مقالات للكاتب
كتب – د.محمود السالمي.
لعب الدعم المصري العسكري والسياسي للجبهة القومية دورا مهما في بروز نجمها، واشتداد مقاومتها المسلحة، لكن على الرغم من ذلك فقد تأثرت العلاقة بين الطرفين بعاملين متناقضين تركا تأثيرهما السلبي على تلك العلاقة:
الأول: العلاقة المضطربة بين حركة القومين العرب وعبدالناصر التي كانت مرات تتحسن ومرات تتدهور، فأثر ذلك على علاقة الحكومة المصرية بالجبهة القومية التي كانت معظم قياداتها من تيار حركة القومين العرب.
والثاني: الوصاية التي حاولت أن تفرضها المخابرات المصرية على الجبهة، وان تحولها إلى أداة تابعة لها.
فتلك الوصاية أثارت مخاوف وغضب الكثير من قيادة الجبهة، خاصة وان الأجهزة المصرية التي كانت تشرف على العلاقة مع الجبهة كانت ذات طابع سياسي محافظ وغير خاضعة تماما لعبدالناصر مثل صلاح نصر وأنور السادات، وكانت تتبنى تسويات تصالحية في المنطقة لاسيما في الشمال مثل التسوية بين الجمهورية والملكية، والتسوية مع المملكة السعودية.
فخشت الجبهة القومية من أن يفرض عليها ذلك النهج التصالحي مع من كانت تصفهم بالقوى الرجعية، ولذلك راوغت الأجهزة المصرية، وتمردت على مشروع الدمج مع منظمة التحرير الذي تمست له مصر. وبعد ان انقطع الدعم الخارجي أخذت الجبهة تركز ثقلها على الداخل وعلى التغلغل في صفوف الجيش والأمن وعلى السيطرة على الأرض، وفي الوقت الذي كانت تضغط فيه الحكومة المصرية في القاهرة في سبتمر ١٩٦٧ على قيادات الجبهة القومية وجبهة التحرير للتوصل الى تفاهم لاستلام الاستقلال كانت المناطق تتساقط كأوراق الخريف في يد الجبهة القومية.
وصدمت الحكومة المصرية التي كانت تشرف على حوار القاهرة بين الجبهتين، ومعها جبهة التحرير بخبر توجه وفد الجبهة القومية إلى جنيف للتفاوض مع بريطانيا على الاستقلال، الذي جعل حوار القاهرة ينتهي بصورة محزنة.
لا يتسع المجال هنا للخوض في التفاصيل، لكن لا شك في أن بريطانيا قد وجدت نفسها مدفوعة بأكثر من سبب للجلوس مع الجبهة القومية.