fbpx
نهاية بطل !!

 نهاية بطل

وجدان اليافعي

حينما بلغني خبر وفاة الناشط الجنوبي الفذ صالح عبد الحافظ بن شجاع اليافعي في تاريخ 6/5/2012,شعرت كما كل أصدقاء ومعارف الرجل وتلاميذه,بالخسارة الفادحة,لأن هذا المعلم كما يعرفه كل من تعامل معه عن قرب كان نموذجآ للدماثة والنبل وسماحة الخلق والتواضع الإنساني,بالإضافة إلى أنه جسد نموذجآ لشباب الجنوب,قدم فيه إنجازات وتضحيات مميزة في سبيل إستعادة أكبر القضايا الا وهي قضية الجنوب,في ظل سيرته العامرة بالولاء كان حينها قد سطر بدمه المستباح على أرض الجنوب أروع القيم التي تميزت بالجدية التامة.

حقيقة مع ذلك فلست أبتغي من مقالي هذا عن الراحل الكبير مرثية وتأبينا لرجل ذو شخصية  نبيلة,فليس في وسع مخارج الحروف وكلماتها ان تعبر عن قدر الرجل ومكانته لدى محبيه,بقدر ما أسعى من خلال كتابتي هذه لأضاءة كل المعالم لجهوده ونشاطاته في سبيل إستعاده كبرى القضايا .

إذا تأملنا ورجعنا قليل للوراء  وتحديدآ ولا اخفيكم العصور الوسطى ,سنجد أن أوربا كانت آنذاك تتوسّد ظلامها ويبيع كهانها من رجال الدين,بسلتطهم البابويّة والكنسيّة صكوكآ لعامة المؤمنين بالمسيحية في حقيقة الأمر هم زاعمين إنها تمنحهم القليل من الغفران من ذنوبهم,نحن بالمثل أيها البطل نتوسل بافكارك وقيمك وكل شئ دون به قلمك,نحن بحاجة إلى تجاربك التي برغم إنكسار ضوئها المنبثق منك والمتمثل في شخصك الكريم إلا إن مجراها حاضر في دماء كل جنوبي حر,فالكلمات التي نطقت بها قبل خلودك إلى الرفيق الإعلى ستتردد على كل الألسن,وسيتشرف التاريخ بتسطير حياتك بماء الذهب.

مضت علينا سنوات من الزمن وصف فيها أولئك الداخلين تحت عباءة (أرض بلا شعب),بكل مافي قاموس اللامسئولية من مفردات,بل وجعلوا منا عما في جسد الحاضر من علل,ثم جاءت ايامك ايها المعلم لتدحض كل ما التصق بشعب الجنوب,فلم تكن تلك الأيام مجرد حراك ومسيرات ومطالبة حقوق وإستعادة دولة أو فك ارتباط,بل أصبحت في قراءتها الشاملة ثورة عصر,حقيقة علينا جميعآ ان نتمعن فيها ونتامل في فلسفتها وكل تفاصيلها.

تصريح رئيس وزراء بريطانيا  ديفيد كاميرون عن الثورة المصرية حين قال((يجب ان ندرس الثورة المصرية في المدارس)),فنحن كذلك يجب ان نعلم كل ابناء الجنوب روعة تجاربك ايها المعلم وان يسير الكل على خطاك التي بدايتها تضحيات متواصلة  ونهايتها مهما كلفنا من ثمن ودماء إستعادة دولة الجنوب.

أعجبني مقال للشاعر والكاتب اللبناني ((أنسي الحاج)) حين قال:<أنا واحد من المساكين الحالمين بشعب واحد,تجمعه قضاياه الإنسانية وتحفزه تطلّعات نخبه وأحراره وتدعوه ثورات على الذات وعلى أمراض الجماعة لاثورات دينية يتذابح فيها النعاج>.

أيها الشعب الجبار,شعب الجنوب,  القيادات….. لأجل شهيدنا إعيدوا لعبة تحريك الكراسي ووحدوا الصف من أجل إزالة سرطان عجز عنه كل اطباء العصر المتمثل في اللامبالاة تجاة النفس البشرية.

شهيدنا البطل كنت أستمع إليك بإعجاب بالغ وأنت تخاطب أبناء الجنوب في كل مكان وطأت به  اقدامك,كنت تتحدث بلساننا جميعآ,كنت تنقل رغبتنا للقادة الذين حضروا او اوفدوا من ينوب عنهم في  اماكن جاءت وسط أحداث شائكة ,كان الجميع يفكر في كل شئ,وكنت انت تفكر في أهم شئ الا وهو القضية الجنوبية.

عندما كان دوي الرصاص يتصاعد من سيارتك وعلى أرض محتلة,كانت لكلماتي وحروفي مهمتها المحدودة,ليس في تحفيز الهمم للنضال,فلم تكن الهمم لأبناء الجنوب المشتاقة للحرية بحاجة لتحفيز عن طريق سرد كلمات,ولكن لأستشراق صورة المواطن الجنوبي المشرقة وتصوير نضالاته السابقة والحاضرة وتعزيز الإحساس في أرض تشبعت بدماء الضحايا والشهداء حتى هذه اللحظة.

تغمد الله الفقيد بواسع الرحمة وان يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان ..انا لله وانا اليه راجعون.

Email:whs_2008@live.com