fbpx
الاتفاقات الثنائية… هل تفرغ التسوية السياسية القادمة من جوهرها؟

صلاح السقلدي

اتفاق جِــدة الذي أبرمته السعودية بين الحكومة اليمنية المقيمة بالرياض والمجلس الانتقالي الجنوبي، والاتفاق الذي تنضجهُ حالياً السعودية على نار هادئة مع الحركة الحوثية والمؤتمر الشعبي العام- بحسب مصادر ووكالات دولية عديدة مثل “رويترز” – سيشكلان حجرا الزاوية بأية تسوية سياسية شاملة بالمستقبل ،بعد أن استعصى الحل العسكري على التحالف السعودي وبعد انسحاب الإمارات من مسرح العمليات العسكرية وانفلات زمام الأمور مؤخرا على هذا التحالف بالجنوب.
وبالتالي سيكون اتفاق جدة والاتفاق الذي يتم صياغته اليوم بكواليس مسقط ودهاليز الرياض قد أرسيا قواعد التسوية الشاملة القادمة ورسمتا خطوطها العريضة وملامحها الرئيسية. وستكون الأطراف التي لم يتم إشراكها بهذه الاتفاقيات الثناية مجرد كمالة عدد فوق الطاولة. فالرياض يهمها في اليمن أمرين بالوقت الراهن: الأول أمني, والآخر مصالح اقتصادية وترسيخ قدميها: العسكرية والاقتصادية، وتحجيم الحضور الإيراني واحكام السيطرة على المنافذ البحرية والبرية ومصادر الطاقة باليمن والجنوب على وجه التحديد.
ففي الشق الأمني،تتطلع السعودية أن يكون الاتفاق مع الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام كفيلاً بأن يضع حدا لهذا الكابوس الذي يؤرقها بشدة ويستنزف قواها وطاقاتها وينال من سمعتها وسمعة جيشها الرخو.فيما تأمل أن تشرعن لوجودها العسكري وتحقق أهدافها الاقتصادية من خلال السلطة اليمنية ومجلسها النيابي التي ترعاها وتدعمها بقوة كالحصول على نافذة بحرية نفطية على بحر العرب في المهرة أو حضرموت. ولديها لبلوغ أهدافها هذه وسائل وأدوات قوية، لها مفعول السحر بالتأثير والإخضاع والمساومة وبإعادة انتاج النفوذ السعودية باليمن من جديد,فيكفي أن يجيل المرء بنظره على الكم الهائل من الدمار وأكوام الأنقاض في كل الأرجاء ليعلم أن موضوع إعادة الإعمار لوحده كافيا ليكون أشبه بسلاح نووي بيد السعودية تلوح به بوجوه الكل دون استثناء لتنال به أهدافها أو قل أطماعها في كل اتجاه. ما دون ذلك الأمرين ترى السعودية أنها ليست أكثر من أمور ثانوية يمكن التعاطي معها بسهولة وحتى أن كان تعلق الأمر بتفتت اليمن أو طغيان طرفٌ فيه على الآخر، أو تتبدل فيه التحالفات رأسا على عقب.
*صلاح السقلدي