fbpx
لماذا يحدث كل هذا في الجنوب ..؟ “1”


كتب / أديب السيد

مدخل :

يقول أحد مفكري السياسة الإستراتيجية : “عندما يكون مصير شعب ما مطروحا على بساط البحث والنقاش، فإن قناعات قياداته هي من تؤمن طريق الخلاص . ويضيف : “ولكي تكون النتيجة حسنة، يجب أن تنسجم هذه القناعات مع مصلحة هذا الشعب .

وكحقيقة نقولها هنا انه لم يعد اليوم هناك من مسؤول أو مواطن لا يريد أن يستعيد شعب الجنوب دولته ومكانته وثرواته ، ولكن هناك من يريد أن يصل من طريق قريبة وشاقه وهناك من يريد أن يصل من طريق طويلة وغير شاقة ويبدو أن هناك سباقاً جنوبياً يريد جميع قيادات الجنوب أن يصلوا بها إلى الهدف الاستراتيجي لشعب الجنوب وهو “تحرير واستعادة دولة الجنوب”، بما يعني “تعددت الطرق والهدف واحد” .

إن الفترة القليلة الماضية  قد أ ظهرت وبجلاء ووضوح انه لا خلاف أصلاً بين قيادات وتيارات شعب الجنوب بتاتاً إلا في عقول الصحفيين والصحف والمواقع التابعة لأحزاب الاحتلال اليمني وكذلك في عقول وأفكار أولئك الذين لم يستطيعوا أن يستوعبوا مرحلة ما نحن عليه اليوم والذين ترسخت في عقولهم أفكار التخوين والاتهامات وتوزيع صكوك الوطنية وهم بذلك يضعون أنفسهم في موضع يخدم كثيراً قوات الاحتلال وينسجم مع خططه وجرائمه التي تحاول أن تشق الصف الجنوبي وتجيش كل قواها من أجل ذلك .

نقل الحروب من صنعاء إلى عدن ..!

لا شك ولا ريب أن الاحتلال بجميع تياراته وأحزابه لديهم مشاريع وخطط تسعى إلى خلط الأوراق في الساحات الجنوبية وخاصة الأوراق السياسية التي تخص الجنوب والقضية الجنوبية ، فما يحدث في الجنوب اليوم  من زعزعة الأمن والاستقرار  ليس من محظ الصدفة ولا إفرازات المرحلة كما يقال ، بل هي مخططات تم الاعداد لها بدقة وجودة إجرامية فريدة .

ولا عجب أن يتحول الصراع من صنعاء إلى عدن ومن الشمال إلى الجنوب ، فعندما كانت اقطاب نظام الاحتلال تتقاتل في الشمال وتتناحر لم تكن أصلاً غافلة من الوضع في الجنوب بل كانوا يتقاتلون وعيونهم على الجنوب وما يحدث فيه ، حتى أتت المبادرة الخليجية الاثمه لتعيد لهم هدوءهم  وتعطيهم الفرصة المناسبة لاستعادة عبثهم بالجنوب ومناطقة .

لقد تحول صراعهم الدامي من داخل عقر ديارهم ألى ديار غيرهم وأرض غير ارضهم ، وهو ما جعلهم يؤججون المواقف والصراع  ويتقاتلون باداوات وضحايا ليست لهم صلة بها إلا أنهم يستخدمونها لتنفيذ مشاريعهم ومخططاتهم البشعة .

فظهور تلك التيارات المسلحة الجديدة لم تكن صدفة بل هي تيارات عدة تتوزع ادواراً معينة لمحاولة أسقاط مدن الجنوب بايديهم وبتسهيلات ودعومات من قيادات شمالية في الجيش ويتواجدون في الجنوب .

ومن الأدلة الثابتة على ذلك أنه لا احد من قيادات الجيش الشماليين ذهبوا إلى أبين للقتال والمواجهة مع ” أنصار الشريعة ” وقد سبق وان سلم قيادات شماليون الاسلحة والعتاد لتلك إلى الجماعات المسلحة في أبين ، ولم يصمد ليقاتل فيها غير قيادات الجيش الجنوبيين الذين شعروا بمرارة أن تسقط محافظات الجنوب ومناطقها بايدي مسلحين لم يكن لهم من قبل ذلك اي شيء يذكر في الساحة والواقع الجنوبي ، ويظهر واضحاً هنا انه لولا صمود قيادات الجيش الجنوبيين وصدهم لتمدد تلك الجماعات المسلحة في مناطق الجنوب المعزولة من السلاح  لكانت اليوم قد سيطرت تلك الجماعات على أغلب معسكرات الجيش المتواجدة في الجنوب بل وأحتلت مناطق الجنوب بفعل التسهيلات التي تركها لهم قيادات الجيش الشماليين في الجنوب .

ولا ننسى هنا أن تلك المخططات لم تأتي الا بعد محاولات يائسة لتلك القيادات الشكالية بخلط الاوراق على الجنوبيين من خلال دعم قطاع الطرق وتشجيعهم على ذلك ومحاولة بذر الفتنة بين قبائل ومناطق الجنوب المختلفة  .

إذا أشتدت الازمة إنفرجت ..!

لا شك أن الازمة والصراع المسلح الذي يشهده الجنوب هو الاول من نوعه وفي تأريخه عبر الزمن ، فإلى جانب أنه صراع عبثي فهو صراع غير مفهوم الملامح السياسية ،سوى انه مخطط من إعداد وأنتاج قوى الاحتلال المختلفة التي لا تريد أي خير في الجنوب حتى يتمكنوا من استمرار استنزاف الثروة النفطية والبحرية وتوريدها إلى ميزانيات خاصة بهم .

إن ما يشهده الجنوب اليوم هو أوج الازمة المسلحة التي لا تمت بصلة إلى قضية شعب الجنوب ومطالبه السياسية العادلة المتمثلة باستعادة دولة الجنوب ارضاَ وانساناً وثروة ، فما يحدث أصلاً صراع بعيد جداً عن أهداف وغابات الشعب الجنوبي الذي يناضل وبكل قوته في الميدان السلمي من أجل نيل حريته وكرامته التي استباحتهما قوى الاحتلال اليمني واحزابه السياسية .

ولقد بات اليوم المواطن الجنوب في انحاء الوطن الجنوبي يشعر بالاسى والغربة وتقطع الحسرة آماله التي لن تتحقق ما لم يحدث ما يحدث اليوم ، فمن الصعب جداً أن يترك إحتلال أرضاً خيرة وثروة نادرة لمجرد أن الشعب ومالك تلك الارض والدولة قد خرجوا سلمياً يريدون استعادة دولته خصوصاً مع وجود أشباه الجنوبيون مشاركون في حكومة تلك الاحتلال التي تدعي تمثيلها للوحدة اليمنية .

وحقيقة لم يكن أي أحتلال شريفاً يوماً ما ، فحتى الاحتلال البريطاني الذي يوصف “بأفضل أو اخف استعمار او احتلال عالمي ” قد عاث وعبث وأرض الجنوب عندما حانت ساعة رحيله من الأرض التي ليست أرضه والتي احتلها ما يقارب من القرن ونصف القرن .

وهكذا سيكون الاحتلال اليمني بل أنه سيكون أبشع وافضع واكثر ارهابية ووحشية من الاحتلال البريطاني وما يحدث اليوم في الجنوب هو دليل واضح عل صحة ذلك ، ولا عجب من ذلك فقد أثبت التاريخ والوقائع الحادثة اليوم  أن الانظمة العربية بل أن الحكام العرب وقيادات الجيوش العربية هو أكثر صهيونية وأجرامية وأرهاب من قيادات جيش ونظام ابشع دولة أجراماً وقتلاً وهي دولة “اسرائيل “، طبعاً هذا الوصف لاسرائيل كان قبل ظهور ثورات الربيع العربي التي كشفت مدى الوحشية والاجرام للعرب وأنظمة دولهم  .

أن هذا الازمة التي تظهر بصورتها القاسية في الجنوب ما هي إلا بشارات النصر الاخيرة وعلامات استنفاذ الاحلال لكل أوراقة وقدرته على السيطرة ، وهي تظهر مدى ضعف الاحتلال اليمني على ارض الجنوب وتخبطه في نقل مشاريعه المسلحة في مناطق الجنوب دون استكمال مخططاتها المرسومة .

فالفجر قادم لا محاله ..والنصر آت لا جدال فيه ..والتحرير بات على قاب قوسين أو ادنى من شعب الجنوب ..وما على الجنوبيين اليوم إلا أن يبدأوا بوضع حجار اساساتهم لدولتهم وانظمتها الداخلية وشكلها الديمقراطي الحديث الذي يتواكب مع العالم وانجازاته العلمية والمنظوماتية الحديثة .