fbpx
الجنوب من ضياع الدولةإلى حوارات البحث عن الدولة

 

كتب/ علي عبدالله البجيري

الجنوب، وما مر به من منعطفات سياسية ومراحل تاريخية منذ الاستقلال حتى يومنا هذا، يحتم علينا معرفة خلفياتها ومؤثراتها، كي نستطيع معرفة ابعاد مستقبل الجنوب القادم. فمنذ الايام الأولى للاستقلال الوطني، عانى الجنوب تباينات بشأن نهج مسيرته وبناء دولته ومستقبله السياسي. وللأمانه التاريخية نقول ان حكماء الجنوب ورجاله الأكفاء الأوفياء من سياسيين وسلاطين ورجال أعمال وقادة عسكريين حذروا من الانزلاق إلى المجهول، وصدرت العديد من النداءات الصادقة أطلقتها شخصيات سياسية ورموز وطنية جنوبية، ملخصها:
حافظوا على هويتكم الجنوبية،
ابتعدوا عن سياسة حرق المراحل، اتركو التطرف في النهج والأداة، انفتحوا على الجميع وابتعدوا عن التقوقع والانغلاق. تمسكوا بالاسس القانونية والإدارية لإدارة الدولة ، انتهجوا سياسة الحياد والسوق الحر في التجارة والاقتصاد. لكن مع الأسف لم تكن هناك اذان صاغية، ففي ظل نشوة تحقيق الاستقلال والتخبط الاعمى في المسار الثوري، انحرفت البوصلة عن مسارها الصحيح، وضاع الاستقلال في ساحات المزايدات والانقسامات بين رفاق الثورة الفرقاء في التوجهات الوطنية والفكرية، دون الاخذ بعين الاعتبار أن ما يعني الشعب الجنوبي هو بناء دولته الحرة والتنعم بالأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية والحفاظ على الهوية. صراع الهوية بين الرفاق احرق المراحل، وجلب الويلات لشعب الجنوب ما دفع بالقيادة السياسية الفاشلة والمخترقه الارتماء في مشروع وحدة اندماجية غير مدروسة ودون الاخذ برأي الشعب الجنوبي صاحب الحق والأرض. وحدة حرفت البوصلة من التقدم الى التاخر، من التطور الى التخلف، من التحضر الى العصور الوسطى. فالوضع الحالي مؤسف جدا. والأجدى الاعتراف بالحقيقة، ومخاطبة الناس بالصدق والصراحة، فنحن اصبحنا ضحية لتامرات هدفها القضاء على هويتنا الوطنية الجنوبية، وطمس حضارتنا التاريخية. وهنا لابد من الاعتراف بان قطاع واسع من أبناء الجنوب تملّكه اليأس وعدم الثقه بالقيادات والكيانات الجنوبية السياسية التي هي السبب في توصيلهم الى هذه المرحلة. فلا يمكن أن يبقى الشعب الجنوبي رهين أوهام الساسة والانتظار حتى استعادة اخواننا ابناء الشمال دولتهم. فعودة صنعاء قضية تخص شعب الشمال وحده. اما البقاء على ما نحن عليه فيعني استمرار تكبيلنا باكذوبة الوحدة الخرافية. ولعل من المؤلم انه حتى الان وتحت شعار الوحدة يستمر نزيف الدم الجنوبي في الجبهات ، بينما أصحاب الأرض من أبناء الشمال ليسو مكترثين لاستعادة دولتهم. ومع ان ابناء الجنوب وقفوا الى جانبهم وقدمو التضحيات، إلا انهم لم يسلموا من الغدر ، اخرها ما اقدم عليه حزب الاصلاح اليمني في شبوة مؤخرا، تاكيدا منه على ان اخوان اليمن ماهم إلا طابور خامس بانتظار الانقضاض على الجنوب وشعبه وثرواته.

نقول لبعض الساسة من أبناء الجنوب الذين اتحفونا بالنظريات وهرطقات الماضي وهم في الخارج ، إذا كان الإرتهان للغير قد غيب ابصاركم عن خطط تدمير الجنوب ونهب ثرواته وتخريب مؤسساته وتجويع شعبه ، فان شعب الجنوب لن يسامحكم مهما طال الزمن.

خلاصة القول.. إنقاذ الجنوب من وضعه الحالي اصبحت مهمة حتمية، يتحمل الجميع مسؤلية تحقيقها بالمزيد من التنازلات الذاتية. وادراكا لضرورة تحقيق هذه المهمة الوطنية، فان على جميع الكيانات السياسية والاجتماعية الجنوبية الجلوس والتحاور الجاد والمسؤول، مستفيدين من تجارب الحوارات السابقة لنبني عليها افاق مرحلة التكاتف والتازر ووحدة الصف الجنوبي كعامل حاسم لانتشال اوضاع الجنوب وإستعادة دولته الحرة والمستقلة. ونرى أن تحقيق هذه المهمة الوطنية تتطلب منا التمعن بماضي وحاضر ومستقبل الجنوب والاستفادة من تجاربه اخفاقا وايجابا، وان نرتقي إلى مسؤولية وطن وهوية وتاريخ وحضارة. فالجنوب أكبر من الجميع. ويمكن البدء بالاتفاق على ميثاق مبادئ عمل وطني يضم الجميع، ويؤسس لمرحلة استعادة الدولة اولا وقبل كل شي متجاوزين كل التباينات.واين موقعي ومكاني.