fbpx
خيارات ما بعد انهيار الهدنة
شارك الخبر

 

 

يافع نيوز – العرب
يكشف انهيار جهود الأمم المتحدة لتجديد الهدنة إلا أنه يكشف أيضا مدى توافق المواقف التي تعبر عنها الدول المعنية بالأزمة مع متطلبات إحلال السلام، من جهة، ومتطلبات حفظ الأمن في المنطقة من جهة أخرى.

وكانت جماعة الحوثي قد رفضت تمديد الهدنة للمرة الثالثة، على الرغم من كل التنازلات التي قدمتها الحكومة .

وشمل عرض الهدنة الجديد وقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر و”دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، وفتح طرق محددة في تعز ومحافظات أخرى، وتسيير وجهات إضافية للرحلات التجارية من وإلى مطار صنعاء، ودخول

سفن الوقود إلى ميناء الحُديدة دون عوائق، وتعزيز آليات خفض التصعيد والالتزام بالإفراج العاجل عن المحتجزين، كما تضمّن الشروع في مفاوضات لوقف إطلاق النار واستئناف عملية سياسية شاملة، وقضايا اقتصادية أوسع، بما في ذلك الخدمات العامة”.
وتضمن العرض أيضا مطالبة الحوثي بأن يستخدم عائداته من الموانئ الثلاثة التي يسيطر عليها في دفع جانب من رواتب الموظفين الحكوميين، لكي لا تتحول هذه العائدات إلى دعم للمجهود الحربي للجماعة، وهو أمر لا يتوافق مع أسس الحل السلمي، حيث يتعين أن تدخل كل العائدات إلى خزانة الدولة ليتم إنفاقها على مستوى وطني واحد لجميع مستحقيها، لا أن تحظى ميليشيات مسلحة بعائدات خاصة بها، كما هو الحال في لبنان حيث يسيطر حزب الله على عائدات خاصة به من المعابر غير الشرعية ومن الموانئ. وهو ما يحرم ميزانية الدولة من مصدر رئيسي من مصادر العائدات.
وتمسكت الجماعة بهذا الرفض حتى بعد إضافة تنازلات جديدة ، حيث تمت الموافقة لدى التمديد الثاني على دفع رواتب الموظفين الحكوميين في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة. ولكن جماعة الحوثي تطالب الآن بدفع رواتب نصف مليون موظف، لا يؤدون عملا خاضعا للحكومة، وقسط كبير منهم موظفون وهميون، على غرار قوائم موظفي الميليشيات التابعة لإيران في العراق. وهي قوائم استخدمت لنهب أموال الجنوب.

وتقول الجماعة الآن إن هذه الرواتب يجب أن تُستوفى من عائدات النفط والغاز في الجنوب.

وهذا مطلب يقصد إرساء نظام للمحاصصة، على غرار نظام المحاصصة القائم في العراق. وهو إذا ما تم بالفعل، فانه يُبطل من الناحية الفعلية الحاجة إلى حل سياسي شامل، ويرسخ سلطة حكومتين تتقاسمان الموارد.

ويقر المبعوث الأممي هانس غروندبرغ ضمنيا بأن الحكومة والأطراف الإقليمية المتحالفة معها قدمت الكثير من التسهيلات لتمديد الهدنة. وهو ما يعني أنها ليست هي الطرف الذي يتحمل المسؤولية إذا ما تجددت المعارك.

وهذا ما يحصل الآن على الأرض. فالحوثي بدأ بحشد تعزيزات جديدة على كل جبهات القتال خاصة في الجنوب.

وأصدر الحوثي تهديدات جديدة للسعودية والإمارات باستهداف المواقع النفطية فيهما، وطالب الشركات العاملة في حقول النفط بمغادرتها.

ولن تستأنف المملكة العربية السعودية العمليات القتالية حتى يبدأ الحوثي بتنفيذ تهديداته.
إلا أن ذلك يحدث تحت وطأة توتر متزايد. فالانتهاكات الحوثية لوقف إطلاق النار لم تتوقف على امتداد الأشهر الستة الماضية.

ويرى البعض أن بعض مطالب الحوثيين تكاد تكون تعجيزية، حيث تعتبر الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط إليزابيث كيندال أن مطالب الحوثيين “غير واقعية في هذه المرحلة المبكرة”، معتبرة أنهم يطالبون بما يعدّ “تنازلات سيكون من الصعب للغاية تقديمها في غياب أي محادثات سلام منظمة”.

وبحسب كيندال، فإنّ “الانطباع الموجود هو أن الحوثيين غير مهتمين حقا بمواصلة الهدنة”.
ولكن حالما يشرع الحوثي في استهداف المنشآت النفطية السعودية أو الإماراتية، فإن وجه المعركة سوف يعود إلى منقلبه الأول، حيث تستأنف العمليات القتالية على نطاق واسع برا وبحرا وجوا.

والسؤال الرئيسي الذي يواجه هذا الخيار، هو ما إذا كانت الولايات المتحدة والأطراف الدولية الأخرى سوف تعود لتستأنف الضغوط ضد السعودية والإمارات لوقف عملياتها الهجومية ضد مواقع الحوثي.

والثقة تبدو معدومة في الرياض وأبوظبي من أن واشنطن سوف تتبنى الموقف الصحيح، بإدانة موقف الحوثي من الهدنة وتحميل هذه الجماعة المسؤولية عن استئناف العمليات القتالية.

والثقة معدومة أكثر إذا ما اتخذت الأعمال القتالية المستوى الملائم الذي يدفع إلى فرض التراجع على الحوثي بالقوة.
والثقة معدومة أكثر إذا ما اتخذت الأعمال القتالية المستوى الملائم الذي يدفع إلى فرض التراجع على الحوثي بالقوة.

وهناك قناعة واسعة بأن الحرب في مراحلها الأخيرة قبل بدء الهدنة في أبريل الماضي، كان من الممكن أن تحقق نتائج حاسمة. إلا أنها توقفت لكي تعطي أملا للسلام، ولكي تبدو تنازلا أمام الرغبة الدولية في وقف القتال والحد من المعاناة الإنسانية.

لكن استئناف المعارك، هذه المرة، يفترض أن يمر من دون عوائق، واحتجاجات وبكائيات كتلك التي غلبت على أجواء الموقف الأوروبي والأميركي من الأزمة. فالسبب وراء الحرب التي استمرت لسبع سنوات، إذا كان غامضا من قبل، فإنه لم يعد غامضا الآن. والمسؤولية عن التبعات الإنسانية للحرب، معروف الآن على كتف مَنْ تقع. وعندما يتعرض أمن الطاقة للتهديد، دع عنك محاولات الابتزاز المسبقة، فإنه لا يُبقي متسعا للمزيد من المناورات السياسية التي تستهدف حجب النظر عن الطرف المسؤول وتوجيه اللوم إلى الطرف الذي يدافع عن نفسه.

 

أخبار ذات صله