fbpx
الصحفي ” آدم بارون” يكتب: بدأ سيناريو انفصال جنوب اليمن ويجب الاستماع للجنوبيين فهم القوة الرئيس على الأرض
شارك الخبر
الصحفي ” آدم بارون” يكتب: بدأ سيناريو انفصال جنوب اليمن ويجب الاستماع للجنوبيين فهم القوة الرئيس على الأرض
يافع نيوز – ترجمة خاصة بموقع تاج عدن
آدم بارون
في تعبئته لمواجهة الادعاءات بفقدانه السيطرة على مدينة عدن ولأثبات قوته اقدم الرئيس عبدربه منصور هادي في ابريل الماضي على عزل محافظ عدن, المدينة التي اتخذها هادي عاصمة مؤقتة له فخاب مسعاه اذا جاء قراره هذا بنتيجة عكسية تماما. لم يرفض المحافظ عيدروس الزبيدي الامتثال للقرار وحسب بل واعلن عن تشكيل مجلس يهدف بشكل واضح الى فصل جنوب اليمن .
لقد اثار قرار هادي في تعيين عبدالعزيز المفلحي الذي قضي معظم وقته في الرياض  بسبب التوترات في عدن محافظا  للمدينة بديلا للزبيدي ردود فعل كبيرة أدت لمظاهرات عامه تدعم الخطوة التي اقدم عليها الزبيدي.
هذا يعد المثل الأخير فقط لتصاعد التوترات في جنوب اليمن, فمنذ تحرير عدن من قوات الحوثيين المتحالف مع مؤيدي صالح في يوليو 2015  بواسطة التحالف المناوئ لهم والذي تشكل من خليط من (الإسلاميين والانفصاليين ومؤيدي هادي) تحولوا في صراعهم ضد بعضهم بشكل متزايد ومستمر نتج عنه اضطراب متواصل في مدينة عدن. وتواجه حكومة هادي التي تتخذ من الرياض مقرا لها تحديا كبيرا متزايدا من قبل حلفائها السابقين رغم ما تحظى به من اعتراف دولي واسع خاصة وانه ليس لها أي تأثير يذكر سواء على مدينة عدن أو الأراضي الأخرى التي تسيطر عليها اسميا.
في الوقت نفسه فإن التأثير المتنامي للقوى الانفصالية يهدد تمزيق اليمن. والجدير بالذكر ان هذه المشاعر والميول الانفصالية ليست جديدة بل أنها ناتجة عن تركيز واحتكار السلطة بيد حكومة صالح  بعد الحرب الاهلية التي شهدتها البلاد في عام 1994 وكذلك نتيجة لتفاقم عمليات القمع الدموي الذي تعرض له الحراك الجنوبي بعد تشكله في 2007 .
بعد ان اقدم الحوثيين وحلفاؤهم على غزو عدن في 2015 واتخاذهم سياسة الأرض المحروقة والتي أدت الى تعميق الانقسامات الطويلة بين الشمال والجنوب, حضي التوجه الانفصالي بدعم وصل الى مستويات غير مسبوقة. وقد تمكنت الشخصيات الرئيسية  ذوي الميول الانفصالية وفي مقدمتهم عيدروس الزبيدي من تثبيت أقدامها على الأرض وزيادة تأثيرها وقوتها, لعب دورا في ذلك إلى حد ما الدعم الذي تقدمه لهم دولة الإمارات العربية المتحدة. لكن الصراع تفجر في الآونة الأخيرة بينهم وبين القوات الموالية ل هادي والمتحالفين مع حزب الإصلاح الذي ينتمي اغلب اعضاؤه الى جماعة الإخوان المسلمين اليمنيين. ورغم إن الوساطة الخليجية تمكنت من احتواء الخلافات جزئيا الا ان تداعيات الصراع قد أدت الى استمرار هذه التوترات.
إن الأحداث التي تجري في عدن تؤكد باستمرار على وجود الصراع العميق في معظم أراضي جنوب اليمن, فالمظاهرات الضخمة المؤيدة للانفصال التي اجتاحت الشوارع وتمتعت بحماية قوات الأمن تؤكد على قوة هؤلاء الذين يدعون للاستقلال.
يمثل الزبيدي وبن بريك وحلفائهم الجانب الأقوى من بين الأطراف المتواجدة على الأرض ولم تعد سيطرتهما عليها ليست محل أي شك, ورغم إن المدينة مازالت تتقاسمها فسيفساء من المجاميع المسلحة (غالبا من المتطرفين) فإن الجماعات الجهادية قد لجأ اغلبها إلى النزول تحت الأرض بعد إن كانوا يسيطرون على أحياء سكنية بأكملها من المدينة.
نتيجة لموقع اليمن الاستراتيجي وللحضور التاريخي لتنظيم القاعدة في هذا البلد فإن الاضطرابات فيه يمكن أن يتردد صداها خارج حدوده, كما أن تكرار استمرار التوترات يمكن أن تجر معها دول الخليج الرئيسة إلى أتون هذا الصراع الذي سيؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في شبة الجزيرة.
دون شك إن هذا الوضع يشكل مصدر قلق كبير للأوربيين الذين يروا بوجوب اتخاذ جملة من الإجراءات الضرورية التي يمكن أن تساعد في وقف الصراع وتحقيق الأمن والاستقرار.
الأول:  التواصل المستمر مع القوات الجنوبية التي تم استبعادها من العملية السياسية التي يتبناها المجتمع الدولي بغض النظر عن الالتزام المستمر بتأييد وحدة اليمن من قبل الأطراف التي لها مصالح هناك فإنه اليوم بات ضروريا الاستماع لأصوات الانفصاليين. لقد بات جليا أن وجهات النظر الانفصالية بين أوساط الجنوبيين في تزايد مستمر كنتيجة للتهميش الذي تعرضوا له على امتداد فترة الربيع العربي.
فبدلا من تجاهل الزبيدي وغيره من أعضاء المجلس الجنوبي الذي نشأ مؤخر ينبغي الاعتراف بهم كلاعب رئيس لذا فإن اللقاءات التي تمت مؤخرا بين عدد من الدبلوماسيين الأوربيين والقادة الجنوبين هي خطوة في الاتجاه الصحيح.
الثاني: لابد من بذل جهود كبيرة لإعادة النظام وسيادة القانون في عدن.
على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها دولة الإمارات العربية لإعادة الأمن الاستقرار فإن مدينة عدن تعيش اليوم على الهامش وتفتقر لأبسط الخدمات الضرورية مثل الماء والكهرباء بعد انقضاء عامين منذ أن تحررت المدينة من الحوثيين والقوات المتحالفة معهم.
وفي نفس الوقت تمثل زيادة الجهود في إعادة الاستقرار ليس لتحسين مستوى المعيشة لسكان عدن بل أيضا لإثبات حسن النية معهم ومع أبناء الجنوب الذين تعرضوا للتهميش لفترة طويلة , الأمر الذي سيساعد دون شك على بناء الثقة في أي عملية سياسية.
وأخيرا ينبغي على أوروبا زيادة التنسيق مع دول الخليج بخصوص جهود إعادة الاستقرار والوساطة التي تقوم بها في الجنوب. إن ترسيخ التعاون والتنسيق بين الجهات الأوربية الفاعلة الرئيسة وبين دول الخليج يمثل فرصة كبيرة ليس فقط لتحقيق اقصى قدر من النجاح والكفاءة ولكن أيضا لبناء الثقة وزيادة التعاون بين الجهات المحلية والإقليمية الفاعلة. وفي نفس الوقت إن التنسيق الدقيق بين دول الخليج وأروبا يزيد بشكل كبير من فعالية جهود الوساطة الرامية لتحقيق الاستقرار.
هشاشة الوضع الراهن امر ليس مبالغا فيه كما أن الانجرار إلى وحل النزاع المسلح الواسع النطاق في الجنوب أيضا ليس مستبعدا.  
أن مخاطر السماح باستمرار الاضطرابات لا يقتصر على إنهاء قدرة الحكومة المعترف بها دوليا على العمل في عدن بل انه يهدد باندلاع حرب أهلية بين مؤيدي ومناوئي الانفصال في اطار الصراع الواسع النطاق الذي يجري حاليا في اليمن, وهذا من شأنه أن يجر البلاد إلى دوامة اعمق من الحرب الأهلية الراهنة التي جعلت من القاعدة اقوى واغنى من أي وقت مضى.
أخبار ذات صله