fbpx
جمهورية السيسي القادمة ..!

 

كنت ولا أزال ضد السيسي ، ليس حباً في خصومه السياسيين “الإخوان المسلمين” ، وليس أيضاً كرها لشخصه ولذاته ، وإنما لكون ما قام به في (3 ) يونيو لا يمثل سوى صورة من صور الإستبداد ، والعودة بحكم الدولة إلى مرحلة ما قبل الثورات ، حيث كان للمؤسسات العسكرية  السطوة والقوة ، ولا تمثل أي معناً وطنياً للدولة سوى كونها حامية لعرش الزعيم المقدس !

نختلف نتفق مع طريقة حكم الإخوان لمصر بعد ثورة (25) يناير ، فهذا شيء ، لكن أن نناصر من قام بمخالفة واقع ما بعد الثورة والدوس على مبادئ الديمقراطية الوليدة في مصر فهذا شيء آخر يُسيء لثوريتنا التي ندّعي ممارستنا لها ، ولا يُعطينا الحق في أن نناصر حكم يُريد الإستقواء بالعسكر على مبادئ الثورة والديمقراطية .

فترة سنة أو سنتان في الحكم ليست كافية للخلف بأن يُصلح ما أفسده السلف طيلة سنوات ، ولا يزال لأتباع السلف المؤيدون دوراً في إثارة البلبلة والقلاقل في فترة حكم خلفه لُيقال كان في فترة حكم فلان كذا وكذا ، وهي طريقة عفنة في الإستدلال لا ينجر ورائها ويُصدق ادعائها سوى سطحيو الفهم !

قد يقول قائل أن الإخوان عند توليهم الحكم سعوا لأخونة الدولة على حساب بقية التيارات السياسية ، ولو نظرنا من بنظرة حيادية فكونهم كسبوا الإنتخابات البلدية والنيابية والرئاسية فهذا يُعطيهم الحق في الاستئثار بمناصب الدولة كونهم يفعلون ذلك وفقاً لإرادة الشعب الذي انتخبهم وأعطاهم صوته ، ومع ذلك فالقول بهذا ليس صحيحاً ، وليس سوى إعطاء مبرر للإنقلاب على الحكم ، فلو كان الإخوان قد عملوا على أخونة الدولة لكانت أول مؤسسة سيسعون لأخونتها هي المؤسسة العسكرية حتى تكون لهم سنداً في مخططهم للسيطرة على بقية المؤسسات وليأمنوا مكرها إن حاولت يوماً ما الإنقلاب على حكمهم ، إذا بدر منهم ما يتراءى أنه مخطط لأخونة الدولة .

أياً كانت مُبررات القوى الإنقلابية والمؤيدون لها ضد الإخوان في سبيل سياق تبريراتهم للإنقلاب ، فلن تكون أفظع من إجرام وخبث ووحشية الإنقلابيين ولا أشد منهم على خصومهم ، فلم نسمع عن الإخوان أنهم ساقوا خصومهم إلى المحاكم وأجروا المحاكمات الصورية وبزمن قياسي أصدروا أحكام الإعدامات وبالجملة أيضاً ! ولم نرى أن الإخوان منعوا منافسيهم وخصومهم من ممارسة حقهم في إنتقاد الدولة ومهاجمة سلبياتها ، بالعكس كانت لهم قنواتهم ومنابرهم الإعلامية ليس لممارسة الإنتقاد وفقاً للمنظور السياسي فحسب بل تجاوزوه إلى درجة الإنحطاط الأخلاقي والسب والشتم لشخص الرئيس المنتخب محمد مرسي ولكل سلك الدولة ممن ينتمي للإخوان بطريقة يخجل المرء  من سماعها ، ومع ذلك لم يفعل الإخوان بهم ما يتوجب فعله نظير تجاوزهم حدود حرية الرأي إلى القدح في أعرض الغير .

حدث الإنقلاب ؛ وبعدها أطلق السيسي العنان لأيمانه المغلظة بأنه لا يسعى للحكم ، وإنما سيعمل على أن يسلمه للشعب ليختار الشعب بنفسه رئيساً مدنياً ، ولأنه رجل لا يحترم ذاته فقد حنث بأيمانه حين رمى بها خلف الجدار ، وأستبدل بيادته العسكرية بالكرفته ليدعو لنفسه بالترشح للرئاسة ! وكأن المدنية لا تعني سوى خلع البزة العسكرية ولبس الكرفته الرسمية !

وليعطي لنفسه شرعيةً شعبيةً وهمية جند الأتباع المرتزقة وعُباد المال ليروجوا له بأنه المنقذ لمصر والمهدي المنتظر ، وبأنه من سيبحر بمصر إلى ركب التقدم والتطور ، وهو ليس سوى مصيبة حلّت بمصر وستُعيدها عشرات السنوات إلى الوراء ، ولم يقفوا عند هذا الحد بل عمدوا إلى تقديس ذات السيسي وجعلها بمرتبة لا تليق سوى بالأنبياء والرسل وبأنه صاحب الحق الإلهي في الحكم ، في تعدً سافر على الدين ومعتقداته ، وإبتزازاً لعواطف الشعب ، وبكل قبح يمضي تيار مؤيدي السيسي في هكذا طريق في بيع رخيص للكلمة وإحتقاراً للذات ، وبدونية مفرطة يرتكبونها بحق أنفسهم ، وما أضنهم تجرأوا إلى هكذا وقاحةً لو لم تكن برضاء وقناعة من السيسي ذاته .

نعم سينتصر السيسي في ترشحه للرئاسة إنتصاراً مزيف وعلى الطريقة العربية الفريدة في الإنتخابات وبعد أن أستخدم كل وسائل الترهيب ، ضد منافسيه لينسحبوا من مجال المنافسة ، ويتركوا له الميدان مفرغاً بإستثناء إبقاءه للكومبارس حمدين صباحي ليضفي مكياجاً مزيف لعله يُحسن من عملية المنافسة .

أرهب خصومه المحتملين وزج بهم في السجون ، وحرم كثيرين من ممارسة اي عمل سياسي بمبررات واهية أختلقها لنفسه ، ليُشرعن فعلته .

هذه هي جمهورية السيسي القادمة جمهورية كبت الحريات ، وإنتهاك الحقوق ، والدوس على القانون ، وسيطرة العسكر على كل مفاصل الدولة ، وعسكرة الحياة العامة وإحتكار الثروة والمال ، جمهورية الإبتزاز ومصادرة حق المواطن في أن ينال كامل حقوقه في حرية الرأي والتعبير كمبدأ وهدف قامت لأجله ثورة 25 يناير .

هذه هي جمهورية السيسي القادمة ، جمهورية الإرتهان للخارج والعمالة له على حساب مصلحة وطن وشعب ، ستعود صورة حكم مبارك ولكن بصورة أبشع وأشنع .

نعم ؛ سيحكم السيسي سنة أو سنتان أو ثلاث وبعدها سيثور الشعب عليه ويخلعه من حكمه بعد أن يُوصل مصر إلى أسفل الحضيض سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً ويجعل من مصر ألعوبة الدول وأضحوكة الشعوب ، ودائماً للنهايات بدايات تُكتب وبداية نهايته أزفت منذ أول يوم في إنقلابه فما بُني على باطل فهو باطل وآيل للزوال .