مقالات للكاتب
بقلم/ علي عبد الله البجيري.
نلتقي نحن ابناء الجنوب ونتحاور كلما اقتضت الضرورة الوطنية ودعت الظروف المحيطة بناء اقليميا ودوليا ، سواء كانت الدعوة للحوار من مكون المجلس الانتقالي او من غيره من المكونات الجنوبية الأخرى. فالحوار خطوة في الاتجاه الصحيح، وخاصة بعد التمهيد له على امتداد عام كامل. الحوار ظاهرة حضارية بإمتياز، كونها تبدد سوء التفاهم، وان وجدت تباينات فانه بالحوار، وبالحوار وحده كفيل بان نتخطئ تلك التباينات، والمحصلة الأخيرة وبكل المقاييس ستكون إيجابية لصالح القضية ولصالح توجهاتنا المستقبلية. فالقضية الجنوبية تمر بمرحلة مفصلية تتمثل في المضي قدما لاستعادة دولة الجنوب، في الوقت نفسه العمل على ضمان تطلعات شعبنا في بناء مؤسسات تلك الدولة وفقا للاسس الديمقراطية وفيدرالية المحافظات الجنوبية.
وهنا نشدد على اهمية ان يضع المتحاورون أمام مسؤوليتهم مصلحة شعبنا قبل أي مصلحة، وان يرتكز حوارهم على هدف استعادة الدولة الجنوبية، وان يسود الحوار الجنوبي الجنوبي التفائل في تحقيق أهدافه، على أن لا يخرج عن مساراته الهادفة والأمنة وأن يظل مبدئيا خالصاً في تحقيق أهدافه الوطنية، المتمثلة في الحفاظ على الوطن وسلامة أراضيه، والنأي عن التورط في أمور جانبية قد تجرّنا إلى طرق وعرة خاصة والاقليم من حولنا يشتعل بالصراعات والطموحات بينما العين على الجنوب بموقعه وثرواته من المهرة حتى باب المندب.
ولكن هذا لا يعني ان لا ننظر إلى ما يعج به العالم من مشاكل وتحولات ،تتطلب منا النظر اليها بترقب وعين ثاقبة ورؤية سياسية وواقعية عالية ،فما تعج به الأوضاع الإقليمية والدولية من صراعات وحروب وتنافس على الثروات والممرات وإنشاء التحالفات تفرض علينا ان لا نغرد خارج السرب الجنوبي..ولنا بما يحدث اليوم في السودان الحبيب وما سبقه من استهداف وتدمير للعراق وسوريا وليبيا والصومال خير مثال كي نبتعد عن المناكفات والشطحات السياسية والتبعية والمصالح الضيقة المدمرة..
إن الرسالة التي أتوجه بها إلى أبناء وطني الكرام هي المشاركة الفاعلة في الحوار، والمراهنة على درجة الوعي المخزون في الذاكرة الجنوبية،بما في ذلك التجارب المريرة والحزينة عبر المراحل السابقة متذ الاستقلال وحتى ضياع الدولة عام 1990م. نحن ندعوا الى أن يكون حواراً وطنياً خالصاً تختفي منه الدوافع الحزبية أو المصالح الشخصية، وتبرز فيه المؤشرات الإيجابية التي اكتسبتها القضية الجنوبية منذ انطلاق مسيرة الحراك الجنوبي عام 2007 وحتى الانتصار التاريخي على الغزو الهمجي عام 2015م
وعلى هذه الخلفية يسمح لي القارئ الكريم ، ان أضع النقاط التالية أمام أعين المتحاورين من أجل الوطن:
* أولاً: : إن الاخوة أعضاء فريق الحوار الوطني وما اكتسبوه من خبرات وافكار يدركون جيدا ضخامة المسؤولية. وعليهم ان يعلموا ان وحدة الصف الجنوبي لاشروط لها ولا عليها، وهذه قضية لا نقاش حولها ولا عودة عنها لذلك عليهم دراسة كل كلمة ومعنى وهدف يوصلنا إلى بر الأمان والخضوع لما يجمع عليه التوافق الوطني مهما كانت نتائجه ،بما يوصلنا إلى ميثاق وطنيي او جبهة وطنية عريضه. وليعلموا جيداً أننا نبدأ عملاً وطنياً سياسياً شاملاً، يستند إلى رؤية واضحة ، وهنا ندعو إلى أهمية استمرار قوة الدفع بحيث يكون الحوار مستمراً لا يتوقف، وجاداً لا يتراجع.
ثانياً: نعم هناك من يحاول تطويقنا واسكات أصواتنا وطموحاتنا وجرّنا إلى مربعات تضيق بناء وتخنقنا وتقضي على احلام أجيالنا والتخلص من قضيتنا، ولذلك فإن خطواتنا لا بد من أن تكون محسوبة بدقة، ولا ننجرف وراء تيارآت تدفعنا إلى أعماق البحار ليسهل للحيتان الكبيرة ابتلاعنا.
ثالثاً: إن التحديات الإقليمية ، فضلاً عن التطورات الجديدة في منطقة البحر الأحمر، قد أدت إلى بروز قوى إقليمية مؤثرة ولها من الإمكانيات المالية الهائلة تسعى للحصول على مكاسب استراتيجية حول شواطئنا، ويجب أن نُذكر هنا أن موقعنا وسيطرتنا على باب المندب يمثل حجر الزاوية للبحر الأحمر ان حافظنا عليه.
رابعأً: ولمن أعلنوا عدم المشاركة في هذا الحوار اقول لهم اطلعنا على المبررات والأفكار التي سجلتموها وياريت انه تم طرحها داخل اللقاء التشاوري للحوار وحينها ستعرفون وزنها وتأثيرها واهميتها. واذا حضيت باجماع يتم تحويلها إلى ميثاق وطني اوجبهة جنوبية عريضة،وفي كل الأحوال نقول كنا نتمنى حضوركم فأنتم من رعيل الاستقلال الاول ومن حقكم التعبير عن رأيكم كما من حق الاخرين التعبير عن وجهة نظرهم وكما اسلفت ” المشاركة للجميع ولا شروط للحضور وهنا تكمن سعة الصدور،فالجنوب يتسع للجميع.
خامساً: وبعيدا عن مؤتمر الحوار نخاطب اخواننا في الشمال دعونا نتعايش بأمان وسلام كما عاش الآباء والاجداد طوال تاريخنا القديم دعونا نتفرغ للتنمية والبناء كفانا حروب ودمار وخراب ونهب لثروات ، ولجيراننا في المملكة السعودية وسلطنة عمان نطالبهم بضرورة احترام مبادئ حسن الجوار والمصالح المشتركة فيما بيننا، فنحن اخوة وجيران اردنا ام لم نرد.
خلاصة القول: يقول ابن خلدون الحق لا يقاوم سلطانه، و الباطل يقذف بشهاب النظر شيطانه، و الناقل إنما هو يملي و ينقل، و البصيرة تنقد الصحيح إذا تمقل، و العلم يجلو لها صفحات القلوب و يصقل.