fbpx
عامان على انفجار بيروت
شارك الخبر

 

 

يافع نيوز – العرب
لا تزال التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت تراوح مكانها بعد مضي عامين على أحد أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة على الإطلاق، فيما يقول محللون إن ذلك أكبر مثال على الإفلات من العقاب الذي تتمتع به الطبقة الحاكمة التي طالما تجنبت المساءلة عن الفساد وسوء الإدارة بما في ذلك السياسات التي أدت إلى الانهيار المالي.

ويوافق الخميس الرابع من أغسطس الجاري الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 215 شخصا وأصاب الآلاف وألحق أضرارا بأجزاء من العاصمة اللبنانية.

وعلى الرغم من الدمار الذي خلفه الانفجار لم تسفر التحقيقات القضائية عن محاسبة أي مسؤول كبير.
ووقع الانفجار بعد الساعة السادسة من مساء الرابع من أغسطس 2020 نتيجة تفجّر مئات الأطنان من نترات الأمونيوم بعد اشتعالها بسبب حريق في المستودع الذي كانت مُخزنة فيه.

وكانت المواد الكيميائية متجهة في الأصل إلى موزمبيق على متن سفينة مستأجرة من روسيا وبقيت في المرفأ منذ عام 2013 عندما تم تفريغ حمولتها خلال توقف غير مخطط له لتحميل شحنة إضافية.

ولم تغادر السفينة المرفأ مطلقا، وعلِقت في نزاع قانوني حول رسوم للميناء لم يتم دفعها بالإضافة إلى وجود عيوب فيها. ولم يتقدم أحد للمطالبة بالشحنة.

وخلص مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي (إف.بي.آي) إلى أن كمية نترات الأمونيوم التي انفجرت كانت خُمس إجمالي الكمية البالغة 2754 طنا التي تم تفريغها في 2013، مما زاد من الشكوك في اختفاء جزء كبير من الشحنة.

وكان الانفجار قويا إلى درجة أنه أمكن الشعور به على بعد 25 كيلومترا في قبرص، وأطلق سحابة أشبه بسحب الانفجارات النووية.

وكان مسؤولون لبنانيون كبار، من بينهم الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء آنذاك حسان دياب، على علم بالشحنة.

وقال عون بعد قليل من الانفجار إنه طلب من السلطات الأمنية “القيام بما هو ضروري” بعد أن علم بوجود المواد الكيمائية. وقال دياب إنه “مرتاح الضمير”.

وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير العام الماضي أن كبار مسؤولي الأمن والحكومة “كانوا يدركون الخطر الكبير على الحياة وتقبلوا ضمنيا خطر حدوث وفيات”.

وقام وزير العدل بتعيين القاضي فادي صوان كبيرا للمحققين بعد فترة وجيزة من الانفجار. وفي ديسمبر 2021 اتهم صوان ثلاثة وزراء سابقين ودياب بالإهمال، لكنه واجه بعد ذلك مقاومة سياسية قوية.
وأبعدته المحكمة عن القضية في فبراير 2021 بعد أن اشتكى وزيران سابقان، هما علي حسن خليل وغازي زعيتر، من أنه تجاوز صلاحياته.

وخلفه القاضي طارق بيطار، وسعى لاستجواب شخصيات بارزة من بينها زعيتر وخليل، وكلاهما عضوان في حركة أمل التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري وحليفان لحزب الله المدعوم من إيران.

كما سعى لاستجواب اللواء عباس إبراهيم المدير العام لجهاز الأمن العام. ونفى الجميع ارتكاب أي مخالفات.

وواجه بيطار مقاومة من جميع المسؤولين الحاليين والسابقين الذين سعى لاستجوابهم، بحجة أنهم يتمتعون بالحصانة أو أنه يفتقر إلى سلطة مقاضاتهم. وامتد الصراع في ساحات المحاكم وفي الحياة السياسية والشوارع.

وأغرق المشتبه بهم المحاكم العام الماضي بأكثر من 20 قضية تسعى لإبعاد بيطار بدعوى تحيزه وارتكابه “أخطاء جسيمة”، مما أدى إلى توقف التحقيق عدة مرات.

وقال الوزراء السابقون إن أي قضايا ضدهم يجب أن تنظرها محكمة خاصة بالرؤساء والوزراء. ولم تحاسب تلك المحكمة أي مسؤول قط، وستنقل قيادة التحقيق إلى الأحزاب الحاكمة في البرلمان.

والتحقيق في غياهب الجب منذ أوائل 2022 بسبب تقاعد قضاة محكمة يتعين أن تفصل في العديد من الشكاوى بحق بيطار قبل أن يتمكن من الاستمرار في تأدية عمله.

وأوقف وزير المالية المدعوم من بري التوقيع على مرسوم بتعيين قضاة جدد، مشيرا إلى مخاوف بشأن التوازن الطائفي.

ولم يلاحق بيطار أيا من أعضاء جماعة حزب الله المسلحة المدعومة من إيران. ومع هذا شن حزب الله حملة شرسة عليه العام الماضي بعد أن سعى لاستجواب حلفاء له. وبعث مسؤول كبير في حزب الله برسالة إلى بيطار يحذره فيها من أن الجماعة “ستقتلعه”.

وتحولت مظاهرة مناهضة لبيطار دعا إليها حزب الله وحلفاؤه في أكتوبر الماضي إلى أعمال عنف دامية.
ونفى حزب الله الاتهامات التي وجهت إليه وقت الانفجار بأنه كان يخزن أسلحة في المرفأ وقال إنه لا علاقة له بالانفجار. ولطالما اتهم خصوم حزب الله الجماعة بالسيطرة على المرفأ، وهو ما تنفيه أيضا.

ودعت منظمات حقوقية لبنانية ودولية الأربعاء الأمم المتحدة إلى إصدار قرار بإنشاء بعثة لتقصي الحقائق بشأن انفجار مرفأ بيروت.

ويرى مراقبون أن ذلك سيحدد الحقائق والملابسات، بما في ذلك الأسباب الجذرية للانفجار، بغية تحديد مسؤولية الدولة والأفراد ودعم تحقيق العدالة التي تطالب بها عائلات الضحايا.

أخبار ذات صله