fbpx
دين مكارم الأخلاق لايحميه اللصوص
دين مكارم الأخلاق لايحميه اللصوص
عبدالسلام بن عاطف جابر
كم هي عظمة الاسلام الذي دفع الشعوب الاسلامية في أنحاء الأرض إلى موقف موحد ، وهبَّة شعبية واحدة لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فذاك بالصرخة ، وهذا بالكلمة ، وذاك بالتكبير ، وذاك بالصلاة ، وهذا بالمقال ، وذاك بالتلفزيون ، كلٌ تحرك بأسلوبه وماتيسر له من الطرق والوسائل . وهذه اللحمة الإسلامية دفعت كل المتورطين بالفلم إلى التوبة والندم ، فكما دافع المسلمون بكل الطرق حاولوا الهروب بكل الطرق ، فالمنتج هرب وأختبأ ، وفريق الفلم يصدرون البيانات أنهم وقعوا تحت الخديعة ، وتلك الممثلة تعتذر وتبكي وتقسم بحبها للاسلام وللرسول صلى الله عليه وسلم ، وكل يومٍ سنرى معتذر وتائب ، والعالم أجمع من الولايات المتحدة ممثلة برئيسها إلى آصغر دولة يشجب ويندد ويحاول تبرأة ساحته .
وقد تكون العاطفة المجردة من إدارة العقل سيطرة على الجماهير في بعض بلاد الله ، ما أدى إلى تصرفات سلبية ليست من تعاليم الإسلام ، لكن اللوحة الجميلة التي رسمتها الأمة الإسلامية في هبَّتها طغت على كل تلك السلبيات ، وعظمة الدين الإسلامي ستلزمنا بإصلاح ما أفسده البعض .
إنَّ ما يميز رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عن غيرها ، أنَّها خاطبت العقول بماتعيه من مصالح البشرية ، فلم تأتي من أول يوم بالأحكام والضوابط الشرعية دفعةً واحدة ، بل انزلت خلال اثنين وعشرين عاماً بما يتوافق مع حاجة الناس في كل مرحلة ، حتى الزم المحب والكارة الثناء على هذا لدين العظيم . ولذلك كان الإسلام هو المنتصر في كل تحدي فكري على مر التاريخ .
ولو عدنا إلى الوراء وراجعنا أهم الأعمال العدائية في تاريخ الإسلام لأثبتنا ذلك ، ففي بداية البعثة قام كفار قريش بحملة دعائية تشويهية ضد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فانتظروا الحجاج في البيداء وفي الشعاب وفي كل مكان يحذرونهم من سحر محمد ، فكانت النتيجة أنهم دفعوا الناس لسماع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسلم  الكثير ، فقالوا لوكنا سكتنا عن الرجل لكان عدد من اتبعه أقل ، ثم اخرجوا الرسول صلى الله عليه وسلم من مكه ، فأسلمت القبائل أفواجا ، ثم كان صلح الحديبية بشروطه الجائرة التي كادت تفتن الناس ، فكان عدد الداخلين في الإسلام أكثر من قبله ، ثم كانت الردة عن الإسلام في عهد أبي بكر رضي الله عنه ، فعاد أغلب المرتدون أكثر إيماناً وفداءً للإسلام من غيرهم ، فسطروا بطولات حفظها لهم التاريخ في الفتوحات الإسلامية في العراق والشام .
ثم مرت العقود وبدأت تظهر الدعوات الشاذة والمعتقدات المغلوطة ، وصمدت الرسالة المحمدية أمام ثورة البدع ، فالفاطميون بنوا الأزهر في مصر لنشر مذهبهم الشاذ ، وبمشيئة الله تحول الأزهر إلى منارة الدين الصحيح ، وصل نوره إلى أقصاء الأرض ، ثم جاء الغزو التتري فدمر بلاد المسلمين ، وبعد سنوات تحوَّل التتار من غزاة إلى دعاة في شرق الأرض ، بدايةً بإسلام ملك التتار تكودار بن هولاكو ، الذي سمى نفسه (أحمد تكودار) أول شهيدٍ تتري نصرة لله ورسوله .
ثم جاء السلطان جلال الدين أكبر سلطان الهند فأفسد في الاسلام ، حيث بدأ حياته شيعي واتخذ الزنديق أبو الفيض بن المبارك الناكوريّ مستشاراً وجليساً وقصتهما طويلة لاحاجة لذكرها ، ويكفي أن نذكر نهايتهما ، فالأول مات كافراً بالله بعد أن أبتدع ديناً جديداً خليط من الاديان الاسلام والمسيحية والهندوسية وأسماه ( الدين الإلهي ) والثاني انتهى بموت لم يشهد التاريخ مثيل له ، فكان يعوي كالكلب ، وتغير جسمه ووجهه الجميل إلى رأس كبير منتفخ حالك السواد وجسمه نحيل كالعصى ، فعافه الناس حتى أهله ووضعوه في بيت مهجور لايزوره أحد حتى مات . ولكن عظمة الإسلام لم نتهي هنا ، فبعد ضياع الإسلام في الهند بين البدع والالحاد والكفر ، لمدة تجاوزت السبعين عاماً (فترة حكم أكبر وأبنه جهنكير) جاء السلطان محمد شاه جيهان ليعيد الناس إلى الدين الصحيح ، لكن موت زوجته ممتاز أثر فيه أثراً عظيماً ، فترك الحكم لأحد أولاده ليتفرغ لبناء قبر زوجته ممتاز ( تاج محل ) ، ولكن أبنه هذا حاول إعادة البدع والدين الإلهي ، فثار عليه أخوه التقي الورع الحافظ لكتاب الله الداعية والفقيه والمحقق الحنفي والخطاط (السلطان المجاهد محمد اورانك ) الذي حكم أكثر من ٥٠ عاماً ، أعاد خلالها الإسلام الصحيح إلى الهند على نهج الخلفاء الراشدين ، وبجهاده عاد المسلمون إلى الإسلام الصحيح ، وبعدله وصلاحه اعتنق الاسلام الملايين من الوثنيين والهندوس .
وفي العصر الحديث كانت أحداث ١١ سبتمبر نصراً للإسلام الصحيح وهزيمةً للمتطرفين المسلمين والامريكيين ، فكانت نتائج الحملة التشويهية للإسلام إيجابية عليه ، حيث أسلم خلال أسبوعين بعد الحادثة أكثر من عشرة آلاف أمريكي (١٠٠٠٠) ، منهم أكثر من ألف اكاديمي ومن نخبة الشعب الامريكي ، وأصبحت كتب تفسير القرآن بالانجليزية أكثر الكتب مبيعاً . وبعد غزو العراق ، وبرغم تدميره ومحاربة الإسلام في عقر داره ، إلاَّ أن الإسلام هو المنتصر ، حيث أسلم آلاف الجنود الامريكيين .
إن الإسلام دين بناء وليس دين هدم وإحراق ، دين يحمل محاسن الأخلاق والقيم المتجددة بمايتوافق مع الزمان والمكان ، دين أنزله الله ليكون لجميع الأجيال حتى قيام الساعة . ومن عظمة الإسلام أنه لايعالج المفسدة بمفسدة ، ولايعاقب البريء بالمسيء (( ولاتزر وازرةٌ وزر أخرى )) فكيف يكون النهب والسرقة والقتل دفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم !!!
والذين انتجوا الفلم أفادوا الإسلام من حيث لايشعرون ، بغض النظر عمن ورائهم ، أكانت دولة أو كنيسة أو ثقافة موروثه ، والذين قتلوا وسرقوا وأحرقوا أساؤا للإسلام من حيث لايشعرون ، بغض النظر عن دوافعهم . وأنا على يقين أن الإسلام سينتصر بإذن الله في هذه الجولة ، والفلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم سيكون وسيلة إيجابية لنشر الإسلام ، وليس العكس.
ولو استشارني اليوم رئيس مندد أو ملك شاجب بالفلم المسيء أو بردود الأفعال السلبية ، لنصحته بالاعتذار للمتضررين الأبرياء وتعويضهم ، فماحدث ليس من الاسلام ، ثم انصحه بتوفير تكاليف المؤتمرات الصحفية وتكاليف الاجتماعات بخصوص الفلم ، وجعل هذا المبلغ نواة لتبرعات في كل بلاد المسلمين ، فلو تبرع كل مسلم بدولار واحد فقط لجمعنا أكثر من مليار ونصف ، ومن هذه المليارات نستطيع إنتاج عشرات الافلام بلغات أجنبية وبممثلين أجانب ، تتحدث عن الإسلام وعن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فهكذا يكون الرد الصحيح ، فالرد على الاسطوانة المشروخة حرية الرأي بالرأي الحر الصادق ، والفلم يرد عليه بفلم ، والكتاب بكتاب ، فالدواء من جنس الداء .
ختاماً اعتذر لكم يارسول الله على الإيجاز فلم أقل كل مايجب أن يقال (اللهم صلي على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد ، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد )