fbpx
صنعاء تبحث عن الأمن وعدن عن اللقمة

 

المشهد السياسي والأمني في اليمن والجنوب يتعقد يوميا الى حد يصعب الفصل بين تطورات أحداثه لضبابية المشهد  وتداخل الأوراق وخلطها من الأطراف الأساسية اللاعبة على المسرح السياسي والتي تشكل حتى اللحظة إحداثيات رئيسة  على الأرض لفرض سياساتهم كأمر واقع، لا يستطيع أحد إزاحة الآخر عن الملعب لأن المخرج الأمريكي بقمقم المبادرة الخليجية أصبح لتلك المحاور عباءة فضفاضة متأرجحة غير قادرة على رسم اتجاه ثابت لمسار الأحداث بالرغم من الإعلان عن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في 25 يناير  الفائت دون أحراز خطوات عملية على الأرض في حلحلة الأوضاع السياسية حتى الآن والإبقاء في حدود الإعلانات والمراهنات لتحديات قد لاترى النور نفسها فكيف  يكون للحل قوة حضور ووجود لأن الإرادة غائبة حتى اللحظة في الإصلاح وإنما في باطن الأحداث توجد نوايا نهائياتها..المخالفة لإرادة الشارع السياسي في اليمن والجنوب.

ولذا يمكن من تحديد مركزي الصراع في طرفين أساسيين الحوثي وحلفائه في عناصر صالح وشكلية تذبذب الاشتراكي والناصري والحق الخ في اللقاء المشترك والطرف الآخر الجنرال الأحمر والشيخ الزنداني والإصلاح وأولاد الشيخ الراحل عبدالله الأحمر.

وهذه الصراعات على السلطة حتى وأن بدأت مسلحة في حروب صعدة الستة لكنها تمددت في محافظات مختلفة على النحو ذاته في تصفية حسابات قبلية ومذهبية وسياسية وأقليمية ودولية.

وعمران أحدى محطات ذلك الصراع منذ ستة حروب عند بداية التوريث في عام 2001 والصراع لدخول القصر الجمهوري.

وتندرج التطورات الأخيرة في أبين وشبوة بمحاولة الطرفين على نقل واقع مسرحية الأحداث الى محافظات الجنوب لإلصاق تهمة القاعدة والإرهاب والتنفيس عن صنعاء بأن الوضع مستقر كل ما ألتهب جنوبيا لأخذ نفس أطول للمتصارعين وترتيب أنفسهم لدورة صراع قادمة في صنعاء ومؤامرة أخرى لعرقلة مسار أحداث عملية التحرير السلمية في الجنوب.

.

و الجريمة الشنعاء صباح يوم أمس باستهداف ناقلة موظفي الطاقم الصحي وهي في طريقها الى مستشفى باصهيب عدن على مرأى ومسمع الكل وتحت شعار الله أكبر المردد أثناء جريمتهم الشنعاء تأتي ضمن أطار مسلسل الإرهاب المبرمج من تلك الأطراف تحت غطاء القاعدة والموجه الى القضية الجنوبية لتحجيمها وتسطيحها ومن ثم دفنها نهائيا وهي المحاولات المستمرة التي لاتكل جهدا وشراسة من تلك القوى المتنفذة  على ارتكابها بصور متعاقبة.

وسط هذا الوسط المتعكر المتفجر عبدربه لا يمتلك على موقع قوي في المعادلة  الصنعانية رغم أنه شكل للأقليم والخارج ولو شكليا حصان طروادة، أما مضمونا تتنازعه وتتجاذبة الأحداث في قمم وقيعان مدها وجزرها اليومي أعجزته على تحديد البوصلة ولكنه كان حائطا علقت عليه ولو لحين حتى تصميم خلاصة المشهد ولهذا ظلت مؤسسة الرئاسة تتواجد في صنعاء بروحانية عواصم الدول الراعية على الطريقة الكرضاوية الأفغانية، ليغطي عبدربه مساحة الجنوب على حساب القضية بمنفعته لليمن وتغلغله في أوساط جنوبية برجماتية أعجزتهم عن الارتكاز حتى على عصا عجوز جنوبية لينبطحون تحت نفس الوازع الذي مارسه صالح في خلخلة الحراك خلال فترة استخدامه للقوة والترغيب. هذا مع ابتعادنا عن نظرية المؤامرة.

ليأتي عبدربه بنفسية أنه جنوبي وعلى أنه يخدم القضية وهو من سيكون المنقذ ليغرق في نفس مستنقع سابقية غير أن القيادات الجنوبية العسكرية واللجان الشعبية وملحقاتهم في المناطق الجنوبية من حاولت تمثيلة في ما طفحت الأحداث عنه ودحر قاعدة صنعاء بفكيها العفاشي والآخر الأحمري وحلفائهم من تلك المناطق المعتادة على تواجدها ليصعد عبدربه درجة في سلم طمأنينة الحلفاء الداعمين له وبهذا نسمع في الآونة الأخيرة أصوات جنوبية تتداعى هنا وهناك بالوقوف خلف عبدربه ولم يدركوا من أنهم لا يمتلكوا على قاعدة تأكيد مصداقية عبدربه غير أن صفقة العمر الأخيرة صاحبة الجلالة في ما ذهبوا اليه دون أن نلمس دليل واحد يبرهن عن مصداقية عبدربه. وهو الأمر الذي يجعل عبدربه حارس أمين في القصر الجمهوري لتغطية الفراغات الدستورية والسياسية الناجمة جراء التغييرات المتعاقبة في أدارة الأزمة والأجهزة التابعة بمسمى دولة والتي لا يوجد منها سواء الاسم والنشيد والعلم فقط، أما الدولة فهي لازالت قيد البحث الصعب والمعقد الذي فهمة المخرج مؤخرا على استحالة قيامها.

وفي هذا الاتجاه أصبح عبدربه عاجز عن ليس التقدم في المسارات المعلنة عنها زيفا بل أنه ركد في الامتثال الى توجيهات العم سام الهادفة الى خلق بيئة مناسبة لتنفيذ الخطة الأمريكية الغربية وبالتالي يستطيع المخرج في وقت نضوج الأوضاع فرض المترتبات اللاحقة للخطة حسب الأولويات المستخلصة من تجارب المراحل السابقة.

لهذا نجد تساقط الضحايا بالجملة لاستشهادهم سياسيا بخداعهم وبالتالي أخرجاهم عن المسار الجمعي مع المجتمع ليبقوا أسراء للقادم المجهول تحت حجج وعود بحصولهم على مناصب قيادية في الخطوات اللاحقة للعملية السياسية كما أفصح عنها مؤتمر الحوار.

مع أن الأوضاع تسير في اتجاه معاكس تماما لما يعلن عنه.

وبذلك أصبحت الأوضاع هذه الأيام أكثر تعقيدا عن ذي قبل مما قد تذهب للأبد الى نفق الزوال باعتبار أن اليمن أصبحت دولة فاشلة وتحت الوصاية وهي المحطة النهائية التي لا رجعة عنها والخروج من سابع المستحيلات على الأطلاق.

وفي هذه الاستثناء تشهد صنعاء اليوم انهيارات  متتالية وفقدان الأمن والأمان ونشوء أوضاع قاسية سماتها البارزة الدولة الفاشلة بكل أبعادها.

ولهذا تتدحرج القاعدة بين أبين وشبوة وصنعاء وعمران وفق ضرورة مشاركتها في العمليات القتالية والحاجة اليها.

وعلى الرغم من استمرارية تفجر الأوضاع في عمران وأغلب مناطق اليمن والجنوب تبقى صنعاء المرشحة لأن تشهد مزيدا من هذه الأحداث لتحديد الوضع النهائي للصراع خصوصا وان لكل طرف أجندة سياسية خاصة به ترتبط في كيفية ليس فقط تعطيل الأقلمة باستباقها ولكن مصير العملية السياسي برمتها للفجوات التي لم تستطع جهة بعينها وتملئة فراغاتها وخروج الراعي عن المألوف المحلي في وأد ثورة التغيير والحراك على نحو متفاوت هفي صورة المشاهد المتتالية منذ التوقيع على المبادرة الخليجية وبمؤازرة استحواذ المنشقين عن نظام صالح أثناء أحداث الثورة وما تلتها من مراحل أصبح الشباب بمعزل عن المساق الحقيقي لأهداف ثورتهم والحراك متعثر نتيجة للفرض والتفكك جراء سياسات القيادات الهرمة المتبقية من عصر الاشتراكي الشمولي المتقمصين بعقلية تلك المرحلة التدميرية من حيث ثقل مترتباتها في المواقف المتخذة من تلك القيادات التي كسرت ودمرت الحراك الى اشلاء وهي تلك السياسات التي بوعي او غير وعي تلتقي مع سياسات الاحتلال والقوى الأقليمية والدولية المشتركة عند نقطة القضاء على أية خطوات تعمل على تفعيل القضية الجنوبية ولهذا أصبح من المتعذر تشكيل قيادة موحدة للحراك كحامل لأهدافه والوقوف على تمثيلة في المحافل المحلية والأقليمية والدولية للتعجيل في متابعة ملفات القضية وتجنب الغوغائيين عن اللعب بالقضية والمتاجرة بها وغلق أبواب الاجتهادات بالتمثيل كما حصل في مؤتمر الحوار من انتكاسات دون ما القضية تحظى بأية رعاية بل دفنت وقبرت على نحو أراد الإيقاع بها من قبل المحتل وأعوانه والدور التراجيدي الذي مثلة عبدربه في هذا السياق.

لذا على عبدربه استيعاب الدرس جيدا من سابقية من دخل القصر الجمهوري أنه يمثل استثناء مضافا خارج عن قواعد الحكم في المذهب وأن من كانوا يمتلكون كل العوامل المستكملة للجلوس

على سدة حكم اليمن أنما هم غادروا وأغلبهم في مشاهد درامية للغاية لازالت الذاكرة طازجة في كثير من  تفصيلياتها.

علما ان بوادر المواجهة المباشرة بين عبدربه وصالح وضحت منذ أحداث الأربعاء الماضي بأغلاق قناة اليمن اليوم وأحداث البارحة في تسليم جامع الصالح للحرس الرئاسي.

توازيا مع مايعتمل يمنيا حول الجنوب كان للأحزاب اليمنية للأحزاب اليمنية دور تخريبي مدمر على الحراك وثورة التغيير وكلاهما خرجا عن نطاق السعي الى بناء دولة في صنعاء ولا تحقيق أهداف الحراك في بناء الدولة واستعادة الهوية.

وبالرغم من جهنمية الأقلمة للجنوب في التجزئية واستمراريته تحت مشروع اليمننة الأ ان القوى المتنفذة في صنعاء بوضعها التأمري على الجنوب ورفض مخرجات مؤتمر الحوار لأنها وجدت هي الأخرى نفسها  ستكون ضحية مشروع الأقلمة في تفكيك ليس مساحة نفوذهم بل أيضا في حرمانهم للتسلط والمركزية في الاستئثار والاستحواذ بالسلطة والثروة ساهمت أيجابا في تشديد الصراع في صنعاء وعمران وخلق آليات جديدة ضمنها تحولت جهود الرعاية الدولية والأقليمية الى كيفية تجنيب مصالحهم من تلك المخاطر وعدم السماح لتلك المخاطر من مد ألسنتها الى عقر دار الجيران لتلقي بظلال دامس على المصالح الأمريكية والغربية وبروز تأكيدات خلصت على خطورة الإبقاء على تشجيع جهود المصالحة بين الفرقاء في صنعاء لعدم تقبل عقليتهم لتلك الخطوات التي تمددت عليها مخرجات مؤتمر الحوار في مخامل لم تخدم حتى من حملها الى اليمن ولا من توقع من انعكاساتها الإيجابية على مجمل مايحيط بالمشهد السياسي في اليمن والجنوب بل ساهمت في تعكير صفو ماكان عفويا يمكن حدوثة لو استجابت الأطراف الدولية منذ الوهلة الأولى لإرادة شعبي اليمن والجنوب.

وبوضع قاعدة المحاصصة في حكومة النفاق الوطني الفاشلة والتي لم تصلح لإدارة حفلة شعبية ما بالك بلاد بحالها أنما قد وضع في خطته  في المبادرة مع الآلية المزمنة ومخرجات مؤتمر الحوار، أنما منذ البداية يدرك بأن هذة الطريق الطويلة أنما تفضي الى أضعاف طرفي الصراع والحد من إمكانات امتلاكهم للمال والسلاح باستضعافهم واستنزافهم التدريجي وهو مايحصل في صور اليوم المتكررة والمتنوعة على قاعدة العقلية والغريزة على نحو أدى الى خروج كل الفئران الى مسرح الأحداث لتدافع عن وجودها ومصالحها بعد لعبها الطويل على باع وذراع مختلف مراحل تطورات الأحداث وبالذات منذ فجر اليوم الأسود 22 مايو 1990 وبين أرجل ثوار التغيير والحركة السلمية الجنوبية.

وأصبح تردد بن عمر المبعوث الأممي ورفع تقريره كل شهرين الى مجلس الأمن الدولي عن الحالة عادة تلازمت مع أرسال مفاهيم الديمقراطية وحقوق الأنسان في ما تقذفه الدرون الأمريكية(طائرة بدون طيار) كل يوم دون حسيب ولا رقيب بحصدها أرواح الأبرياء في كل بقعة تختارها دون استئذان ولا تهز ضمير ولا وجدان حكومة او أحزاب يمنية كرتونية وكأن الأمر لا يعنيهم. ولنسمع ذات الحديث لبن عمر على تقدم واضح لمسار العملية السياسية وهي أصلا في محلك سر.

ماذا بقى!؟.

ومن ضمن عمليات التشديد على المواطن ومحاربته والضغط عليه لقبول اردى الحلول.

في صنعاء أصبح الأمن قبل الخبز ضرورة يبحث عنها المواطن والمتنفذ على حد سواء وفي الجنوب يبحث الناس عن اللقمة قبل الأمان لأنهم لايملكون شئيا والموت أرحم لهم عن مايروه ويعانوه يوميا من الكهرباء والماء وآلام وشظف المعيشة وتردي جوانب حياتهم وانتشار الظواهر السيئة كالفساد والمخدرات والجريمة والفساد الأخلاقي في الجنوب ولهذا فأن بقاء بل واستمرارية توتر الأوضاع كما هو الحال في وتيرة ما نشاهده هذه الأيام قد تفرز عن مفاجآت لتغييرات جيوسياسية قادمة خلال الأشهر القادمة ومفتاح رئيس مرشحة بما تخلص اليه أحداث عمران صنعاء والانعكاسات المترتبة على رد الفعل العكسي المناسب لتلك النتائج بكارثيتها الحتمية والتي لا تقتصر على منطقة بل تتوزع على مناطق النفوذ وقوته (السلطة المال السلاح ) وبذلك تكون التغذية لمترتباتها على الجنوب حسب ثقل وحجم المصالح الأقليمية والدولية وتقاطعها مع واقع الأحداث على الأرض وهي خلاصة لما سعت الية الخطة الصهيو أمريكية بماسونية برجماتيها لترسم مستقبل المنطقة بمترتبات الجيل الخامس من تلك الحروب لكن بنكهة يمنية في صنعاء وحواليها بخصوصيات المذاهب والعلاقة التبادلية مع القبيلة والعسكر والشرائح الطفيلية النفعية في سلسلتها الاجتماعية وارتباط مصالحها، و جنوبيا بالجهوية والمصلحة المتعددة في خط سير تلك الحروب المتعاقبة على أراضي الجنوب واليمن منذ بداية المأساة جنوبيا في 22 مايو 1990 وحتى اللحظة.

وتأسيسا على ما ورد أعلاه ينبغي على الأشقاء الجيران أدراك حقائق الأوضاع بجدية وإعادة النظر في مواقفهم بما يكتب لهم حضور لدى شعبي اليمن والجنوب وتجنيب أمنهم القومي مخاطر الانزلاق في وحل اليمن والجنوب أذا استمرت الأوضاع بمآسيها.

حتى وأن نزعنا لثام التشاؤم قد يكون لعملية الاستئناس الجنوبية القادمة خطوة في تعويض الجنوب لما فقده نتيجة عقوبات خمسة عقود خلت ومستخلصة من عزوف المخرج باستحالة قيام دولة في صنعاء  والسبب يعزى الى فلسفة حكم اليمن  والمتمثلة في  الفلسفة الأمامية المتعاقبة والمستأصلة في عقلية الناس عبر 73 أمام حكموا اليمن.

وهو الوضع القائم عليه عملية التسابق والمنافسة الأقليمية والدولية الغائبة الحاضرة المرئية والمخفية لتملئة الأواني المستطرقة وتعبئتها وفق ضروريات المرحلة ومصالح هذا أو ذاك الطرف بموجب واقع تبشيراته تلوح في المشهد بنشوء معادلات سياسية وأمنية وعسكرية جديدة بتحالفاتها تتحد في أولويات الأمن القومي الأقليمي والدولي والمحلي.

وهو مشهد عرضي عفوي وليس مرسوما له بخطة مبيته لأنه نتاج طبيعي لمجريات الأحداث الخارجة عن أرادة مخرجي العملية السياسية..

لننتظر ما ستفصح الأحداث عنه.