fbpx
إيران تتخلّى عن لغة التهديد وتسعى لاحتواء التوتر مع أذربيجان
شارك الخبر

 

يافع نيوز -العرب

بعث وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان برسائل ودية إلى أذربيجان، قائلا إن “العلاقات بين طهران وباكو ستنمو في ظل الاحترام المتبادل”، في موقف جديد خلافا للغة التهديد والوعيد التي اتخذتها طهران في الفترة الأخيرة، ضمن حالة التوتر المتفاقمة بين البلدين.

 

وكتب عبداللهيان في تغريدة الأحد، أن البلدين “جاران مسلمان، وبينهما الكثير من المشتركات”. وقال إنه أجرى محادثات هاتفية “صريحة وودية وبناءة” مع نظيره الأذري جيحون بابراموف حول خارطة الطريق للعلاقات الشاملة بين البلدين.

 

وأفادت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان عن اتصال هاتفي جرى بين عبداللهيان ونظيره الأذري بابراموف، هو الثاني من نوعه خلال أقل من أسبوعين.

 

وأوضحت أن أمير عبداللهيان “حيّا الإفراج عن السائقين الإيرانيين اللذين كانا محتجزين في جمهورية أذربيجان”، معتبرا أن ذلك يشكّل “خطوة بنّاءة يمكن أن تهيّئ الظروف اللازمة لحل سوء الفهم” بين البلدين الجارين.

وجاءت تصريحات عبداللهيان بعد إفراج باكو عن سائقين إيرانيين أوقفتهما الشهر الماضي، بتهمة عبور الحدود بشكل غير شرعي، في خطوة كانت من أسباب توتر العلاقات بين البلدين في الأسابيع الماضية.

 

لكن حجم الخلافات بين البلدين يشير إلى أن الحلول تحتاج إلى أكثر من التصريحات الدبلوماسية لوزير الخارجية، وأن الإفراج عن السائقين مجرد خطوة رمزية بالنظر إلى حجم الخلافات بين الدولتين الجارتين.

 

ويبدو أن طهران امتصت غضبها بخصوص الوجود الإسرائيلي على حدودها، وتمسكت بالخطوة الإيجابية لأذربيجان بخصوص السائقين كمسعى إلى التهدئة وضمن بحثها عن أي مبادرة لتخفيف حدة التوتر الذي يزداد حدة كل يوم، فقبل أيام قليلة اعتقلت أذربيجان عددا من رجال الدين الشيعة داخل البلاد، من بينهم شخصيات معروفة على المستوى الشعبي، وقد وجهت إليهم تُهمة “الخيانة العُظمى” والولاء والارتباط بإيران وأجهزتها الأمنية.

 

ويتهم النظام العلماني في أذربيجان جارته إيران ونظامها السياسي باستغلال المشاعر الدينية في البلاد، لاستخدام رجال الدين هؤلاء كجزء من دعايتها السياسية وخلق شبكات من المتعاونين والموالين لها داخل أذربيجان.

 

ولا ينفصل هذا الاعتقال عن جملة من الإجراءات التصعيدية والحرب الكلامية في تصريحات مسؤولي البلدين خلال الأسابيع القليلة الماضية، فقد زعمت إيران أن أذربيجان تسمح بتواجد للجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود الإيرانية الأذرية، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، بلهجة تهديد في وقت سابق من أكتوبر الحالي، “أبلغنا باكو قلقنا من التحركات والتصريحات الإسرائيلية التي تنطلق من أذربيجان ونحن باستطاعتنا الدفاع عن أمننا بصورة مناسبة لكن نطلب من باكو العمل بالتزاماتها بهذا الشأن”.

 

وأضاف “منذ بداية حرب قرة باغ أطلعنا على تقارير حول تواجد عناصر إرهابية في أذربيجان وأبلغنا باكو قلقنا ونحن نتابع الأمر عبر القنوات الدبلوماسية”.

 

وتابع “لا نحتاج إلى التصريحات الإعلامية المؤسفة في ما يتعلق بالخلاف مع أذربيجان، وأبلغنا باكو أننا نحترم وحدة الأراضي الأذرية، وبلغناهم احتجاجنا حول احتجاز سائقي شاحنات إيرانية ونتابع الأمر عبر الطرق الدبلوماسية”.

وأعلنت إيران مطلع أكتوبر الحالي عن إجراء مناورات برية في شمال غربي البلاد على الحدود مع أذربيجان، وقالت إنها تهدف إلى تعزيز قوة الردع في مواجهة أي مخاطر احتمالية، الأمر الذي أثار انتقاد الرئيس الأذري إلهام علييف، منددا بخطط إيران لإجراء هذه المناورات، بينما أعربت طهران عن “استغرابها” لهذه التصريحات، وحملت باكو المسؤولية عن التعاون مع إسرائيل على مقربة من الحدود الإيرانية.

 

وحذر وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة في إيران العميد محمد رضا آشتياني، من وصفهم بالأعداء من القيام بـ”أي خطوة حمقاء وجاهلة”.

 

وكتب آشتياني في تغريدة على تويتر “من المؤكد أن أعداء الشعب الإيراني سيتلقون ردا ساحقا على أي خطوة حمقاء وجاهلة يقومون بها وسيدفعون ثمنا باهظا”.

 

وجاء تصريح وزير الدفاع تزامنا مع بدء مناورات “فاتحو خيبر” في شمال غرب البلاد بمشاركة لوائي الدروع “216” و”316″ واللواء “25” ومجموعة المدفعية “11” ومجموعة الحرب الإلكترونية والمجموعة “433” للهندسة القتالية، بدعم من مروحيات طيران الجيش.

 

واللافت أن قرار إجراء المناورات يأتي بعد تصريحات للرئيس الأذري في مقابلة مع وكالة الأناضول، انتقد فيها إجراء إيران مناورات عسكرية على حدود بلاده، بالتزامن مع إحياء ذكرى معركة “قرة باغ” الثانية.

وقال علييف “يمكن لكل دولة إجراء مناورات عسكرية على أراضيها فهو حق سيادي لها”، وتساءل “لكن بالنظر إلى التوقيت، نرى أنه ليس وقتا عاديا، لماذا الآن وعلى حدودنا بالذات؟”.

 

وردّت الخارجية الإيرانية بتأكيد الحق “السيادي” في إجراء المناورات، مع التشديد على أنها “لن تتسامح مع أي شكل من تواجد الكيان الصهيوني بالقرب من حدودها. وفي هذا المجال، ستتخذ ما تجده مناسبا لأمنها القومي”.

 

وجاءت المناورات العسكرية بعد أيام قليلة من فرض حكومة باكو رسوما جمركية على الشاحنات الإيرانية المتجهة إلى أرمينيا، لدى عبورها أراضي باتت تحت سيطرة قوات باكو في أعقاب النزاع بينها وبين يريفان في إقليم ناغورني قرة باغ العام الماضي.

 

وتعكس المناورات الهواجس التي تعيشها طهران جراء التطورات الأخيرة المتلاحقة في جنوب القوقاز، وكذلك تعزيز أذربيجان علاقاتها مع أكثر من طرف إقليمي ودولي وبشكل خاص إسرائيل.

 

وسبق أن كشفت مصادر إسرائيلية وعالمية عن صفقات سنوية بمعدل مليار دولار كل عام لتزويد أذربيجان بطائرات مسيرة وبأنظمة الأقمار الصناعية الإسرائيلية، وكانت باكو عام 2016 ثاني أكبر مستورد للأسلحة الإسرائيلية، والثالثة عام 2017.

 

ويقول مراقبون إن طهران تستغل التوتر مع إسرائيل التي تعزز علاقاتها وتعاونها مع أذربيجان، للتغطية على الأزمات التي بدأت تظهر تداعياتها، جراء خلافها مع باكو في أكثر من ملف، وآخرها حول نقل شاحنات الوقود الإيرانية والبضائع إلى حليفتها أرمينيا عبر إقليم ناغورني قرة باغ، الذي استعادت أذربيجان معظم أراضيه بعد حرب أواخر عام 2020.

 

وأسفرت تلك الحرب عن استعادة أذربيجان مناطق على امتداد 130 كيلومترا (81 ميلا) من حدودها مع إيران، والتي كانت أرمينيا تسيطر عليها منذ التسعينات. كما استعادت جزءا من الطريق السريع الرئيسي الذي يربط إيران بأرمينيا عبر أذربيجان، وهو طريق تجاري مهم إلى البحر الأسود وروسيا.

أخبار ذات صله