبدئي وثابت بقضية شعبه أقوى من رصاصات المحتل وسجونه وملاحقاتهم .

 

لم يترك فرصة لتلك القوى التي حاولت مراراً وتكراراً ممارسة الضغوط والإغراءات المختلفة التي تعرضت لها قيادات الحراك الجنوبي.. حتى أخر لحظة من حياته ظل يواصل نضاله لم يمل ولا يكل رغم حالة الصحية وما تعرض له من إهمال من قبل الكل. عاش ثائرا مناضلا مقداما مبادرا ميدانيا وسياسيا بريئا خلوقا ثباتا في مواقفه جمع عدد من الصفات التي قلما نجدها في شخصية السياسي في هذا الزمن…

لله ما أخذ وله ما أعطى،وكل شئ عنده بأجل مسمى.

الله يرحمك برحمته ويسكنك فسيح جناته … إنا لله وانا إليه راجعون.