fbpx
الدبلوماسية اليمنية…بين ماضي مقبول وحاضر مزري

 

كتب/ علي عبد الله البجيري
احباط ينتابني وأنا اتابع ما يكتب ويقال عن الخارجية اليمنية، أكتب هذه الكلمات وأنا ارصد تعثر الدبلوماسية اليمنية في تمثيل الوطن. لا يتحمل الوزير الحالي هذا الفشل، بل تتحملة قيادة الشرعية اليمنية بكاملها حين فشلت في وضع خارطة عمل للدبلوماسية اليمنية وعدم حسن اختيار وزراء هذا المنصب الحساس، لقد تداول على هذا المنصب منذ بداية الازمة سبعة وزراء وهذا يمثل عمر الحرب في اليمن بمعدل لكل عام وزير جديد.ومن عوامل الفشل وجود لوبي فساد متمرس داخل الوزارة ومن خارجها لديه القدره على اختراق جدران مكتب الوزير، ووقف الاستدعاءات واستمرارية التمديد للبعض،ومنع رفد البعثات بكوادر متخصصة من ذوي الخبرة والكفاءات.
هناك اعراف دبلوماسية متعارف بها دوليا تحتكم لها وتلتزم بها دول العالم ، ولم تكن الدبلوماسية اليمنية استثناء إلا في عهد الشرعية اليمنية ،التي أبدعت وشرعنت اعراف خاصة بها ليس لها علاقة باتفاقيتي فينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية، ولا ترتبط بأي صلة ببديهيات العمل الدبلوماسي والأعراف البرتكولية وهذا يعود إلى أن بعض سفرائها في الخارج هم من خارج الوزارة وممن تجاوزت اعمارهم الأجلين وفق نظام الخدمة المدنية ، مما ينعكس سلباً على قدراتهم الذهنية والعملية في متابعة الأحداث وتطوير العلاقات الثنائية وخدمة الجاليات اليمنية، بالإضافة إلى تعيين بعض أعضاء البعثات من عديمي الخبرة، بمن فيهم من يديرون الخارجية من مقرها في المملكة السعودية ومن عاصمتها الرياض، وهذا ما سهل لبعض الأشخاص المحترفين في التملق والانتهازية التأثير على تلك القيادات خدمة لتوسيع مصالحهم، ونقل خبراتهم في الفساد والوصول إلى صناديق ” الدخل الاضافي” لقد تم استبعاد الكوادر الدبلوماسية المتمرسة ممن تشهد لهم المحافل الإقليمية والدولية، أصحاب الخبرات والكفاءات، وكان هذا الإجراء ولا يزال جزء من سياسة الشرعية اليمنية في تدمير الخارجية وقوانينها وتجويع كوادرها في صنعاء وعدن، لذلك لا غرابة أن تتم التعيينات العشوائية وتتجاوز لائحة السلك الدبلوماسي المتعارف بها في الوزارة والتي تنظم الابتعاث إلى السفارات وشروط الترقيات، وفي الحقيقة أن ما نشهده هو انعكاس لكوارث الشرعية وفشلها السياسي والعسكري واتخاذها من الفساد وسيلة لكسب وشراء الذمم لضعفاء النفوس وانتهازي المواقف.
ولعلي أطرح هنا بعض الملاحظات المتصلة بهذا الأمر :
اولاً: تعيين غالبية السفراء من خارج وزارة الخارجية، وبمجرد تعيينهم يلحقون أبنائهم واقاربهم بالتعيين في البعثات، صحيح ان هذه الظاهرة بدأت في عهد النظام السابق، ولكن الشرعية طورتها وجمعت لأول مرة بين الأهل والاقارب في سفارة واحدة وتحولت بعض السفارات إلى احتكار لأبناء المسؤولين، وتوقفت حركة التنقلات المعتادة كل اربع سنوات للسفراء والمبعوثين .
ثانياً : عدم خضوع من يتم تعيينهم من خارج الوزارة لامتحانات القبول ودورات التأهيل في المعهد الدبلوماسي، بل أن بعض ابناء المسؤولين او السفراء لايحملون المؤهل الجامعي.
ثالثاً: استمرارية التوسع الوظيفي في البعثات، وافتتاح ملحقيات تجارية وعسكرية وصحية وثقافية لاستيعاب الأبناء والاقارب. بالإضافة إلى خلق وظائف وهمية وصرف الجوازات الدبلوماسية والخاصة لمن لايستحقونها .فلا غرابة ما تشهده اليوم بعض السفارات من تجاوز للقوانين والاعراف الدبلوماسية.
رابعاً: لقد خضعت الدبلوماسية اليمنية خلال السنوات الماضية لمنطق الترضيات والمجاملات في التعيينات سواء في السفارات والقنصليات والملحقيات، بما في ذلك تعيين ملحقين عسكريين وثقافيين وإعلاميين وتجارييين وصحيين .
خامساً: انتشار الفساد وفرض رسوم غير قانونية للمعاملات القنصلية بما يوضح ان بعض السفارات تدار بطريقة “مزاجية” تلحق الكثير من الأذى بأفراد الجاليات اليمنية وتبث الفرقة بين ابناء الشمال والجنوب
سادساً: بعض السفارات بحسب ما حدثنا بعض الزملاء تحولت إلى أوكار للفاسدين والفاشلين ، وهم يستعملون السفاراة لتحقيق مآرب شخصية،يعملون في الغالب بالتجارة، ويستغلون مناصبهم وتمثيلهم لتمرير مصالحهم التجارية.
سابعاً: بعض السفراء مشغولين بادارة مصالحهم، وقلما تشغل بالهم ازمات الوطن المطحون بالحرب المشتعلة على مدى السبع سنوات الماضية..بينما بعض السفراء لا يكلفون أنفسهم حتى عناء حضور الاجتماعات والفعاليات والندوات حول الحرب اليمنية في مناطق اعتمادهم.
ثامناً : يتميز بعض الدبلوماسيين بسوء السلوك مما يسيء للبعثة الدبلوماسية، وبعض من الموظفين يعملون بالتهريب ويسيئون للعلاقات مع دول الاعتماد .
تاسعاً : قلما يكترث بعض موظفي السفارات بالمراجعين اليمنيين، ويتعاملون معهم بنوع من ال” لا مبالاة” وعدم الاهتمام بمشاكلهم .

بشكل عام ، هناك تذمر واسع من أداء البعثات اليمنية، وهذا انعكاس لفشل الشرعية في الداخل اليمني، واستمرارية اختيارها للفنادق والقصور السعودية مأوى وإقامة على حساب كرامة الوطن الجريح وسيادته وسلامة أراضيه.
والخلاصة..أن الدبلوماسية هي “ألاداة” التي تستخدمها الدولة لتحقيق أهداف سياستها الخارجيةوهي “فن” لأنها مهنة دقيقة تحتاج إلى مهارات خاصة، فالدبلوماسية هي الآلية الراعية للمصالح الوطنية في السلم والحرب، لأنها تتضمن جملة المفاهيم والقواعد والإجراءات والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات فيما بين الدول مع بعضها البعض وكذا فيما بينها والمنظمات الدولية، بهدف خدمة المصالح العليا للدولة . كل هذه الأعمال والمهام يتحمل السفير مسؤولية متابعتها. فأين وزارة خارجتنا اليوم وبعثاتنا الدبلوماسية من هذه المهام ومن كفاءة إدارتها. ؟!