يافع نيوز – وكالات
بلغ الدين القومي الإجمالي الأمريكي مؤخرا عتبة قياسية عند 36 تريليون دولار، أو 107 آلاف دولار للفرد الواحد، وهو يرتفع بسرعة كبيرة.
وتنذر عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بموجة من التخفيضات الضريبية على كل شيء من أرباح الشركات إلى الإكراميات.
وتحدث تقرير نشرته مجلة الإيكونوميست عن سبل تجنب أزمة ديون طاحنة تتربص بالاقتصادات الكبيرة.
وقال التقرير إنه في السنة المالية التي انتهت في سبتمبر/أيلول، أنفقت أمريكا 1.8 تريليون دولار أكثر مما تم جمعه من الضرائب.
ووفقا لتقديرات فإن أجندة ترامب قد تزيد من الاقتراض بنحو 4.1 تريليون دولار في العقد المقبل.
والأمر ليس مقصورا على أمريكا وحدها، إذ يبلغ عجز منطقة اليورو 3.6% من الناتج الإجمالي وعجز العديد من الدول الأعضاء الكبرى ــ فرنسا (5.5%)، وإيطاليا (7.2%)، وبولندا (5.3%).
وكان سكوت بيسنت، المرشح الذي اختاره ترامب لمنصب وزير الخزانة، قلقا في الماضي إزاء حجم العجز. ولكن سيتعين عليه أن يتعامل مع رئيس لا يبدي اهتماما بهذا بالحذر.
وكانت راشيل ريفز، وزيرة الخزانة البريطانية، تتحدث بقوة عن السياسة المالية أثناء وجودها في المعارضة. ثم كان أحد أول أعمالها في منصبها زيادة الاقتراض بمقدار 30 مليار جنيه استرليني سنويا لأن الناخبين لن يتسامحوا ببساطة مع الضرائب الأعلى أو خفض الإنفاق.
وتتلخص المهمة الحاسمة التي تواجه العديد من وزراء المالية اليوم، العاجزين عن إدارة ميزانية متوازنة – في دعم ميزانية غير متوازنة. ويتعين على المسئول أن يكون مدركا تمام الإدراك للمخاطر. على سبيل المثال، فإن الإعلان عن مجموعة من التخفيضات الضريبية غير الممولة دون الاكتراث بالعواقب المالية المترتبة تؤدي إلى قفزة في عائدات السندات الحكومية إلى عنان السماء، مما يرفع تكلفة التمويل وبالتالي الأسعار وزيادة الديون .
وتتلخص المهمة في ثلاثة أسئلة. أولاً، والأكثر جوهرية، من ينبغي الاقتراض منه؟
والاختيار الواضح هو بين المستثمرين المحليين والأجانب. وهناك نوعين من التنافس. الأول هو بين الأفراد والمؤسسات المالية وللوهلة الأولى، قد يبدو المستثمرون المحليون من كلا النوعين أكثر سهولة حيث أنه في البلدان الغنية، تعتبر السندات الحكومية أقرب ما يمكن إلى الأصول “الخالية من المخاطر”، مما يجعله أقل احتمالاً من اللجوء للمستثمرين الأجانب.
في الوقت نفسه، يكون من الأسهل على الحكومة أن تقدم الحوافز للمواطنين. لشراء سندات ولكن هناك جوانب سلبية لإغراق رأس المال المحلي في الديون السيادية. فالأمر لا يقتصر على تقليص ما يمكن استثماره في القطاع الخاص.
وتشير لينا موزلي من جامعة برينستون إلى أن المستثمرين المحليين، الذين يتمتعون بقدرة أفضل على الوصول إلى المعلومات، هم غالباً أول من يتخلص من سندات الدولة إذا تدهور وضعها المالي. وعلاوة على ذلك، إذا كانت الأسر والبنوك المحلية معرضة بشدة للديون الحكومية، فقد يكون أي إعادة هيكلة أو تخلف عن السداد مستحيلاً سياسياً. وسوف تكافح الحكومات أيضاً لإعادة هيكلة الديون للأجانب، الذين لن يقبلوا الخسائر التي يُعفى منها حاملو السندات المحليون.
والسؤال الثاني، بشأن الشكل الذي ينبغي أن تتخذه الديون؟
حيث إن إصدار السندات في الأسواق العامة يساعد في حشد الطلب، ولكنه يضع المالية الضعيفة للبلاد تحت الأضواء. كما أنه يدعو إلى إصدار أحكام مستمرة من جانب المتداولين وأن الديون غير القابلة للتداول، بما في ذلك القروض من البنوك التجارية أو البلدان الأخرى، تتجنب الدعاية ولكنها تكلف أكثر.
والديون طويلة الأجل عادة ما تكون أكثر تكلفة، ولكنها تؤجل الحاجة إلى إعادة التمويل. وهذا يحد من الضرر إذا شعر حاملو السندات بالنفور من البلاد والأمر الأكثر أهمية هو اختيار العملة حيث أن الدول الغنية قادرة على إصدار السندات بعملتها المحلية، والتي يثق المستثمرون في أن بنوكها المركزية لن تخفض قيمتها.
وقد تكافح الدول الأفقر لتسويق الديون بالعملة المحلية في الخارج. وحتى تلك القادرة على القيام بذلك قد تختار إصدار بعض الديون على الأقل بالدولار في مقابل أسعار فائدة أقل. وقد تجلى هذا العائق بوضوح في أزمات الديون في أمريكا اللاتينية وآسيا في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين
ووفقا للتقرير، فإن الواقع هو أن الديون بالعملات الأجنبية معرضة لخطر الدخول في حلقة مفرغة حيث يجعل انخفاض سعر الصرف هذه الديون باهظة الثمن، وهو ما يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة بشكل أكبر و تتمتع البلدان التي تقترض بعملتها المحلية بمجال أكبر كثيرا لقمع أسعار الفائدة التي تهدد بجعل ديونها غير مستدامة.