fbpx
شعب المواقف ولكن بالعواطف !!.

 

بقلم : حسين صالح غالب السعدي

يمين ، شمال ، انزل اطلع ، إلى الأمام سر ، نفذ ثم ناقش ، ما رأيك في فلان ؟  الجواب سريعا دون مقدمات : فلان تغير ـ أصبح عميل وخائن !! ولكن فلان الثاني الذي اختلفنا معه الأسبوع الماضي ، تغير ولم يعد عميل وخائن !! ويصلح أقل مرتبة له زعيم وقائد !!! هكذا العاطفة الجياشة بعيدا عن أي اعتبارات دينية أو خلقية أو وطنية .

 

أين الوازع الديني الذي نرتبط به كمسلمين ؟

أين المبادئ والقيم حتى نقيم الناس ، فنرفع هذا ونضع هذا بالهوى والمزاج ؟

أين العقول الراجحة حتى نستطيع من خلالها معرفة الراجح والمرجوح ؟

أين … أين … ؟ لا جواب سوى { إن لم تكن معي فأنت ضدي } .

هل هذا هو الدين الإسلامي الوسطي السمح الذي نؤمن به ؟

هل هذه الثقافة التي غزت عقولنا منذ العام 67 م إلى يومنا هذا ؟

 

نتكلم كثيراً ، ونناقش كثيراُ ، ونكتب كثيراً ، دون مبالاة وحساب بالثواب والعقاب في الآخرة ، فنبينا عليه الصلاة والسلام قال لمعاذ : ( … ألا أخبرك بِمَلاكِ ذلك كله ؟ ) ، قلت : بلى يا رسول الله . فأخذ بلسانه فقال : ( كُفَّ عليك هذا ) ، فقلت : يا رسول الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ( ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب النَّاسَ في النار على وجوههم – أو على مناخرهم – يوم القيامة إلا حصائدُ ألسنتهم ) .

 

إلى نفسي الأمارة بالسوء وإلى كافة إخواني وأخواتي أهلنا وناسنا : فلنحافظ على الوسطية في أمورنا والتدرج في دعوتنا والتثبت في الأحكام على أهلنا وناسنا فنحن أصحاب قضية ، والكل يعمل لصالحها وكلا له وجهة نظر، فلا تخوين ولا إهانات ، ولا مزايدات ورفع من لم يستحق الرفع فوق قدره ، فالأمر خطير ، ووضع العباد والبلاد في مهب الريح ، إن لم نتغير ، ويجب أن نتغير وكلا منا يغير نفسه من هذه اللحظة ، ونراجع أنفسنا ونحفظ ألسنتنا إلا من الخير ، بعد ذلك سيصلح أمرنا ويصلح جنوبنا إن شاء الله ، وأملنا بالله كبير وكبير جدا .

 

فلا تلوموا المنظمات والبلدان القريبة والبعيدة من لا يسمع لنا ، لأننا تركنا فجوة فيما بيننا في أمور يجيز فيها الاختلاف في وجهات النظر من أجل الصالح العام ، وشعب الجنوب هدفه واحد وهو رفع الظلم عنه وتحريره من براثن الظلمة والظالمين والمتنفذين والمفسدين ، فلا داعي للتشدد والتمييع ولا داعي للمزايدات ولنتعلم من التاريخ وممن سبقونا وكيف كان سبب هلاكهم بسبب اختلافاتهم وتشددهم ، فيكفي ما نحن فيه ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، نحن بحاجة الى الكل في تحمل المسئولية حتى نجد من يتعاطف معنا ويأخذ ويعطي معنا إذا سلكنا منطق التوسط والاعتدال في كل أمورنا الحياتية في الدين والسياسة والثقافة فلا إفراط ولا تفريط ولا تخوين ولا مزايدات بعدها تصلح أمورنا والله معنا ولن يتركنا هملا ، فهل من رشيد ؟ وهل من عاقل حكيم ؟ وهل … وهل … إن شاء الله أن الجواب ـ نعم ـ ولا يخلوا جنوبنا من الأخيار الأطهار والخير كل الخير فيكم ولكن لا تدار الأمور بالعواطف الجياشة حتى لا ننصدم بجدار عازل ولا تفريط للمجرمين والمتنفذين في الهيمنة والركون على سراب وإنما تدار الأمور بالوسطية والاعتدال وكلا له دوره ، وله احترامه مهما اختلفنا ما دام الهدف واحد وبين .

وفق الله الجميع إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد ، والحمد لله رب العالمين .