fbpx
ياروح مابعدك روح

 ياروح مابعدك روح

عبدالسلام بن عاطف جابر

(سُئل أعرابي كيف تعرف الله , فقال : البعرة تدل على البعير وأثر القدم يدل على المسير , فسموات ذات أبراج وأرض ذات فجاج أفلا تدل على العليم الخبير) ,, مروية تدفعنا للقول أن وراء كل عمل مدبِّر تستطيع أن تتعرف عليه من خلال نتائج ذلك العمل .

وإذا سئلنا أنفسنا من يكون وراء إطلاق الجنود اليمنيون من قبضة أنصار الشريعة بوساطة جنوبية ؟ بطبيعة الحال سيكون الجواب المستفيد . إذاً فمن المستفيد ,, ومن المتضرر ؟؟

ومن وجهة نظري انَّ المستفيد الأول هم أنصار الشريعة , والمستفيد الثاني حلفائهم في سلطة صنعاء المخلوعين والمتبقين فلا يختلف اثنان أن اللجان الشعبية في لودر بدعم سري من الرئيس منصور كبدتهم خسائر فادحة , برغم تفوق أنصار الشريعة في القوة النارية ,, وهذا يعد حافز كبير لبقية المناطق أن تحذو حذو لودر ,,, وهذا يعني أنَّ أنصار الشريعة في مأزق قادم , قد يفقدهم العمق الاستراتيجي (زنجبار) أو يجعله مهدداً , ما يعني أنَّ مؤخرتهم لم تعد آمنة بالقدر المطلوب ,, ونتيجة لذلك تغير قواعد الاشتباك.

ولو رجعنا إلى توقيت اعلان قتل الجنود في 23 ابريل , لوجدناه بعد تحقيق اللجان الشعبية انتصارات ملموسة على أنصار الشريعة , برغم استخدام أنصار الشريعة الدبابات والمدفعية الثقيلة , وواكب ذلك عدم تدخل القوات الجوية ضدهم بسبب تمرد قائد القوات الجوية ,, وهذا يؤكد أنَّهم فهموا الوضع , ووضعوا الخطط المناسبة للتعامل معه .

وبالعودة للسؤال كيف يستفيد أنصار الشريعة من اطلاق الجنود ؟ إنَّ خسارة العمق الاستراتيجي تدفع بالمحارب إلى أحد خيارين إما الاستسلام أو حرب عصابات , يطور إمكانياته القتالية ويحافظ على الامكانيات ويحافظ على المعركة ويتخلى عن الأرض ويذوب في نسيج المجتمع في الأحياء والجبال , ويصبح عمقه الاستراتيجي إيمانه بالمعركة والبندقية .

وحمل 73 اسير في قواعد الاشتباك الجديدة يعتبر مستحيل , وبذلك لم يعد لديهم من خيارات غير خيارين , الأول : قتل الجنود , والثاني : الاحتفاظ بهم في زنجبار حتى سقوطها مايعني تحريرهم بالقوة , وفي كلا الحالتين تكون الخسارة المعنوية لأنصار الشريعة كبيرة جدا , وتولد مزيد من الرفض لهم والتذمر بين صفوفهم , وبالمقابل ترتفع معنويات الطرف الآخر بتحقيق إنجاز التحرير للجنود وتنامي البغض الشعبي ضدهم بسبب قتل الأسرى العزل.

وكما أن هناك مستفيد فهناك متضرر ,, والمتضرر من وساطة جنوبية لإطلاق جنود سلطة صنعاء من وجهة نظري هو الجنوب ,, فمن المعيب أن يكون لأي شخصية في الحراك الجنوبي السلمي مشاركة في هذه الحرب الدائرة , بل من المضحك أن يكون لهم دور في حل خلاف المستعمر بشقية (السلطة والمرتزقة) ,, وبالنسبة للقبائل الجنوبية , من المخزي قيامهم بهذه المبادرة (التي لم يطلبها منهم أحد) , وبنفس الوقت تجاهلوا الكتابات والتصريحات الكثيرة لصحفيين وسياسيين سعوديين تطالبهم بالسعي لإطلاق سراح نائب القنصل السعودي في عدن المختطف لدى نفس الجماعة فكيف ستكون النظرة السعودية للقبائل الجنوبية ؟؟

ومن النتائج التي يجب أن يتنبه لها شيوخ الوساطة أن يستعدوا لطلب المقابل , فكما أن أنصار الشريعة احترموا وجوههم ولبوا طلبهم اليوم , فليستعدوا لرد الطلب غداً ,, فهل سألوا أنفسهم ماهو الطلب الذي سيطلب منهم ؟؟ في رأيي لن يكون طلباً مستحيلاً , فيكفي أنصار الشريعة التستر على وجود عناصرهم في مناطق شيوخ الوساطة .

ومن النتائج المترتبة على الوساطة ,, (القيل والقال) ,, فقد يقول قائل : إنَّ هؤلاء الشيوخ هم مع أنصار الشريعة ولكنهم من الخلايا النائمة , يرتدون قميص عثمان ويخلعونه كلما دعت الحاجة ,, ويقول آخر: بل هم أتباع علي محسن الأحمر الراعي الرسمي لتنظيم القاعدة ,, ويقول ثالث : بل هم أتباع الرئيس صالح أو أحد فريقه بوصفه المؤسس الأول لأنصار الشريعة والحريص على بقائهم ,, ويقول رابع : بل هم من طالبي الشهرة وإن كانوا رجال دين , وجدوا الظهور في قضية تهتم العالم أفضل سبل الظهور ,, أمَّا المتحيِّز للمشايخ : فسيقول هم شخصيات صادقة لا يفقهون كيف تساس الأمور حالهم حال الصحابي الجليل ابي ذر الغفاري , عندما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أبا ذر إنك رجل ضعيف …الخ )  ,, ويقول خامس : بل هم كل ماسبق ,, كل هذه الأقاويل واردة وغيرها قد يكون أعظم.

عبدالسلام بن عاطف جابر

3 مايو 2012