fbpx
استعادة الجنوبيين لوطنهم مصلحة خليجية بحتة!

بقلم | عبدالوهاب محمد الشيوحي

لربما استطاعت الآلة الإعلامية  الضخمة  لصنعاء وقطر ومن عاونهما  تشويه نضال الجنوبيين الطويل والمستميت والعادل لاستعادة وطنهم  , وحالت بينه وبين قلوب  الإخوة في الجزيرة العربية  ,ولربما  فَشلَ  ( قيادات ) الجنوب في إيصال صوت أبناء الجنوب ورسالتهم إلى هؤلاء القادة واضحاً جلياً , كل هذا صحيحا , ولكن في المقابل , فأنه وبعيدا عن ضجيج إعلام صنعاء وقطر , وتجاوزاً  لضعف قيادات الجنوب وتشرذمها , فأن ما يجري في الجنوب القريب جدا من هؤلاء الإخوة , مهم بالنسبة لدولهم الى الحد الذي  يجب ان لا يظل معه – هذا النضال العادل – رهين لهذين  العاملين  “التشويه المكثف والمتعمد له وضعف قادته وإمكاناته ” ,, ويجب على قيادات هذه الدول الخليجية ان يبحثوا في  حقيقة ما يجري هناك بأنفسهم  وبإمكاناتهم  , وان  يستقصوا عنه وعن ما سيترتب عليه , بعيدا عن من يزيفون لهم الأحداث ويزورون الحقائق   .

ليس بالضرورة يكون هذا البحث من باب واجب الأخوة والجوار  , وليكن  حرصا على مصالحهم  وامن دولهم الحالي والمستقبلي , فهذه الأحداث تدور على البواب منازلهم ,اذ ليس  من المعقول ان يصل صدى ما يحصل في اليمن والجنوب  واضحا جليا الى طهران البعيدة فتتعامل معه ( بمكر ودهاء ) , بينما من يلتصقون بنا يصمون آذانهم ويغلقون اعينهم متذرعين بذرائع ليست  معقولة ولا منطقية  .

كما هو معلوم  فإيران  تواجه دول الخليج العربي من الجهة الشرقية , وتسيطر على شمال وشمال شرق الجزيرة عبر سيطرتها على سوريا والعراق , ولا يخفى على قادة دول الخليج وجود قواعد ايرانية في الضفة الغربية  من البحر الاحمر  , في بعض دول القارة الافريقية ,اذاً  فلم يبقى لها سوى السيطرة على الجهة الجنوبية لتكتمل حلقة تطويقها للجزيرة برمتها , اضافة الى اكتمال سيطرتها على الممرات المائية في شرق الجزيرة وغربها   ..

وفي اطار مشروعها هذا في السيطرة وبسط النفوذ   تأتي تحركات ايران للتعامل مع ما يحصل في اليمن والجنوب  في محاولة  لوضع يدها على هذا الجزء المهم  من الجزيرة العربية وقد نجحت حتى الان , على الاقل في الشمال .

 لقد اصبحت ذراع ايران في اليمن وخصوصا في الشمال قوية , ولم يعد بالإمكان رفعها منه , وذلك لم يكن ليتحقق لولا تهاون الاخوة في الخليج  مع هذا التمدد , وتعاملهم  في اليمن – في مسعاهم  لكبح جماح هذ التمدد –  مع  الاطراف الخطاء ” المستعدون دوماً لبيع مواقفهم للطرف الاقوى “, ستفاجئ دول الخليج التي راهنت على هذه الاطراف , ان اولئك النفر  هم اول من سيجلدون ظهورهم في القريب العاجل .

 ان اسقاط صنعاء بيد(  الحوثيين ) ومن خلفهم ( طهران ) اصبح تحصيل حاصل , ولم يعد حائلاً دونه سوى القرار السياسي بذلك , ويعتقد الكاتب ان ( طهران ) تضع لذلك الامر خياران ربما لم تستقر بعد على احدهما :

الاول هو اسقاط صنعاء عسكريا , ولديهم القدرة على ذلك ولن تعوزهم الذريعة .

الثاني هو الاكتفاء بإسقاط صنعاء سياسيا , مع الاحتفاظ  بحكومة صورية تكون دمية بأيديهم يحركونها كيف شاءوا .

 نحن  في الجنوب نعلم يقينا ان ( طهران )  لن تساعدنا على استعادة وطننا  بقدر ما هي تمنح بعض الاطراف الجنوبية جرعات تخدير هم مضطرون لقبولها , وتقوم بخلق جو عام من التعاطف الشعبي معها ,  فقط  لشراء الوقت حتى يتسنى لذراعها في اليمن بسط سيطرته الكاملة على الشمال لينطلق على الفور جنوبا حيث قد وطئت ومهدت لهم  , وهي في هذا الجانب ولهذا الهدف تتعاطى مع مظالم ابناء الجنوب بايجابية ( ماكرة ) وتدغدغ مشاعرهم في محاولة منها لخلق ظروف مواتية .

  الدول الخليجية تملك من الإمكانات والأسباب ما يجعلها قادرة على رفع  اليد الايرانية من الجنوب نهائيا , ولن يتأتى ذلك  إلا بمد يد العون  لأبناء الجنوب ودعمهم في مسعاهم  لاستعادة  وطنهم  ورفع الظلم عنهم , وهذه الدول قادرة على تحقيق ذلك , ليس فقط لما تملكه من امكانات ولكن لوجود تفضيل شعبي جنوبي للتعامل مع هذا الجهود لأسباب كثيرة ,  لعل اهمها التقارب الوجداني بين شعوب الجزيرة ولعدم وجود محاذير عقائدية بيننا , وبحكم علاقة الاخوة والجوار  .

وفي هذا الاطار فلا يجب ان تحول العلاقات القهرية و المحدودة جداً لبعض الاطراف الجنوبية مع ( طهران )  بين الاخوة في الخليج وبين نصرتهم للقضية الجنوبية , ويجب ان لا يتذرعوا بها  ,  فأن التعامل مع ( طهران ) لم يكن إلا لأن هؤلاء القادة الجنوبيين  وجدوا صلفاً عربياً غير مبرراً في التعامل معهم برغم اقرار الجميع في الداخل وفي الجوار بعدالة قضيتهم .

 يا قادة دول الخليج العربي , الوجود الايراني في الشمال اصبح امراً واقعاً , والوجود الايراني في الجنوب جاري تحويله الى امر واقع  ,” سيّر الحوثيين قبل ايام مظاهرة صغيرة في عدن للتنديد بمقتل احد عناصرهم هناك ”  وكف  اليد الايرانية في الجنوب لن يكون عن طريق تجاهل ارادة ابناء الجنوب ورغبتهم العارمة في استعادة وطنهم  ,ولا بمعاقبتهم لأن بعض قادتهم وجد لدى ( طهران ) تفهما لم يجده عند اخوته العرب .

  يا قادة دول الخليج العربي ارادة الجنوبيين في استعادة دولتهم جادة وإصرارهم على ذلك حقيقياً وحاسما , وتعاملكم مع هذه الارادة بصورة ايجابية هي  الطريق المثلى ( والوحيدة ) لرفع  اليد الايرانية من  الجنوب , ومرة اخرى ,  فلن يتحقق هذا الرفع  إلا بالقيام بعملية ازاحة وإحلال , لن يرفع يد ( طهران ) من الجنوب إلا يدٍ اخرى  محبه  تمتد لتحل محلها , ليس من المنطقي انتظار ان تُرفع يدهم لتمدون يدكم , لكن المنطقي هوان تزيح يدكم يدهم , فاذا فعلتم ذلك فسترون ان لا احد في الجنوب سيكون راغب في اقامة أي علاقات مع (  طهران ) , وسترون كيف ان شعب الجنوب – الذي لن يكون مضطراً لذلك – لن يسمح لأحد بإقامة مثل تلك العلاقات .

في الاخير لن اجد جرسا تحذيرياً  اقرعه لقادة دول الخليج العربي اكبر ولا اعلى صوتاً  من جرس الانذار الذي اطلقه شيخنا الفاضل ( عبدالرب النقيب ) في اجتماع اعيان الجنوب بالأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في الرياض حين خاطب الحضور  قائلا : ” نحدثكم اليوم عن الجنوب العربي واخشى انكم اذا لم تنصتوا لنداءاتنا ان تفاجئوا يوما  وقد اصبح  اسم هذا الجنوب هو ( الجنوب الفارسي ) اسوة بالخليج الفارسي ” . مذ اطلق الشيخ الفاضل ( عبدالرب النقيب ) تلك الصرخة لم يحدث تغييرا يذكر في مواقف تلك الدول , واخشى ان لا يستيقظوا إلا بعد فوات الاوان