fbpx
أمين الجنوب.. قصص وحكايات



في بهو أحد فنادق العاصمة الأردنية عمان كان ابني أمين ذي الأربعة أعوام حينها يتنطط بشقاوة طفولية ملفته ، مرة يضغط على زر المصعد ومرة يغلق التلفاز ومرات يمازح بعض القاعدين بوقار في صالة الانتظار.
حركات أمين أثارت اهتمام أحد كباتنة طيران اليمنية كان يجلس الى جواري فنادى عليه :ما اسمك رد امين ببراءة ردا صعق الكابتن بقوله :أمين الجنوب.
و(امين الجنوب )هو الاسم الذي كان اولاد عمه يحرصون على ان يحفظه أمين جيدا قبل حفظه لاسم ابيه ، وهو بالطبع ماراق له وتمسك بتلابيبه وكان يعرف نفسه به دائما حتى في اماكن كانت تسبب لي حرجا كبيرا.
حاول الكابتن ان يقنع امين ليقول أنا امين اليمن لكنه كان يرفض ويضحك وهو يجرى هاربا.
أحد الجلوس لم يستطع ان يخفي غيضه مما أعتبره حشو عقل طفل بأفكار خاطئه موجها لومه الي ،وكانه يريد ان يعلمني دروسا في الوطنية.
قلت للرجل إعلم اولا انني لست من زرع فيه هذه الفكرة،وان كنت لم اعترض عليها، اما ثانيا فأظنك ان حسبت الأمور بواقعية لوجدت هذا الطفل البريء محقا في نفوره من وطن لم يقدم له شيئا،والا كيف يمكن ان تفسر لي ان تاتي انت الى عمان وتسكن في أرقى فنادقها وتتلقى العلاج في اكبر مشافيها مجانا وعلى حساب الدولة في حين يأتي هو على ذات الطائرة ويسكن ذات الفندق ويدخل ذات المشفى ولكن على حسابه ؟؟؟
عموما منذ تلك الساعة تولدت بين امين والكابتن علاقة رائعة وكانت تدور بينهما حوارات جميلة يقتنع خلالها أمين بكل ما يقوله صديقه الطيار الا حكاية ان يتنازل عن لقبه المحبب.
مرت الأيام وشاءت الصدف ان تكون رحلة العودة على رحلة اليمنية التي يقودها الكابتن العزيز الذي قال انه سينتهزها مناسبة لتركيع أمين عندما أخذه من وسط الطائرة الى قمرة القيادة فأغراه بالهدايا وبالصور ثم سأله قل لي الآن ايش اسمك فرد أمين سريعا: أمين الجنوب .. قال الكابتن ان لم تقل امين اليمن با ارميك من الطائرة ،فرد امين باستهتار وهو يضحك :عادي ارمي أمين الجنوب أمين الجنوب.
اليوم تذكرت هذه الحكاية وانا أرى حماس أمين للطفل اليمني الموهوب شهاب الشعراني والحاحه علي للتصويت له ليفوز بلقب كنز طيور الجنة قائلا اشتي صاحبنا يفوز.
عودة اليمنية الى أمين تذكرني بحكومات اليمن المتعاقبة التي لاتعرف أحدا ولا تعترف به الا اذا كان متميزا أو متفوقا ، فتنسبه اليها ،وان عارضها او انتقدها نزعت عنه كل شيء حتى أصله وجنسيته .