fbpx
رحم الله المناضلة زهراء صالح

 

د. عيدروس نصر
صار خبر وفاة المناضلة الجنوبية زهراء صالح، التي ظلت تلقب نفسها بـ”صخرة الجنوب” وكانت محقة في ذلك، صار الخبر يقينيا اليوم بعد أن تداولته عشرات المواقع الإلكترونية، المتعاطفة والمخاصمة للفقيدة، وصارت زهراء في عداد المناضلين الذين غادروا هذا العالم الفاني إلى عالم الخلود والملكوت.
كانت زهراء طوال العقدين الأخيرين من الشخصيات المثيرة على الساحة السياسية الجنوبية، وللأمانة والإنصاف فقد كانت من أوائل من طالبوا بإنهاء عقد الشراكة بين الشمال والجنوب والعودة إلى حدود ما قبل 22 مايو 1990م بعد أن ثبت فشل التجربة الوحدوية التي بنيت على ثنايات ” العواطف والأطماع” و”النوايا الحسنة والغدر”، كما كانت المناضلة الفقيدة من أكثر النشطاء السياسيين جرأة في التعبير عما يختلج في مشاعر ملايين الجنوبيين من يأس وإحباط إزاء ما اعتقدوا ذات يوم أنه وحدة يمنية سلمية تقود إلى إعلاء كرامة الجميع ورفع رفاهية ومكانة الجميع، فتحولت إلى كابوس مرعب لم يبق بيتاً جنوبيا إلا وأصابه بالضرر والهوان.
اختلفت المرحومة زهراء مع العديد من السياسيين بما في ذلك من نشطاء الثورة السلمية الجنوبية، لكن هذا الاختلاف لم يكن بسبب الموقف من القضية الجوهرية بل ربما لأسباب تتصل بطريقة التعبير ومفردات الخطاب، لكن الأمانة تقتضي الاعتراف بأن هذا الاختلاف (الذي لم يكن قط جوهريا) قد قابله قدرتها على استلهام أوجاع ملايين الجنوبية وتمكنها من التعبير عن آلامهم وتطلعاتهم.
يعلم الجميع أن الفقيدة وقبل تعرضها للهجوم بالمتفجرات وما أدى إليه من إصابات بليغة أدت إلى بتر أحدى رجليها، واضطرارها للتحرك على الكرسي النقال وتخلي السلطات عن واجب علاجها كمواطنة، قبل أن تكون مناضلة وطنية، أقول يعلم الجميع أنها قد تعرضت للكثير من المضايقات والاستفزازات وعجزت أجهزة الدس والوقيعة أن تفبرك لها أكذوبة من تلك التي دبرتها ضد الكثير من القادة الجنوبيين، لكن تلك الأجهزة لجأت إلى الأبشع والأقذر وهو الهجوم على الفقيدة بالمتفجرات، وتقييد القضية ضد مجهول كما هي عادة الأنظمة الديكتاتورية الاستبدادية.
لا تستبعدوا صدور بيان نعي بالفقيدة المناضلة من الذين كانوا سببا في قتلها وإنهاء حياتها فتلك هي الثقافة القائمة على المقولة الشائعة “يقتل القتيل ويمشي في جنازته”.
رحم الله الفقيدة زهراء صالح وصادق العزاء والمواساة لوالدها وأهلها وذويها وكل رفاقها ورفيقاتها وجميع محبيها.
لك الرحمة والمغفرة أيتها المناضلة ولروحك الخلود في جنات النعيم.
و”إنا لله وإنا إليه راجعون”