fbpx
أغصان زيتون سعودية في كل اتجاه: تحالفات جديدة أم انكماش مؤقت
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

شدت السعودية الأنظار إليها في الأيام الأخيرة بتحوّلها إلى قِبلة لزيارات مسؤولين من بلدان مختلفة، بعضها كانت محسوبة على أنها في غير حلف الرياض مثل زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس وزراء باكستان عمران خان، ووزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، فضلا عن فتح قنوات اتصال نادرة مع إيران.

 

وتقول أوساط خليجية إن تتالي الزيارات وكذلك الاعتراف بعقد جلسات حوار مع إيران يظهران أن هناك توجها جديدا لدى القيادة السعودية يقوم على تبريد مختلف الملفات الخلافية والسعي للتعاطي معها بشكل ثنائي يجعل هدفه الرئيسي البحث عن مصالح المملكة بالدرجة الأولى بقطع النظر عن تحالفاتها السابقة على المستوى الخليجي أو الإقليمي.

 

وترى هذه الأوساط أن السعودية تعمل على الاستفادة من المتغيرات الإقليمية بسرعة وبطريقة عملية، والقطع مع الأسلوب القديم القائم على الإرجاء وانتظار توضّح مواقف الآخرين وخططهم، لافتة إلى أن القيادة السعودية غيّرت آليات تعاطيها مع التحالفات القديمة، ولم تعد تمانع في فتح قنوات الاتصال مع خصومها بما في ذلك إيران وتركيا.

 

ويبدو أن الرياض بدأت تغير إستراتيجيتها بشكل جذري خاصة ما تعلق بإيران، وأنها قد تكون فكرت في استباق التطورات التي سيقود إليها موقف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالانفتاح على إيران، وأنها تفضل أن تبادر بنفسها إلى إذابة الجليد مع طهران بدل أن تُفرض عليها في المستقبل حين تتحول إلى أمر واقع.

 

علي ربيعي: مصمّمون على معالجة كل الخلافات التي تتسبب بإزعاج لدول المنطقة

ويعتقد السعوديون أن طَرْق باب الحوار المباشر مع طهران سيجد تفاعلا من الإيرانيين الذين يبحثون بدورهم عن هذه الفرصة لطمأنة السعودية وتهدئة المخاوف الإقليمية بشأن ملفهم النووي وإبداء الرغبة في حوار لتبريد الأزمات الإقليمية التي تتداخل فيها الأدوار السعودية والإيرانية، وأن كسب ود الرياض سيخفف عن طهران الكثير من الضغوط ويمهد لقبول إقليمي بأدوارها الإقليمية.

 

وعبر المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي عن تصميم بلاده على معالجة كل الخلافات التي تتسبب بإزعاج لدول المنطقة، مشيرا إلى أن الوقت صار مناسبا الآن لإنهاء هذه الخلافات وإحياء الأمن وحسن الجوار والأخوة بين دول المنطقة.

 

وبعد اعترافها بوجود لقاءات سرية مع الإيرانيين في بغداد، وهو أمر نادر في تقاليد الدبلوماسية السعودية، أرسلت الرياض، بشكل علني، وفدا برئاسة الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي إلى بغداد لبدء ترتيبات جولة جديدة من الحوار مع إيران في العراق.

 

وأكدت مصادر سياسية عراقية في تصريح لـ”العرب” أن الوفد يضم عددا من الشخصيات السياسية والأمنية التي ستجتمع بمسؤولين عراقيين ثم بمسؤولين إيرانيين لاحقا.

 

وتحاط عادة أجندة المباحثات السعودية – الإيرانية بسرية كبيرة، لكن مصادر خاصة تتحدث عن إمكانية بحث مستقبل الصراع في سوريا وتشكيل حكومة لبنانية ووقف إطلاق النار في اليمن.

 

وبالرغم من أن العراق هو من يحتضن جولات الحوار السري بين إيران والسعودية إلا أن المصادر تتحدث عن تجنب طهران والرياض الخوض في الملف العراقي.

 

ولاحظ مراقبون أن الاندفاعة السعودية نحو كسر الخطوط الحمراء التقليدية مع إيران تأتي كرد فعل على ضغوط إدارة بايدن ومحاولة حصر المملكة في الزاوية ودفعها إلى تقديم تنازلات لا تراعي أمنها القومي، مشيرين إلى أن الرياض بالانفتاح على الحوار مع إيران بشكل مباشر تسحب البساط من تحت أرجل من يحاولون توظيف ورقة التخويف من إيران لابتزازها.

 

إلّا أن التوقعات لا تزال متحفظة بشأن مستقبل الحوار بين الرياض وطهران ومستواه، وهناك مؤشرات توحي بصعوبة رفع مستويات تمثيل البلدين فيه.

 

ويعبّر مراقبون عن اعتقادهم بأن أي تفاهم سعودي – إيراني سيتطلب جولات عديدة، ربما تستغرق بضعة أشهر، قبل التوصل إلى اتفاق مّا.

 

وأظهرت الاستدارة السعودية نحو إيران أن ما جاء في المقابلة التلفزيونية الأخيرة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن الرغبة في إقامة علاقات “طيبة ومميزة” معها لم يكن مناورة، وأنه جزء من إستراتيجية سعودية تقوم على إعادة بناء المشهد ورسم علاقات جديدة على قاعدة المصالح.

 

Thumbnail

وقال الأمير محمد بن سلمان “لا نريد أن يكون وضع إيران صعبا، بالعكس، نريد لإيران أن تنمو وأن يكون لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في المملكة لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار”.

 

ويعتقد محللون أن الاستدارة السعودية غير المفهومة قد تكون ضمن رؤية تقوم على تخفيف الضغوط المختلفة على أمل البدء برسم تحالفات جديدة تحرص على تحييد خصومها المباشرين، خاصة أنها طالت الجميع ممن اختاروا في السنوات الأخيرة التموقع في الضفة المعادية لها مثل إيران وتركيا وقطر وباكستان.

 

لكن دوائر خليجية متابعة تقول إن الأمير محمد بن سلمان يعتقد أن المعارك الخارجية السياسية والإعلامية والعسكرية تعيق المملكة عن أولوياتها، وعلى رأسها الإصلاحات الواعدة التي حملتها رؤية 2030، وأن هذا لن يتحقق إلا من خلال انكماش مؤقت للدور الخارجي.

 

وهيمن الحديث عن الإصلاحات الاقتصادية والفرص والمزايا التي توفرها للسعوديين على المقابلة الأخيرة للأمير محمد بن سلمان. ولم يخف اعتقاده الراسخ بأن الأولوية في المملكة هي للإصلاحات التي ترتقي بالمملكة إلى قوة إقليمية وازنة بالنفط وبدونه. وهذا معطى يمكن أن يكون حاسما في فهم طبيعة التغيرات في الموقف السعودي الرسمي.

 

ويقول المحللون إن الرسالة الواضحة التي تريد السعودية أن تلفت إليها الأنظار هي أنها لم تعد معنية بالتحالفات القديمة، سواء على المستوى الخليجي أو الإقليمي الأوسع، وهو ما يبدو واضحا من خلال النأي بنفسها عن الخلاف القطري البحريني، والذي يكسر مسار المصالحة الذي سعت إليه الرياض وتوجته بقمة العلا في يناير الماضي.

 

وتتعامل الرياض وفق الإستراتيجية الجديدة على أساس حل المشاكل مع الطرف المعني بشكل منفصل كما صار واضحا في الموقف من تركيا التي تبحث الآن عن مصالحة تكسر الفيتو السعودي غير المعلن الذي قاد إلى خسارة الأتراك للسوق السعودية، وهو ما كشفه التراجع الكبير لحجم المعاملات التجارية، وكذلك المقاطعة الاقتصادية والشعبية الواسعة.

 

ويشير المحللون إلى أن سياسة التطرّق إلى الملفات بشكل منفصل قد تساعد السعودية في سعيها إلى البحث عن حل لحرب اليمن شرطها الوحيد فيها هو الحصول على ضمانات تحفظ أمنها القومي، لافتين إلى أن مقابلة ولي العهد السعودي الأخيرة قد فتحت باب الاعتراف السعودي الواضح بالوضع المستقبلي للحوثيين.

أخبار ذات صله