fbpx
قاعدة اليمن .. انهيار أخلاقي ولجوء إلى الجريمة
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات اخبارية

لم يكن مستبعدا أن اختطاف نائب القنصل السعودي في عدن مرتبط بالقاعدة، فكل عمليات الاختطاف السابقة التي شهدها اليمن لم يحدث أن استهدفت إلا الأجانب وغالبا ما تنتهي بفدية، والقبائل لديها من القيم ما يجعلها تنأى بنفسها عن مثل هذه الخطوات، إضافة إلى أن المصالح الدبلوماسية السعودية في اليمن لديها خصم حقيقي وقائم وهو القاعدة.

خلال السنوات الخمس الأخيرة، استطاع ما تبقى من تنظيم القاعدة أن يستغل اليمن جيدا، وأن يتوارى في المناطق التي تقل فيها السيطرة الأمنية للدولة، إضافة إلى الكثير من العوامل الاجتماعية والجغرافية التي تسهم في مساعدة تلك العناصر على إيجاد واقع مستقر للتنظيم. لكن الخصم الحقيقي للقاعدة لم يكن حيث توجد، وكل المعارك التي تنشب بين عناصر التنظيم وبين القوات اليمنية، إنما تأتي في سياق الدفاع عن النفس وكنوع من المواجهة التي تهدف لضمان استقرار التنظيم وإبراز قوته، أما الخصم الحقيقي للتنظيم فهو المملكة. أكبر دوائر الهزيمة التي عرفها التنظيم كانت هنا، وأكبر الضربات التي قصمت ظهر كل خلايا القاعدة، أيضا كانت هنا. لكن ومع تتابع أحداث الثورة اليمنية استطاع تنظيم القاعدة أن يحصل على مزيد من الفرص لتقوية شوكته، وقد ازدادت عملياته بشكل ملحوظ ضد الجيش اليمني، ليصل إلى بسط سيطرة شبه كاملة على بعض القرى والمراكز اليمنية، ومؤخرا أعلن التنظيم عن قيام إمارة إسلامية في محافظة شبوة، كما أعلن سيطرته الكاملة على زنجبار منذ شهر مايو الماضي، واستطاع التنظيم أن يقيم معسكرا تدريبيا في منطقة زندان بمديرية أرحب يضم ما يزيد على 300 عنصر يتلقون تدريبات مكثفة على أسلحة ثقيلة ومتوسطة. وسعى التنظيم خلال انشغال الجيش اليمني في أحداث الثورة أن يواصل بناء ترسانة عسكرية من خلال استيلائه على بعض معدات الجيش اليمني إضافة إلى أن انتشار السلاح في اليمن يعد أمرا طبيعيا للغاية. كل ذلك الواقع الجديد جعل تنظيم القاعدة يتجه سريعا ليسابق الزمن قبل أن تستعيد السلطة اليمنية قوتها وتعود لمحاولة بسط سيطرتها على المناطق التي باتت تحت سيطرة القاعدة، لكن الأزمة التي يواجهها التنظيم تتمثل في أن الثورة اليمنية قد أفقدته مبررات العمليات التي كان يقوم بها في الداخل اليمني، إضافة إلى أن نموذج التغيير الذي قاده الشباب في الثورة اليمنية أفقد القاعدة شريعتها على مستوى الأهداف وعلى مستوى الوجود، ولذا تواجه القاعدة الآن الكثير من الرفض الشعبي والجماهيري لها في اليمن، وباتوا يرون فيها مجرد عصابات خارجة على القانون. لكن اليمن لا يمثل للقاعدة سوى هدف لصناعة أرضية مستقرة ينطلق منها للتعامل مع خصمه الحقيقي وهو المملكة، حتى لو أدى ذلك بالتنظيم ليقع في تناقض أخلاقي واسع بين ما يدعو إليه وبين ما ينفذه من عمليات.

تمثل عملية اختطاف نائب القنصل السعودي في صنعاء أبرز خطوة يقوم بها التنظيم تجاه المملكة إنما داخل اليمن. ومنذ أن أعلن التنظيم في عام 2009 ما أسماه تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، لم يستطع القيام بأي عملية في الداخل السعودي، فاتجه للمصالح والشخصيات السعودية في الخارج، جريا على عادة مألوفة في معارك المليشيات المسلحة والتي تقوم على الـخطف ومن ثم الـتفاوض. يدرك التنظيم ومن خلال خبرته أن الدولة السعودية لا تتفاوض أبدا، ولا تقبل الدخول في مفاوضات مع مثل هذه الجماعات، خاصة أن المطالب التي أملاها المـطلوب مشعل الـشدوخي على السفير السعودي في اليمن كان من الواضح حتى للتنظيم أنها لن تجد أية استجابة. وكان أبرز رد جاء على لسان السفير ذلك المتعلق بمطلب الإفراج عن بعض المعتقلات وتسليمهن في اليمن حين قال: وإذا رفضوا القدوم لليمن فماذا نصنع معهن؟ ليرد المطلوب ردا عاما ويحيل الأمر إلى تشاور الجماعة، وهو مطلب لا يقل غرابة عن تسليم بقية المطلوبين لهم في اليمن.

إن هذه العملية تشير إلى حالة الانهيار الأخلاقي لدى التنظيم إلى الدرجة التي لم يعد يأبه معها بتسويق ما كان يدعيه من أفكار ومبادئ، فلقد سقطت كل العناوين التي ظل يرفعها التنظيم، وتحول بالفعل إلى مجرد عبء على اليمن.

قريبا ستتم استعادة نائب الـقنصل، وسينتهي هذا الملف، لكن ما لن ينتهي بسهولة هو وجود التنظيم في اليمن، والملف الأبرز الذي يواجهه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ليس فقط التنمية ولا الفقر، بل القاعدة، خاصة مع الدعم العالمي والإقليمي الذي يحظى به لمواجهة هذا الملف.

” الوطن السعودية “

أخبار ذات صله