fbpx
الجنوب الحضرمي والفنون الغنائية والشعرية الجنوبية / أحمد سالم بلفقيه
شارك الخبر

في هذا الموضوع نحاول أن نقدم للقارئ الجنوبي نوع مختلف عما عودناهم في الماضي من أسلوب كتاباتنا السياسية المعتادة التي بها كنا نخاطبكم ولكن من خلال هذا الموضوع وهو المرتبط بالهوية الجنوبية المتميزة والمختلفة عن الهوية اليمنية فعكس يمننة حضرمة والعكس صحيح .
إن موروثنا الثقافي والحضاري العابر للحدود والبحار وصولا لقارات العالم المختلفة ومنه المرتبط بموروثنا الفني والمنتشر عبر فنانينا ومثقفينا من الحضارم الجنوبيين المهاجرين وهذا ليس تخصصنا ولكن لدينا القليل من الإلمام به كوننا نتعايش يوميا معه ليكون بداية محفزة لكل المتخصصين والكتاب الملمين بتفاصيل هذه الجزئية من موروثنا الثقافي والحضاري المشع المرتبط بالهوية الحضرمية الجنوبية وهو النبع الذي لا ينضب والذي يغترف منه كل من أراد من شعوب المنطقة والعالم فهو موروث ثقافي عالمي لنا كل الفخر بانتسابه لنا ولشعب الجنوب .
لقد تميز الجنوب أرضا وشعبا وتفرد عبر التاريخ ومنذ القدم بأنه جنوب حضرمي له خصوصياته التي تميزه عن جاره اليمني والذي يختلف كل الاختلاف عنه في مجال الفن واستخدام الألحان الجنوبية ومنها ألحان الدان وكذا بقية الأصوات والألحان والإيقاعات الحضرمية المشهورة والتي ظلت حكرا فقط على الفنانين الحضارم والجنوبيين عبر القرون الماضية،وقد أنتشر الفن الغنائي الحضرمي وألحانه وإيقاعاته بكثير من بقاع تواجد الحضارم بمناطق المهجر الحضرمي .
لقد تأثر المهجر الحضرمي بموروث الجنوب الحضرمي وخاصة ببلدان الخليج العربي سواء العربية السعودية أو الكويت أو دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان فقد كان التأثر والتأثير الفني الحضرمي بمناطق الخليج كبير وقد أبدع الفنانون الجنوبيون والخليجيون ببلدان المهجر وقدموا للفن الجنوبي الكثير من الإضافات الايجابية خاصة الفنان المنهج والمدرسة الفنية الأستاذ أبوبكر سالم بلفقيه وسفير الجنوب الحضرمي بدول الخليج فقد كان لدى الخليجيون القدرة على استماع واستيعاب الفن الجنوبي والقدرة على التفاعل مع إيقاعاتنا وألحاننا حتى صار تراثنا وموروثنا متداخل ومترابط بحكم التواصل والتمازج الفني والحضاري فيما بين حضرموت وشعوب دول الخليج العربي حيث قدم الفنانون الخليجيون صور جميلة لمقطوعات حضرمية بها من الإبداع الشيء الكثير أما اليمنيون فهم قريبا وبعد عام 1990م عرفوا عنا بعض التفاصيل وهم قبل ذلك لا يعرفوا عنا من شيء إلا ما عرفوه من خلال ما قدم لهم وللعرب فنان الجنوب الحضرمي الأستاذ أبوبكر سالم بلفقيه فبالمقارنة نحن نعتبر أن الخليجيون هم أقرب لنا في هذا المجال من اليمني ويتجلى ذلك في فنون أهل الخليج في بصمات إيقاعاتنا وألحاننا التي تتناسب ومزاجهم الفني وإيقاعاتهم الشرحية وكذا في اتخاذ أغانيهم لبعض قصائدنا الحضرمية التراثية أو لبعض شعرائنا المعاصرين .
كما إن ببلاد المهجر البعيدة كالشرق الأقصى حيث طور الرقص الحضرمي بأرض الملايو الذي لازال يحمل نفس الاسم القديم (الزفين مصطلح حضرمي) فلازال يقال لمن يرقص مصطلح يزفن، كما أن الرقص اللحجي المستخدم بكل مناطق الجنوب قد أخذ طريقه إلي بقيه بلدان المهجر حتى صار الرقص الحضرمي فن شعبي عام لدول الخليج مع إضافة بعض النكهات واللون المميز الخاص بها ليعطيها لونها الذي يتناسب ومزاجهم الفني .
نحن نعلم أن الدان شبيه بالتفعيلة ضمن سياق البيت الغنائي للقصيدة ويستخدم كموال بكل محافظات الجنوب من المهرة حتى لحج منذ القدم وهو موال حضرمي جنوبي فقط .
ويستخدم الدان بكل بقاع الجنوب الحضرمي وكل الجنوبيين يستخدمونه في كل مقطوعاتهم الغنائية ووصلاتهم الشعرية أما اليوم فموال الدان ومصطلح الدان صار مستخدما في كل بلاد الجزيرة وتفتتح به الكثير من الأغاني وصار اللون الحضرمي بدانه ينافس المواويل الشامية والمصرية ولم يستخدم الموال الحضرمي (الدان) باليمن إلا قريبا .
إن الأصوات والألحان الجنوبية الحضرمية متعددة وكثيرة ولدينا من الأصوات الكثيرة منها أصوات الجمالة وكذا أصوات للمزارعين ومنها للصرابة وللسناة أصوات كذلك جميلة وبديعة وهناك أصوات للبنائين وغيرها الكثير وقد أبدع شعرائنا الفنانين الحضارم في إضافة الصور الجميلة لتعطى وتقدم في أشكال جميلة من الغناء الحضرمي .
أما اليمنيون سواء من أهل تعز أو سكان صنعاء أو غيرهم ممن يسكنون التهايم فلهم مواويلهم فأهل صنعاء لهم موال(الباله) وتستخدم كموال(الباله وبل بلي بال)ويقول فنانوهم(الباله الليل على الباله)وأهل تهامة لهم موالهم الخاص بهم وهو (الوونه)ويقول طارش فنان اليمن حين يغني اللون التهامي أو أحمد فتحي وغيرهم(فأيوب طارش يفتتح أغنية شارح الحول بووونه وونا) واليوم بدءوا باستخدام تراثنا الحضرمي وصاروا يغنوا أغانينا ويأخذون تراثنا دون الإشارة إلى حضرميتة أو أن يصمتوا حين يأخذوا ويغترفوا من تراثنا وهو الموروث الذي صار نهبا لهم وينسبونه لليمن وهو الذي لا يتناسب وإيقاعاتهم ورقصاتهم اليمنية المعهودة والمعروفة .
أن الإيقاعات الحضرمية والألحان من شرحية ومن دان حضرمي وغيره لم يكن يوما مستخدما باليمن ولم يستخدم الحضارمة الجنوبيون إيقاعات اليمن فإيقاعاتهم متميزة وبعيدة كل البعد عن الفن الحضرمي ولا يستسيغ الجنوبيون ألحانهم فإيقاعاتهم تختلف عن أسلوب إيقاعات الرقص الجنوبي الذي لا يتناسب ولا يتناغم مع الرقصات الجنوبية .
كما أن هناك لون آخر خاص من الاستخدام الجنوبي الحضرمي في المساجلات الشعرية أو من أراد من الشعراء أن يغير في قصيدته وينتقل من قافية ألي أخرى(في نفس القصيدة فأن الشعراء)عادة ما يفصل وهي(عادة)متبعة في كل بقاع الجنوب بمحافظاته الست ويقول الشاعر(خرج ذا فصل والثاني) وهذا لا يستخدم باليمن .
والله الموفق
بقلم :
أحمد سالم بلفقيه

أخبار ذات صله