fbpx
المشهد عن قُرب
شارك الخبر
المشهد عن قُرب

 

كتب : رقية صالح اليافعي

*ما هي القضية الجنوبية؟

هي قضية مركبة نتجت عن تراكمات أخطاء ثورية، سياسية و تنظيمية انعكست آثارها السلبية على الأرض و المجتمع على حد سواء،

هذه التراكمات يصعب شرحها في موسوعة متعددة المراجع فكيف نستطيع تلخيصها في محاضرة أو مقال؟

تراكمات يستحيل علينا تجاهلها و يستحيل علينا أيضا حلها، لكننا نستطيع أن نسير في طريق تأسيس منظومة ثورية تمهد لبناء دولة مؤسساتية ستكون قادرة على التعامل مع هذه التراكمات بطريقة وطنية عادلة باستخدام دستور و قانون تشرف عليه جهة سيادية واضحة.

_____

متى بدأت؟

فعليا بدأت قبل أكثر من مائة عام، بتغيير إداري لعدن و المحميات رافقه تغييرات غير منطقية في مسميات الدولة التي عُرفت وثائقيا باسم محميات (عدن)،تحولت بصورة غير رسمية إلى اسم ثوري غير موثق هو (الجنوب العربي)،

رافق هذا التغيير المحلي تغيير دولي عميق تمثل في خلق كيان صهيوني في عمق العالم العربي بإشراف بريطانيا التي كانت تستعمر الجنوب،

هذا التغيير في الشام لم يكن بعيد الأثر عن عدن،

فهذه الفترة استقلت عدن (المستعمرة و المحميات) عن إدارة الهند و صارت (ولاية) عدن مقرا للحاكم البريطاني لإدارة مصالحه في المحميات،

هذا التغيير الإداري لم يكن في صالح عدن نهائيا،

فقد أصبح الحاكم (متنفذا) لينفذ أجندة دولية نُفذت بعناية فائقة، وكانت عدن (الولاية و المحميات) جزءا لا يتجزأ من هذه الأجندة (الدولية) و التي عملت على خلط الاوراق سياسيا و مجتمعيا، بهدف ضرب الكيانات الإدارية في المحميات لصالح شركات التنقيب التي تيقنت أثناء استكشافاتها للنفط ان القبائل في المحميات لن تُسهل عليها عملية نهب الثروة،

بل ان هذه الشركات قد عبرت عن استيائها من هذه القبائل بطريقة صريحة،

بالتالي ففترة الثلاثينات تتجمع فيها نقاط تصب جميعها اليوم في خانة شركات النفط،

ففترة الثلاثينات التي كانت شركات النفط تستكشف فيه أراضي القبائل (و التي أخفت نتائج هذه الاستكشافات)، هي نفس فترة استقلال إدارة عدن عن الهند، و هي نفس فترة إجبار اليهود على الرحيل و إجبارهم على بيع ممتلكاتهم ،و هي نفس الفترة التي بدات بريطانيا بتكوين نواة (جيش الليوي) الذي تحول مع تطور الاحداث لوسيلة فاعلة في إسقاط المحميات بعد الإستقلال بيد فصيل ثوري واحد انتهج النهج الإشتراكي الذي صادر أراضي القبائل و حافظ على ثروات المحميات بعيدا عن يد أبنائها، ثم سلمها على طبق من ذهب لوحدة فوضوية، هذه الوحدة التي دعمها المجتمع الدولي بقوة لأنها مكنت مجموعة مافيات و عصابات  تستخدم كل إمكانيات الدولة لصالح شراكتها مع هذه الشركات لنهب الثروة بحماية ما يسمونه مجازا بالجيش اليمني.

_______

من هنا نجد أن الجنوبيين أمام عدة عقبات أهمها:

أولا:

شركات عالمية شاركت في صناعة واقعنا الحالي خطوة خطوة،

ثانيا:

نظام صنعاء المتمثل بالاحزاب و القبائل قررت ان تكون وكيلا (عربيا مسلما) لهذه الشركات،

ثالثا:

مجتمع دولي أُقيم خصيصا لحماية مصالح الشركات العالمية،

رابعا:

شعب جنوبي كل ما يهمه إقناع هذا المجتمع الدولي بأن يعيد له دولته!

فكأنه يقول للص أعد لي ما سرقته مني!!

خامسا:

لا يوجد كيان عسكري نظامي يمثل الثورة الجنوبية يستطيع التعامل مع مئات الآلاف من الكيلومترات المربعة،

يظن الثوار الجنوبيين أن ثوار أكتوبر قد فعلوها قبلهم، ناسين أو يتناسون أن ثوار أكتوبر كان معهم جيش الليوي الذي تم بناءه و تنظيمه بإشراف حكومة ولاية عدن، و لولاه لما استطاعت الجبهة القومية السيطرة على شبر واحد من أراضي القبائل،

بالتالي فإن امتلك الجنوبيين آلاف العسكريين، فهم لن يستطيعوا حماية الارض دون مساعدة القبائل و التي بدورها لن تمتثل لأي كيان عسكري ما لم يكن هذا الكيان محتكما لتنظيم مدني أعلى منه يديره و يشرف على أدائه،ليضمنوا عدم تكرار أخطاء الجبهة القومية و جيش الليوي.

،،،

ما هي العقبات التي تواجه المجتمع الدولي و نستطيع ان نستخدمها كشعب في صالح الثورة الجنوبية؟

أولا:

هذا المجتمع الدولي أصلا يتكون من مجموعات متنافسة تحاول جميعها ان تكون هي المحتكرة للإقتصاد العالمي، مما يسبب صراعات كبرى بين هذه القوى بطريقة مباشرة، و هو ما يمكن أن يؤدي لسقوط الكثير من الأقنعة التي تختفي خلفها هذه التحالفات لتغطي على جرائمها في نهب شعوبها أولا ثم شعوب العالم الثالث،

ثانيا:

هذا المجتمع الدولي رغم هيمنته على الحكومات لكنه يحاول (ظاهريا) أن يحترم القوانين و الدساتير خوفا من أن الإستهتار بها (علنا) سيسبب له ضربه في عقر داره (إستثماراته)، فالقانون و الدستور هي الوسيلتين الوحيدتين التي من خلالهما يسيطر هذا المجتمع على جيوش الدول و مؤسساتها الأمنية و يستبيح قمع شعوبها، ضمانا لحماية مصالحه المتمثلة بنهب ثرواتها،

بالتالي فالوسيلة الاكثر فعالية للتعامل  مع هذا المجتمع هو في العمل بطريقة (نظامية) ترتكز على شرعيات شعبية واضحة  تدار بطرق شفافة،

ثالثا:

باب المندب هو أكبر نقطة ضعف لهذا المجتمع الدولي، فهذا الممر المهم في طريق التجارة العالمي قد يُسبب حربا عالمية بين القوى العظمى التي لن تسمح لبعضها البعض في السيطرة على الممر، إلى جانب أن أي مغامرة طمع من أي دولة قد تسبب اندلاع شرارة صراع دولي غير محمود النتائج لجميع الدول،

بالتالي فسيطرة الجنوبيين أو الشماليين عليه أهون بالنسبة للمجتمع الدولي من أن تتصارع عليه قوى التحالف العالمي، فهكذا صراع قد يُسبب تدمير تحالفات استغرق بناءها أكثر من مائة عام،

رابعا:

وكلاء هذا المجتمع يتمركزون في المدن و عواصم المحافظات عن طريق تعيينات الغرف المغلقة التابعة للمركز، لكنهم يفقدون السيطرة المطلقة في مناطق القبائل مما يجعل من القبائل ندا قويا إذا ما تم ترتيب إدارتها بطريقة نظامية تحتكم للشعب و قوانينه،

 

ما هي أسباب عدم فاعلية الاحزاب السياسية اليوم؟

الاحزاب القديمة جميعها مخترقة و تم دعمها في الاساس لتكون غطاء سياسي لصالح أجندات اقتصادية تهتم بمصالح ممولي هذه الاحزاب،و الربيع العربي تكفل بفضحها و إسقاط الأقنعة عن قياداتها،بالتالي أصبحت مجرد كروت محروقة لا فائدة منها،

أما المكونات السياسية الجنوبية الجديدة لو اجتمعت كلها فلن يساوي عدد منتسبيها عدد سكان حارة من حارات عدن،

بالتالي لن تستطيع هذه المكونات ان تكون (شرعية) او ممثلة قانونيا لشعب الجنوب،

لذلك فالإنشغال بها مجرد استنزاف للوقت و الطاقات،

 

 

لماذا لا يستطيع المجتمع الدولي فرض حزب أو تيار سياسي على الثورة الجنوبية؟

لأن هذا الحزب لن يكون وكيلا قانونيا إلا إذا تم ترشيحه أو انتدابه من المجتمعات المحلية و ليس من التيارات السياسية،

و هنا المشكلة بالنسبة لهؤلاء السماسرة (الاحزاب) و مجتمعهم الدولي (الراعي الرسمي لشركات النهب)،

فهم يخشون أن توقع المجتمعات المحلية الوكالة لأشخاص ثقاة و شرفاء لا يبيعون أوطانهم،

لذلك سيحصروننا بمطلب توحيد المكونات السياسية،

التي أمروها أصلا بأن تختلف ريثما يستنزفون طاقات الشعب الثورية،

و بنفس الوقت يستنزفون ما استطاعوا من ثرواته،

الحاصل اليوم:

المجتمع الدولي استنزف أرباحه في تغطية فشل وكلائه،

الوكلاء استنزفوا أرباحهم في محاولة استقطاب أتباع،

الشعب لم يستنزف كل طاقاته الثورية بعد،

بالتالي نستطيع اليوم تسيير كل هذه المعطيات باتجاه تنظيم شعبي شرعي يرتكز على التسلسل الإداري الذي يجعل من احتكار السلطة أمرا مستحيلا،

فهذا التسلسل لن يحمي الوطن فقط من المندسين أو السماسرة،

بل سيحمي الشرفاء من حرب الإغتيالات لان أطراف الصراع تعلم تماما أنها لا تستطيع التحكم بالبديل،

 

كيف أبني نظام ثوري؟

النظام السياسي يعني المنظومة التي (تدير) البلد،

بغضّ النظر عن طريقة إدارتها،

ديكتاتوريا أو مؤسساتيا،

لكن عندما نؤمن جميعنا أنه لا توجد (دولة)،

فنحن نشهد و نؤكد أنه لا يوجد (نظام) يدير البلد،

بالتالي فعندما نثور على هذا الوضع،

يجب أن نخرج للمطالبة بـ(بناء) نظام و ليس بـ(إسقاط) نظام،

و إن كنا لا نفهم كيف تُبنى الأنظمة،

فعلينا أن نبقى في منازلنا دون المشاركة في أي ثورة،

حتى لا تُستخدم دماؤنا و أرواحنا في مفاوضات الغرف المغلقة،

و من يريد أن يبني وطنا،

عليه أولا أن يدرس و يفهم كيفية بناء الأنظمة،

و يضع رؤية واضحة توضح آليات هذا البناء،

ثم يعرضها على شركائه في الوطن،

ما هي تجارب الشعوب المتقدمة في بناء الأنظمة؟

الدول المتحضرة تعلم أن السياسة هي مهنة التملق و الإرتزاق،

لذلك أسست دولها بناء على المحاصصات المجتمعية و ليس بناء على محاصصات التيارات السياسية،

فثبّتت الدولة كمجتمع متماسك يستطيع التحكم مباشرة في تحديد الجهة السيادية للدولة،

و كمثال مجلس الشيوخ الامريكي المنتخب بناء على المساحات الجغرافية، ممثلين عن كل ولاية،

و أعطت الاحزاب السياسية سلطة الفعل(التنفيذية) أو ما نسميه بالحكومة لتتملق الشعب (فعليا)و يكونوا محاسبين مباشرة على تنفيذ شعاراتهم الرنانة دون تملص،

لماذا لا ترعى الدول الكبرى إقامة هكذا انظمة في الدول العربية؟

لكي تضمن بقاءها مسيطرة على ثروات العالم المتخلف،

فقد صدّرت لنا ديمقراطية وهمية تقوم على بناء الدولة على اساس محصصات الاحزاب و التيارات السياسية،

كي تضمن بقاء هذه الدول في خانة البقرة الحلوب،

لأن الاحزاب السياسية دائما ما تحتكم لمفاوضات الغرف المغلقة التي تنتهي بصفقات مشبوهه،

هل نحن شعب متمدن أم قبلي؟

القبائل في الجنوب هي بقايا دويلات صغيرة تحكمها أعراف و قوانين،

و ليست مجرد تجمعات يسوقها شيخها كما يشاء،

لكن الظاهر إن الجنوبيين أنفسهم و خاصة الثوار لا يستوعبون هذا الشيئ،

فتجدهم يتباكون من عدم هبة القبائل لنجدتهم أو تحرير الأرض كما تفعل قبائل صنعاء،

و بنفس الوقت تجده لا يحترم عُرف القبيلة و رموزها و علاقاتها بجاراتها من القبائل الشمالية،

اصبحوا يعانون من انفصام بين القبيلة و المدنية،

فلا هم تمسكوا بأعرافهم القبلية و احتكموا لها،

و لا هم تمسكوا بالتمدن و نظموا انفسهم بحسب مجتمعاتهم المحلية،

تائهين بين الماضي و الحاضر،

ما هو المطلوب  اليوم من الثورة الجنوبية؟

الطلب الوحيد المفروض على الثورة الجنوبية هو تقديم ممثل عن الثورة تستطيع الجهات الرسمية المحلية أو العالمية ان تتعامل معه,

يجب أن تتوافر شروط معينة كي يستحق هذا الممثل أن يكون جهة مُعترف بها محليا و دوليا،

أولا ان يتفق الشعب الجنوبي على أن هذه الجهة ممثلة له،

ثانيا أن تثبت هذه الجهة للعالم أنها ممثلة لهذا الشعب،

سيقول قائل أن كلا الامرين مستحيلين،

نعم بالنسبة للفوضى التي تُدار بها الثورة الجنوبية اليوم هو أمر مستحيل،

بالتالي يجب على الشعب ان ينظم نفسه بطريقة تسلسلية تبدأ من قاعدة المجتمع و تُبنى تدريجيا لنصل لقمة هرم التمثيل الجنوبي و الذي سيكون تلقائيا معبرا عن قاعدة الشعب،

كيف أضمن أن تكون قمة الهرم من الكفاءات؟

الوطن شركة مساهمة بين جميع أبنائه، و عندما تُقام أي شركة مساهمة من الضروري أن يكون لها مجلس إدارة من المساهمين يراقب عمل (إدراة) الشركة، و لا تُشترط الكفاءة في المساهمين،  فكفاءتهم الوحيدة هي رأسمالهم الذي يمتلكونه و سيحرصون عليه و على استثماره و نموه، لكن الكفاءة مطلوبة و مفروضة في طاقم (إدارة) الشركة الذي سيعمل في (إستقلالية) و حيادية بما يحافظ على مصالح جميع المساهمين، و الذين بدورهم سيوكلون لهم مجموعة منهم في (مجلس) إدراة،

يعمل مجلس الإدراة على مراقبة عمل الشركة و محاولة رفع مستوى الإدارة بما فيه المصلحة (العامة) للمساهمين، و لا يستطيع أبدا أن يميّز مصلحة أي مساهم عن بقية المساهمين، لأن النتائج السلبية و الإيجابية ستعم على الجميع دون أي تمييز،

كيف أطبق هذا النظام على الثورة الجنوبية؟

هي نفس الآلية مع اختلاف المسميات،

المساهمين هم المواطنين، و هؤلاء المواطنين لا اميز بينهم بأي تمييز غير المواطنة، سواء تمييز سياسي، حزبي، طائفي، أو عرقي،

بالتالي فسأتعامل مع المواطن بطريقة مباشرة دون أي وسيط،

كيف أضمن شراكة جميع المواطنين؟

أقسم الشعب  لتقسيم (مجتمعي) يضمن مشاركة جميع المواطنين او على الأقل غالبيتهم العظمى،

الشعب أو المجتمع  وحدة بنائه هي الحارة ،،

بالتالي فكل حارة تنتخب من يمثلها، ليشكلوا مجلسا يضم مندوبين عن كل حارات (المديرية)،

مندوبي الحارات سينتخبون ممثلا يمثل المديرية، و كل مندوبي المديريات يشكلون مجلسا يمثل كل المحافظة،

مندوبي المديريات سينتخبون منهم من يمثل المحافظة،

مجموع مندوبي المحافظات سبعة ممثلين (عدن،لحج، أبين، شبوة، حضرموت، المهرة، سقطرى)،

بالتالي ينتج لي مجلسا منتخبا يمثل كل أطياف المجتمع الذي يعيش من باب المندب إلى المهرة دون أي تمييز سياسي أو طائفي،

هذا المجلس سيكون قمة الهرم الجنوبي،

بلغة الإقتصاد هو مجلس إدراة الثورة الجنوبية،

بلغة القانون هو الوكيل الشرعي للشعب الجنوبي،

بلغة السياسيين هو رئيس الجمهورية،

و بلغة العسكريين هو القائد الأعلى للقوات المسلحة،

إذا تنظم الجنوب مدنيا و أدار أزماته مؤسساتيا، فلن ينقصه مال و لا رجال، فالقبائل الجنوبية لن تبخل على وطنها ما دامت تثق أن التضحيات ستكون للوطن و ليس لصالح أحزاب أو جماعات،

 

بهذا التنظيم  يضمن الثوار انضمام كل أطياف المجتمع لثورته،، فالحارة سترشح أفضل أبناءها ليمثلها، عبر ترشيح واعي، لأن الحارة تعرف تماما تخصصات الاشخاص ضمن محيطها،،بالتالي نستطيع من هذا التنظيم أن نضع لبنات (دولة) غير مركزية بإدارة مؤسساتية، و بنفس الوقت يتفاعل كل الشعب معها،و كل بمجال تخصصه،،،، هذا صعب نعم، لكنه بالتأكيد أسهل من تنظيم مكونات لا وزن لها بالشارع اصلا،،

 

 

ما مهمة هذه المجالس المتعددة؟

من التنظيم السابق سنجد الهيكلة التنظيمية للثورة الجنوبية كالتالي:

مجلس المديرية،

مجلس المحافظة،

مجلس الدولة،

إدارة الثورة ستكون إدارة تسلسلية بين هذه المجالس،

و هذا التسلسل التنظيمي سيُسهل التحكم بإدارة الثورة بالإتجاه الذي ستتطلبه المرحلة بناء على التنسيق بين جميع المجالس الممثلة لمواطنيها،

__

النتيجة:

إذا كنا كشعب نحتكم لمنظومة واضحة حينها فقط نستطيع التعامل مع الآخر ،

و الآخر هذا قد يكون المجتمع الدولي الراعي للشركات العالمية التي تحاول الخروج من مأزق الثورة،

و التعامل معها هنا سيكون بمبدأ المصالح المشتركة التي تضمن مصالح الطرفين بطريقة مباشرة تحتكم للقانون،

و أيضا الآخر هو المواطن الغير جنوبي و الجندي في الجيش و الامن، فعندما أكون كيان منظم يستطيع هذا الآخر ان يقدم لي خدمات مقابل ضمانات، و أنا أستطيع أن أقدم له  ضمانات مقابل خدمات،

لا يستطيع أحد ان ينكر ان المواطن الشمالي ساهم بقوة في الانتعاش الإقتصادي للجنوب، سواء كتجارة أو يد عاملة، بالتالي فالتعامل مع الشمال يجب ان يكون أيضا بمبدأ المصالح المشتركة التي ستحتكم للقانون ايضا،

فلن نستطيع أن نعاقب كل الشماليين بسبب ذنب اقترفه بضعة منهم، فمن أذنب ستنتظره محاكمات تحتكم للقانون في محاكم مستقلة ستقيمها الدولة الجنوبية  و التي ستتعامل مع التظلمات عن طريق الوثائق و القانون، بعيدا عن قانون الغاب و الفوضى المدمرة.

فتاريخنا في المائة عام لم يكن سوى ثورات انتقامية أدت بنا لما نحن عليه اليوم من هذه التراكمات الغير منطقية،
فتشريد  اليهود في الثلاثينات بإشراف أمن حكومة عدن و نهب ممتلكاتهم و مصادرتها كان ثورة  ضد  اليهود الطامعين بفلسطين،
و تشريد المسلمين في الستينات بحماية جيش الليوي و نهب ممتلكاتهم و مصادرة أراضي القبائل الجنوبية كان بتهمة الرجعية و العمالة،
و تشريد  الجنوبيين في 94 بإشراف صالح و أولاد الاحمر و بمساعدة مجاهدي افغانستان ثم نهب ممتلكات دولة الجنوب و مصادرة أراضيها كان بتهمة (كفار شيوعيين)،
و اليوم،
طرد و تشريد أولاد الاحمر و مصادرة ممتلكاتهم بواسطة الحوثيين بتهمة الخيانة أو التظلم،

فهل مصادرة هذه الممتلكات ستذهب للدولة (الغير موجودة أصلا)؟!!

لا طبعا، كل هذا ليس ثورة بل مجرد اعمال فوضى تؤدي تلقائيا لمزيد من الظلم و الدمار،
ما هو المطلوب؟
إنشاء المنظومة (الثورية) التي تقوم على (تنظيم) المجتمع ليكون نواة لـ(دولة) تعتمد القضاء و القانون لإرجاع الحقوق،
هل أخلاقنا ترتقي لهذا النوع من الثورات؟!!
و هل سنفهم أن ثورات الإنتقام لا تُنتج إلا تراكمات حقوقية؟!!

__________________________

ماذا سيحدث لو نفّذ الجنوبيين تهديدهم بطرد الشماليين قسرا من الجنوب؟

واقعيا الجنوبيين لا يستطيعون البسط على مئات الآلاف الكيلومترات من الاراضي الجنوبية بالتالي لن يستطيعوا حماية الارض من الفوضى، و لا يستطيعوا منع التنظيمات المسلحة الدولية من التواجد على أرض الجنوب،

و ايضا لا توجد جهة مدنية تستطيع احتواء الثورة الجنوبية و التحكم بها،بالتالي بدأ الفوضى سهل لكن إيقافه صعب إن لم يكن مستحيل كما يحدث اليوم في الوضع السوري،

من هنا سيكون السبيل الوحيد أمام المجتمع الدولي لحماية مصالحه هو التحالف مع سلطة صنعاء القمعية،و ستكون التنظيمات المسلحة العابرة للقارات حجة قوية لضرب القبائل الجنوبية و تصفية ما تبقى من عقول و كوادر مدنية و عسكرية، و ستنتهي القضية الجنوبية في حل وهمي سيقبل به الشعب الجريح حفاظا على ما تبقى من أرواح و دماء.

ما هي شروط التصعيد الناجح؟

أولا يجب ان يكون هناك مؤسسة واضحة صريحة تتبنى هذا التصعيد و تديره و تتحمل مسئوليته،

ثانيا أن يكون الهدف من التصعيد هو إستقلال (إدارة) المنشأة عن المركز (صنعاء) دون المساس بمبانيها أو موظفيها او مستنداتها،

ثالثا أن تدار المؤسسات المستقلة بطريقة شفافة لا تتبع الكيانات السياسية أيا كان وضعها (ثوري أو حزبي) فهذه المؤسسات شعبية اولا و أخيرا،

رابعا أن يُدْرس بدقة مدى مقدرة الشعب على الإكتفاء الذاتي الذي ستطلبه إدارة هذه المنشآت،

ما هي سلبيات استبدال الامن بلجان شعبية؟

اللجان الشعبية تُعتبر وسيلة حماية مجتمعية فاعلة في حالات الطوارئ، لكنها يجب ان تكون محتكمة لجهة أعلى منها تنظمها و تتحمل مسئوليتها، و هذه الجهة يجب ان تكون ممثلة للمجتمع المحلي كاملا، و إلا سنجد لجانا شعبية متعددة الإتجاهات و التبعيات، و الذي سيكون نواة لصراعات داخلية فوضوية مدمرة،

بالتالي فكلا التصعيد المدني و التصعيد الغير مدني يستلزم منا تنظيم المجتمع اولا و إيجاد قمة للهرم الجنوبي و التي ستكون الجهة السيادية للثورة و الدولة، و هذا هو السبيل الوحيد من أجل (بناء) دولة جنوبية حقيقية تستحق تضحيات من ضحى و من مازال يضحي من اجلها,

تعاملوا مع وطنكم كشركة مساهمة تحافظون عليها و على مصالحها،

و اعتبرونا كمواطنين مساهمين وكّلناكم لإدارة شركتنا،

هل هذا صعب ؟!!

أخبار ذات صله