fbpx
من انفجار مرفاء بيروت، إلى كارثة صافر اليمني

 

كتب/ علي عبد الله البجيري
كان لبنان قبل الانفجار يعاني من أزمة سياسية واقتصادية حادة، ادت الى عدم الثقة بين الشعب والحكومة،ازمة كانت محل جدل مثير وتداول واسع النطاق على صفحات صاحبة السعادة اللبنانية.
وكان الاجماع وتوقعات المراقبين من ان لبنان  ينحدر إلى “الجحيم” خاصةً بعد  تعثّر المفاوضات بين ممثلي صندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية.
لقد أدى إنفجار مرفأ بيروت.إلى خلط الأوراق السياسيية والاقتصادية والأمنية والصحية والمجتمعية، مما اعتبره البعض بأنه أعنف زلزال ليس فقط باضرارة المادية، بل وبأضراره المعنوية وبما كان يحلم به شعب لبنان من مستقبل أمن واقتصاد ثابت وحياة مستقرة. هكذا عصف إنفجار مرفأ بيروت بأحلام وحياة أناس تواقون لحياة كريمة ضلوا يحلمون بها والعيش تحت رمزية شجرة الأرز الحالمة التي يستظل تحتها جميع الاديان والطوائف في لبنان.
بحدوث الانفجار الفضيع،انقلبت التوقعات وضاعت التمنيات والمعالجات السياسة والاقتصادية، ومعها توقفت جهود الخروج من عنق الزجاجة وزادت من مسافات التباعد وفقدان الثقة بين الشعب والحكومة والطبقة السياسية واحزابها الطائفية التي تتحكم بمصير لبنان منذ الاستقلال في عام 1943.
ولعلنا نطرح بعض الملاحظات، ونوجز ذلك فيما يلي:
اولا: لقد فشل نظام المحاصصة الطائفية في صياغة نظام مدني، ديمقراطي حقيقي، يخرج البلاد من  الطائفية التي أنتجت فساداً تحول مع الزمن إلى مؤسسة تنهش البلاد والعباد.
ثانيا: لقد أضحت الطائفية هي الداعمة والمحرضة لكل النزعات المذهبية، باعتبارها السلاح الفعال لإبقاء اللبنانيين أسرى تحت سيطرتها، وهي إمتداد لأسباب الحرب الأهلية في سبعينيات القرن الماضي.
ثالثا : رغم المحاولات العربية لاخراج لبنان من دوامته المزمنة، الا انها منيت بالفشل، بل إنها وأمام إصرار النخب السياسية اسست لإطالة عمر المحاصصة الطائفية، ومعها اصبح “اتفاق الطائف”حبراً على ورق.
رابعا: ان الانفجار المزلزل الذي ضرب مرفأ بيروت كشف الطائفية ونظمها، كطبقة فاسدةً وفاشلةً، تتحمل مسؤولية كل ما جرى لهذا البلد من مآسٍ وكوارث منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا.
خامسا : لقد كانت زيارة وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان للبنان صادمة للنخب السياسية، اذ قال عقب اجتماعه بالقادة اللبنانيين في بيروت “ساعدونا لكي نساعدكم هي الرسالة في زيارتي”.
حديث الوزيرالسيد لورديان قبل الانفجار بأيام كان بمثابة الانذار وهو ما لم يرضي الطبقة الحاكمة وأحزابها الطائفية.
سادسا: الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار لبنان عقب الانفجار وجه رسائل قاسية إلى الطبقة السياسية من جرّاء فشلها، مقترحاً «إعادة تأسيس ميثاق جديد»، وإجراء الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي.

إلى هنا يسمح لي القاري الكريم استعراض اوجه الشبه بين الازمةاللبنانية واليمنية
وهي رسالة اتوجه بها إلى بني وطني الكرام :
هل من استوعب الدرس اللبناني في بلادنا ؟ فتشابه الازمة اللبنانية واليمنية واحد :
* في لبنان طوائف مسيحية وشيعية وسنية، وفي اليمن زيدية شيعية وسنية شافعية.
* هناك حزب الله وفي اليمن انصارالله، هناك أحزاب قومية واخوانية، وفي اليمن النسخة الثانية، هناك مليشيات وفي اليمن صورة طبق الاصل، فشل حكومي وفساد مستشري ونهب للمال العام، ومثله في اليمن وأكثر.
* الفارق الوحيد هو ان في لبنان شعب مثقف وصحافة راقية وقنوات فضائية حرة وشعب يؤمن بالنظام والقانون، رئيس البلاد يتم التوافق عليه في البرلمان وفقا للتقسيم الطائفي ثم يتوجه إلى قصر بعبدا، بينما المنتهي ولايته يعود إلى بيته أمناً سالماً مستقراً. وفي اليمن لا صحافة حرة ولاقنوات مستقلة، ولا شئ يساعد على تطبيق النظام، ولارئيس يأوي إلى داره مطمئنا. بل وعلى العكس من ذلك فان مصير اي رئيس في اليمن هو اما ان يقتل او ان يهرب الى خارج البلاد. بينما القادم الى القصر الجمهوري يترجل على ظهر دبابة عسكرية وأن كان تحت مسميات وشعارات زائفة.
* الدرس الأهم الذي ينبغي استيعابه ان” نترات الأمنيوم التي دمرت مرفأ بيروت ومعه ربع العاصمة اللبنانية، وقتلت 165 مواطن ومواطنه وجرحت 6000 الف مواطن، وشردت 300 الف اسرة، هو ما ينتظره اليمنيون بل وأكثر مما حدث في لبنان لاسمح الله. هذا في حال تسرب النفط الخام من على سفينة صافر الجانحة في البحر امام الحدود الغربية اليمنية. ومع ما يشكله ذلك من خطر محدق فان دول الإقليم والعالم ومعهم الأمم المتحدة ومجلس ألامن لا يحركون ساكنا.
والتوقعات هي حدوث تلوث بيئي لا مثيل له في التاريخ، يقضي على ثروات البحر الاحمر السمكية والمرجانية، ويلوث مياهه وسواحله، ويعيق حركة الملاحة الدولية.
*  هناك اوجه الشبه بين كل من الانفجار اللبناني والانفجار اليمني القادم.
دق الخبراء ناقوس الإنذارات مراراً وتكراراً من امكانية حدوث كارثة قادمة، يمكن الوقاية منها، مع الأسف لا هناك من يقراء ولا هناك من يسمع ولا هناك من يستجيب.
صافر هي الانفجار الكارثي القادم في غرب اليمن
“فإن كنت لا تدرى فتلك مصيبة … وإن كنت تدرى فالمصيبةأعظم”.