fbpx
رحمك الله يا أبي

شغلت في الأسبوع المنصرم عن متابعة أي حدث وتوقف العقل عن التفكير وشرد الذهن عن متابعة المستجدات وتلعثمت الحروف في الشفاه وجف مداد القلم، بعد أن فجعت وأسرتنا بوفاة والدنا الغالي (أحمد محمد بالفخر) الذي وافته المنية قبل ظهر يوم السبت قبل الماضي بعد وعكة صحية لم تمهله كثيرا، فانتقل إلى رحمة الله التي وسعت كل شيء، وأسأل الله العلي القدير أن يتقبله قبولا حسنا ويجعل قبره روضة من رياض الجنة ويرزقه الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

لن أتحدث عن أبي الغالي في هذه العجالة فقد كان ـ رحمه الله ـ رجلا عصاميا بسيطا كافح في هذه الحياة، وعاش أكثر من نصف عمره في الاغتراب عن وطنه، ولكن حب الوطن كان يجري في عروقه رحمه الله، فلا يكاد يغادره بضع سنين حتى يعود إليه بشوق عظيم ليقضي فيه ضعف أيام الغربة التي ذاق حلوها ومرّها ولله الحمد، وكان ممن يذكرون بخير في قريتنا “المنيظره” بمدينة الهجرين (دمون امرئ القيس الكندي) التاريخية، وقد كانت له أياد بيضاء فيها وفق قدراته وإمكانياته، وقد مات ـ رحمه الله ـ وهو يحلم كغيره بيوم التحرير والاستقلال الذي طال انتظاره على الجميع.

وفي هذه العجالة أشكر كل من واسانا في فقيدنا سواء بالحضور أو الاتصال أو الكتابة من خلال وسائل التواصل وأخص بالذكر الأستاذ تمام باشراحيل وأسرة “الأيام” الغرّاء والسلطان غالب بن عوض القعيطي والسيد عبدالرحمن الجفري والأستاذ محسن بن فريد والشيخ صالح بن فريد العولقي والمهندس محسن باصرة والشيخ أحمد بامعلم وكافة الإخوة الأكارم الذين لو استمررنا في سردهم لاحتجنا لصفحات إضافية.

ولن استرسل في الكتابة عن الوالد الغالي رحمه الله فسأكتفي بقصيدة من الشعر الشعبي الحضرمي جادت بها قريحة الأستاذ صالح بن سالم باسعيد في يوم ختم العزاء حيث قال:

الحمد لك يا الله يا المعبود يا الفرد الصمد

يا اللي خلقت الآدمي وخلقت له جنة ونار

أسألك تنجينا من دنيا المآسي والنكد

لي همها واجد وغثاها مكوّر بالبهار

لا فرّحتك يوم جاك اليوم لي بعده أشد

مليء بالآلام والأحزان مغيّم بالكدار

ويقول بو مرعي جرى دمعي على خالي حمد

والنفس تتألم وتتصبر على كل القدار

والناس با تحزن وبا تحزن دياره بالعدد

والعمارة محزنة يبكي بلُكها والحجار

والمنظرة تحزن وقد باتت في كساها السوَد

وكيف ما تحزن على من هو صيّرها من خير الديار

رقّى لنا القرية وميّزها على كل البلد

ولقّى لها مقصد متميز وملفت للنظار

ولله لقى مسجد بأمواله تصدق واستعد

بانيه لوجه الله ما قصده بسمعة وافتخار

ولقّى لنا العقبة قرّب المسافة والبعد

وتحتها برادة الماء للصغيّر والكبار

موت “بو محسن” خسارة ما تعوض للأبد

على المنظرة وأهله وأولاده وأصحابه وجار

دائم على نية ونيّته مطية في الشّدَد

يمهر بها ويدخل بها وسط الغبب لي في البحار

له يد في الخيرات ولا ظنيت با يشبهه حد

تلقى مشاريعه في اليمنى وانك ع اليسار

يا رب بترجّاك بالفردوس جازي الخال حمد

مع الحبيب المصطفى وصحبه الصحابة الخيار

وختمها صلّ على الهادي عدد ساجد سجد

وعد ما سبّح وهلل في المساء أو في النهار.