fbpx
الدبلوماسية اليمنية بين الأمس واليوم !

كتب/ علي عبد الله البجيري

تعتمد دول العالم على قدرات دبلوماسييها المخضرمين في تنظيم وإدارة علاقاتها الدولية. وهنا يأتي دور الكواد الدبلوماسية والذي تستمد مفاهيما وعملها من فنون العلاقات الدولية والقانون الدولي خدمة للمصالح الوطنية.
وعندما نتحدث عن السياسة الخارجية اليمنية ومستوى تنفيذها فهي تقع على مسؤولية كل من يعتلي عرش الوزارة ومعه رؤساء البعثات والدبلوماسيين بدرجاتهم المختلفة.
صحيح أن الخارجية وبعثاتها تتأثر سلبا بالمتغيرات السياسية في هرم الدولة وعرش الوزارة والتجاوز للقوانين التي تنظم سير العمل في الوزارة والبعثات. ولكن إذا ما نظرنا إلى واقعنا اليوم، فإن تعثر الدبلوماسية اليمنية، هو انعكاس لنتائج الحرب والفوضى لبلد يحترب لثمان سنوات متتالية. فما تتعرض له الدبلوماسية اليمنية هو إفراغ كامل لطبيعة مهامها الأساسية، فالسياسةالخارجية تصنع داخل الدولة وهي انعكاس لسياستها الداخلية.
واستأذن القارئ هنا أن اطرح بعض الملاحظات المتصلة بهذا الأمر :
اولا..أن حكومة الشرعية اليمنية تعتبر المسؤولة عن السياسة الخارجية، إلا إنه بسبب الحرب والتبدل المتكرر لوزراء خارجيتها ولقيادتها الدبلوماسية فقد عانت من التعثر، ما أبهت دورها في توصيل القضية اليمنية الشرعية الى مسامع المجتمع الدولي، وخلق لوبي دولي فاعل مؤيدا لنهجها في استعادة دولتها. وهذا يقودنا إلى القول بان اليمن يُحكم اليوم من قبل سلطتين سياسيتين مختلفتين، سلطة الامر الواقع المتمثلة حركة انصار الله الحوثية شمالا وعاصمتها صنعاء، وسلطة الشرعية اليمنية الفاقدة لمكانتها، وعاصمتها المؤقته عدن.
ثانياُ.. مكانة اليمن على مستوى العلاقات الدولية ، لم تعد كما كانت عليه، فقد تقلصت تلك المكانة وشابها التناقض في المواقف، وابسط الشواهد ان سلطة اليمن الذي كلاً من فرقائها يدعي تمثيلها، هي الاخرى لم يعد لها القبول المتعارف عليه، وان وجد تجاه سلطة الشرعية اليمنية، فوجوده كتحصيل حاصل وعلى استحياء، مقابل ان سلطة الحوثيين هي الاخرى لها قبول ولو مستتر لدى نفس بلدان اعتماد ممثليات حكومة الشرعية. أما المعضلة الأخرى أن المبعوثين الدبلوماسيين في الخارج تتجاذبهم تيارات الاستقطابات الاقليمية، وبين فرقاء الصراع اليمني، فالبعض منهم علنا مع سلطة الشرعية اليمنية وتخفيا مع الدولة الحوثية، وهذا واقع لابد من الاعتراف به.
ثالثاً..النقد البناء المستند إلى الحقائق والواقع، هو المطلوب في هذه المرحلة، وخاصةً اذا كان النقد يتعلق باسباب تعثر الحفاظ على مكانة الوطن وتمثيله في المحافل الدولية والدفاع عن سيادته. هذا امر مهم لا بد من تفهمه والعمل على تصحيحة. ضف الى ذلك الوقوف بحرص ومسؤولية امام فوضى التعيينات في البعثات الدبلوماسية والفساد المالي وتوظيف الأقارب دون الاخذ بشروط الخدمة ولائحة السلك الدبلوماسي. فما يحدث حاليا هو تجاوز لقانون السلك الدبلوماسي واللوائح المنظمة له، والتي من اهم شروط التوظيف هو الحصول على الشهادة الجامعية. هذا الخلل في التوظيف ادى الى تكدس الدبلوماسيين الغير مؤهلين في البعثات الدبلوماسية و القنصلية في الخارج ماجعل عدد أعضاء بعض سفاراتنا اكبر من سفارات الدول العظمى.
رابعاً.. لقد تم ألغى شروط التدرج الوظيفي وفترة الخدمة في الداخل والخارج لأربع سنوات في الخارجية، يتم خلالها صقل مواهب الدبلوماسي، من خلال حضوره دورة في المعهد الدبلوماسي وتعرفه على القوانين الدولية المتعلقة بمهامه، وعلى وجه الخصوص اتفاقيتي فينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية، وفنون البرتكول وأصول الاتيكيت
خلاصة القول.. كانت لليمن بشطريه دبلوماسية تحترم من قبل جميع دول العالم، ادارها عمالقة الدبلوماسية اليمنية ، شمالا عبدالله الاصنج، و عبد الكريم الارياني، وجنوبا محمد صالح مطيع وعبد العزيز الدالي رحمة الله تغشاهم. دبلوماسية كان لها دورها وتأثيرها اوصلتنا في تسعينيات القرن الماضي إلى عضوية مجلس الأمن الدولي.
.وللتاريخ كان التنسيق والتواصل بين الدبلوماسيين من الشطرين يمثل قمة الاحترام والتفاهم ، ولكم في قضية الحدود مع دول الجوار خير مثال. فلم تتنازل الدبلوماسية اليمنية في زمنها عن شبر واحد يخالف معاهدة الطائف شمالا الموقع عليها عام 1934م ، وحدود الدولة الجنوبية الموقع عليها في وثيقة الاستقلال الوطني عام 1967م.