fbpx
الدكتور عبد العزيز بن حبتور*

د. عيدروس نصر ناصر

ترددت كثيرا في الكتابة عن الزميل الدكتور عبد العزيز رغم الكثير مما يستحق التناول في سلوكه ومواقفه، لكن ما جعلني أتردد في التعرض له كثير من الأسباب معظمها شخصي يتصل بعلاقة الزمالة التي بدأت في العام 1975م عندما كنا طلابا في ثانوية زنجبار حينما وفد مع مجموعة من طلاب الثانوية العامة من أبنا شبوة لإكمال السنة الثالثة في ثانوية زنجبار، وكان من بين هؤلاء طلاب لامعين في التفوق العلمي والنشاط الطلابي أمثال الزملاء أحمد الجربا وأحمد محمد ثابت ثم علي محمد ثابت، وحسين لغور، وغيرهم ممن صاروا اليوم يحملون شهادات الدكتوراه بينما كان عبد العزيز بن حبتور مجرد طالب أنيق لا يتميز إلا بأنه يصرف الكثير من النقود ويرتدي ملابس جميلة وغالية، وقد استمرت هذه العلاقة القائمة على الاحترام حينما صار نائبا لرئيس جامعة عدن ثم نائبا لوزير التربية والتعليم (محسوبا على جناح نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي) ثم حينما أصبح رئيسا للجامعة التي أعمل أستاذاً فيها، وهي بالمناسبة تضم مئات الجهلة  وعديمي الكفاءة  ومحدودي المعرفة.

ربما تميز الدكتور عبد العزيز ببعض السمات الرجولية كالنخوة والشهامة وحتى سهولة التفاهم عندما يتعلق الأمر بالشأن العام، لكن نموذج بن حبتور لا يمثل إلا إحدى صور خيبات اختيارات الشرعية التي ظل الرجل محل ثقتها حتى وهو ينسخ الخيوط الأخيرة لتقديم رئيس الجمهورية هديةً ثمينةً لمن كانوا يبحثون عن دمه بأية وسيلة.

نتذكر جميعا أن بن حبتور وعدد آخر من الكوادر التي لمعت نجومها بعد 1994م جاءت محسوبة على اصطفاف نائب الرئيس حينها ( الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي) وظل بن حبتور ومعه عشرات من المحسوبين على النائب هم قطب الرحى في كل تشكيلة أو توليفة وظل هؤلاء يتنقلون في المواقع والمناصب والإدارات والوزرات ليس لتميزهم بالكفاءة والمهارة ولا لتفوقهم العلمي والمعرفي ولكن ببساطة لأنهم محل ثقة النائب، وحينما كان الكثير منهم يرتب أوراقه على ما هو أبعد من النائب ظل الأخ النائب يعتبرهم جيشه الاحتياطي يرجع إليهم كل ما احتاج منصبا أو فاز بحقيبة مما كان يتصدق به الزعيم ومعسكره.

وحتى بعد ما صار النائب رئيسا وصار هو صاحب الحل والعقد وتوفر له من الممكنات ما يساعده على قراءة النوايا وكشف النفسيات التي يتعامل معها، ظل مركزا على هذا الاصطفاف الذي كان بعض أفراده قد طوروا خياراتهم وعثروا على كنز أكبر من نائب الرئيس (الذي غدا رئيسا) فمثلا عندما اتسعت دائرة الرفض لمحافظ عدن المهندس وحيد رشيد لم يجد فخامة الرئيس من يوليه محافظة عدن غير عبد العزيز بن حبتور، الذي كان قد أوصل الجامعة إلى  أسوأ مستويات عرفتها منذ تأسيسها على يد أسماء كبيرة أمثال د سعيد عبد الخير النوبان، ود محمد جعفر زين ود. عبد الله فاضل فارع ود جعفر الضفاري ود سالم بكير وغيرهم وكانت مركزاً للعلم والفكر والثقافة والانفتاح، لتتحول بعد كل هذا المشوار إلى صورة للعلاقات الأسرية والمناطقية وتكريس صورة الزعيم وبيع وإنتاج الشهادات الجامعية مع إنتاج بعض الثقافة السطحية وقلة قليلة من المتفوقين الذين لا يقبل أكثرهم كمعيدين في كلياتهم في حين يتم قبول متوسطي المستوى من أبناء وأقارب المسؤولين من السطحيين والتافهين.

وهكذا صار بن حبتور محافظا لعدن محتفظا بمنصب رئيس الجامعة ببساطة ليس لخلو البلد من الكفاءات ولكن لأن الكثيرين لا يروقون لمن يحيط بفخامة الرئيس من المستشارين الفاشلين.

لا أدري ماذا كان شعور فخامته وهو يتسلم تقرير الصفقة التي عقدها بن حبتور وزملائه مع الحوثيين لتسليمهم رئيس الجمهورية ومن كان معهم يوم أسر اللواء محمود الصبيحي والعميد فيصل رجب والعميد ناصر منصور، لكن ما لا أشك فيه أن الرجل قد أصيب بالصدمة عند ما اكتشف أن من يثق فيهم ويعتبرهم رجالاته مستعدون لبيعه لأعدائه مقابل بعض المناصب والريالات.

اليوم يتكرر المشهد ويعاد رسم نفس اللوحة فصانع القرار الرئاسي يعيد تدوير نفس البضاعة التي استهلكها كل خصومه، فعادت لإعلان الولاء للرئيس بعدما كسد سوقها وندر الباحثون عنها وليس حبا في شرعية االرئيس.

يمتلئ الجنوب ، والشمال بالكوادر الوطنية النزيهة والكفوءة والمجربة وذات الخبرة الممتازة في الإدارة وذات السمعة الطيبة في النزاهة والحرص على الصالح العام وذات الكفاءات والشهادات العلمية والمبدعة حيثما حلت بينما لا نسمع إلا تعيين هذا النكرة أو ذلك المتلون أو هذا المتنقل أو ذاك الوافد من معسكر المخلوع ليحتلوا المواقع المهمة التي يفترض من خلالها أن يقدموا النموذج القادم لما يحلم به الناس وما يتنظرونه من فخامة الرئيس وشرعيته، لكنهم (أي الناس) يصابون بالخيبة عندما يكتشفون أن أبناءهم استشهدوا ودماءهم سالت وتضحياتهم ذهبت كي يأتي من يحكمهم من أشكال عبد العزيز بن حبتور أو عبده الجندي أو ياسر اليماني وهذه العينات موجودة في صف الشرعية ويشار إليها بالبنان وليست مجرد تخمينات أو إشاعات أو تسريبات.

الحكومة الشرعية توزع المناصب كمكافآت لمن يؤيدون الشرعية بعد انتقالهم من معسكر المخلوع وليس اختيارا للكفاءة والخبرة والنزاهة والأمانة والقدرة على الإبداع والإبتكار وكلما كان ماضي هؤلاء أكثر إيغالا في خدمة الرئيس المخلوع كلما كبرت المكافأة بعد إعلانه الانحياز إلى الرئيس الشرعية ومعسكره.

أخيرا لا أدري ما الذي أغرى الزميل بن حبتور ليقبل مهمة رئيس وزراء في حكومة مرفوضة وطنيا ومرفوضة إقليميا ومرفوضة دوليا، والأهم فاشلة واقعيا ومكتوب لها الإفلاس منذ لحظة ولادتها؟ فإذا كان الموضوع تسوية وضع مادي فأعتقد أن الزميل بن حبتور لديه ما يغنيه  عما يأخذه من حكومة تسطو على رواتب الموظفين لتغطي ما يسرقه مسؤولوها، أما إذا كان الموضوع لكفاءته وخبرته فإن الزميل عبد العزيز يستطيع أن يقدم خدماته في مكان آخر وهو مجاله الأكاديمي الذي فضل عليه التورط في الدسائس والألاعيب القذرة والمدمرة، أما إذا كان الرئيس السابق الذي خدمه وأخلص له على مدى أكثر من عقدين قد ورطه في بعض المستمسكات فالشعب سموح ولن تكون تلك التوريطات أكثر مما جرى لكثيرين ممن تخلصوا من الولاء لـ”الزعيم” وذهبوا إلى المكان الآخر حيث الرزق الحلال والمؤازرة المحلية والإقليمية والدولية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*   من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك