وأشار المصدر إلى أن سبب التأجيل يعود إلى عدم اكتمال ملف الترتيبات الأمنية وغياب فصائل رئيسية عن المفاوضات التي انطلقت في جوبا عاصمة جنوب السودان نهاية العام الماضي وتواصلت خلال الأسابيع الماضية عبر تقنية مؤتمرات الفيديو من كل من الخرطوم وجوبا، بسبب ظروف التباعد التي فرضتها جائحة كورونا.

صعوبات وعقبات

ويشير مراقبون إلى أنه من المبكر الحديث عن توقيع اتفاق نهائي شامل خلال الأيام المقبلة حيث لا تزال حركة عبدالواحد محمد خارج إطار المفاوضات ولم تشارك في أي جولة من جولاتها.

لكن في الجانب الآخر يرى سياسيون أن توقيع اتفاق مع الجبهة الثورية والفصائل المشاركة في المفاوضات حاليا قد يسهم في تمهيد الطريق نحو توقيع الاتفاق النهائي إذا ما انضمت الأطراف الأخرى وعلى رأسها حركة عبدالواحد التي ترفض الصيغة الحالية للمفاوضات.

وقال عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي في قوى الحرية والتغيير، إن هنالك بعض القضايا العالقة في مسار التفاوض مع الجبهة الثورية من بينها الترتيبات الأمنية ونظام الحكم وملف توزيع الثروة والمشاركة في السلطة الانتقالية.

ولفت الدقير إلى أن هناك رغبة جادة من الطرفين لحسمها وتوقيع الاتفاق بالحروف الأولى، معبرا عن أمله في إحداث اختراق في مسار التفاوض مع الحركة الشعبية بقيادة الحلو، داعيا إلى بذل المزيد من المساعي لبدء التفاوض مع حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور.

وشدد على ضرورة حسم ملف الترتيبات الأمنية بالشكل الذي يقود إلى بناء جيش وطني مهني واحد، ينتهج عقيدة الدفاع عن أمن وسيادة الوطن ويحمي الدستور، ويعبّر عن التعدد والتنوع السوداني.

الترتيبات الأمنية

وفيما يتعلق بملف الترتيبات الأمنية قال الخبير الاستراتيجي أمين إسماعيل لـ”سكاي نيوز عربية” إن ملف الترتيبات الأمنية لا زال يحتاج إلى المزيد من الوقت، وربما يحتاج حسمه إلى أكثر من شهر.

وأوضح اسماعيل أنه ورغم التقدم في محور الترتيبات الأمنية إلا أن تعقيدات الملف والحاجة إلى بلورته بالشكل الذي لا يتسبب في مشكلات أمنية قد تعصف بمجمل العملية في المستقبل يحتاج إلى توافقات عملية حول الجوانب ذات الصلة وأهمها الدمج والتسريح وأوضاع هيئات القيادة ودفع مستحقات الفرقتين التاسعة والعاشرة.

ودعا إلى ضرورة الاستفادة من خبرات الأمم المتحدة التي اكتسبتها في حالات انتقالية مشابهة في دول مثل ليبيريا وسيراليون وغيرها.

تقدم جزئي

ويبدو من سير مفاوضات السلام أن أطراف التفاوض قد أحرزت بالفعل بعض التقدم، وفقا لما صرح به نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو في ختام جلسة ترأسها الأسبوع الماضي حول القضايا القومية مع الحركات المسلحة بأن المفاوضون تمكنوا من معالجة قضايا الحرب والسلام بطريقة تقود إلى سلام شامل وعادل، مشيرا إلى أنه يجري الترتيب لتجاوز النقاط الأخيرة فيما يلي المشاركة في السلطة، ومن ثم الاتجاه لمصفوفة التنفيذ وصياغة الاتفاق.

وفي ذات السياق تحدث الوفد الحكومي عن توافق كبير وتقارب في وجهات النظر حول 29 مادة من القضايا المطروحة، لكنه لم يؤكد ما إذا ما تم حسم تلك القضايا بالفعل.

وأقرّت أطراف التفاوض قبل بضعة أسابيع مبدأ رجوع السودان إلى نظام الحكم الإقليمي الفيدرالي، واتفقت على الموضوعات المتعلقة بالمؤتمر الدستوري بما يضمن قيامه وفقا لما هو منصوص عليه في الوثيقة الدستورية.