fbpx
بين مطرقة الاحتلال وسندان القيادات

كتب | عبدالرحمن الطحطوح

لولا ايمان ابناء الجنوب الراسخ  بعدالة قضيتهم وشرعية مطالبهم , لكانت سفينة التحرير غاب قوسين او أدنى من ان تغرق ومعها تغرق تضحيات جسام , وآمال وطموحات صنعتها الدماء الزكية لاناس ضحوا بحياتهم من اجل حياة الآخرين وكرامتهم .

 لقد تكالبت الظروف على ثورتنا التحررية وكانت أسباب التقويض الممنهجة والمدفوعة ان تؤتي أُكلها لولا ذلك الإيمان  الذي تملك القلوب والألباب وحال دون تحقيق مراد الطامعين والمتربصين , لقد استطاعت ثورة الجنوب وبفضل الله ثم بفضل أهدافها المشروعة ان تحافظ على البقاء ومقارعة الصعاب والمدلهمات ولا تزال تواجه الأخطار المحدقة .

فهي تعاني  الأمرين وتستبسل في  مقارعة  محتل ارعن يمارس طقوسه الشاذة تحت عباءة الانتماء للوطن والهوية , و يغالط العالم بصفحات التاريخ المزورة وخارطة الجغرافيا المحرفة , وباسم اليمن الموحد ينتهك كل المحرمات ويتجاوز كل الحدود القيمية والأخلاقية .

وفي نفس الوقت تعاني من خور القيادات وتفككها المستمر والخاذل لها عند كل فعالية كبرى تخاطب العالم من خلالها , فهي أي تلك القيادات لم تكن يوم ماء عند مستوى المسئولية التي كان عليها من قدموا الى عدن متنقلين وراجلين يدافعون الجوع والعطش لإقامة فعالية ورفع شعارات التحرير والاستقلال , ومن ثم العودة على نفس الطريق وبنفس المعاناة .

وحتى لا يتهمني البعض بأنني أمارس التخوين والذي أصبح سلاح من لا يريد ان ينفتح على الآخرين , فأنني على يقين من ان تلك القيادات تتمنى الخلاص من الاحتلال أكثر مما يتمناه الثوار المناضلين في كل الساحات والميادين , لأنهم هم من اكتوى بنار الوحدة المزعومة وذاق مرارة الانقلاب على العهود والمواثيق , فهم يعلمون ان عودة الوطن فيه عودة لكرامتهم وتاريخهم السياسي الذي ذُبح على عتبات صنعاء يوم ان وضعوا القطن في آذانهم وغطوا أعينهم بنظارات حالكة السواد وهرولوا الى هناك .

اذا المشكلة ليست في إخلاصهم للقضية ولا في نواياهم نحو الثورة وأهدافها المرجوة ,ولكن المشكلة تكمن في طريقة تفكيرهم وتعاطيهم مع مجريات الأحداث , فهم لا يزالوا  يتعاملون  مع بعضهم بحذر شديد يكون الى فقدان الثقة اقرب ويوحي بان عقليات الماضي وما تحمله من أفكار لا تزال حاضرة وبقوة  , وهذا ما حال دون اتفاقهم او اجتماعهم من اجل القضية الوطنية الحاضنة للجميع , ومن خلال أحاديثهم ولقاءاتهم في وسائل الإعلام تشعر بحجم المأساة وتُصاب بخيبة آمل لا يزيل كربتها عنك الا إخلاص الثائرين والثائرات في ميادين الشرف والكرامة .

خلاصة القول ان معاناة الشعب الجنوبي من الاحتلال لا تختلف عن معاناته من تفكك القيادات وتناحرها والإتيان بأعباء الماضي ووضعها في طريق التحرير والاستقلال , فالمحتل يريد ان يقتل الثورة التحررية للحفاظ مصالحه المادية ومواصلة مشاريعه التدميرية للهوية والثقافة الجنوبية , والقيادات ترمي بالمعوقات إمام المد الجماهيري المتدفق نحو التحرير والاستقلال , ومهما تكن النوايا فان التحرير قد تأخر بأسباب الاثنين معاً .