fbpx
صور من هذا الزمان … التعايش ….. والتنافر
 علي صالح محمد 
             
(إنَّ السّياسيين يسترهبون النّاس بالتّعالي الشّخصي والتّشامخ الحسّي، ويُذلِّلونهم بالقهر والقوّة وسلبِ الأموال حتَّى يجعلونهم خاضعين لهم، عاملين لأجلهم، يتمتَّعون بهم كأنَّهم نوع من الأنعام التي يشربون ألبانها، ويأكلون لحومها، ويركبون ظهورها، وبها يتفاخرون.”
                                                                                                                  عبدالرحمن الكواكبي
      
 
في الهند لا ترى سوى الهند المليءه بحكايات التعايش وهي  ( الهند التي لم تعد هند غاندي وطاغور ، بل أصبحت هنداشواريا راي ، وبريانكا شوبرا  في سياق البولييود فالهند كبلد مثل سينما كونيه  تتسع لكل حكايات الدنيا ) نعم  هناك ترى وتعيش حكايات  التعايش الحقيقيه  الممتده عبر قرون وعصور من الزمان.  ك(ملتقى عدة حضارات انتجت ثقافة من الغرائب والعجائب والجمال،) تعايش المتناقضات او المتضادات المذهله  وهي تمتزج ببعض  وبقوه لتشكل  مفهوم التعايش الانساني وتداخلاته العجيبه ( كقرص شمع النحل ) ، ليظهر التعايش  في أبهى صوره   ، في الهند ترى   لوحه التعايش الحقيقي  الطبيعي  السياسي والديني والبيئي والثقافي والاجتماعي  ،  التعايش  بلا حدود  وبلا فواصل بين الفقر والغنى ، بين ما دون الفقر و  ما فوق الغنى  ، بين العظمه  والبساطه ، بين الجوع والشبع ، بين النظافة والقذاره ، بين الماضي  والحاضر، بين القديم والجديد  ، بين التاريخ  الموغل في القدم والحضور الاتي من عمق التاريخ ،تعايش  بين   كل  المخلوقات ، بين العبادات والأديان والمعتقدات والثقافات ، بين الحيوانات والبشر ، بين الانسان والشجر ، لا يوجد شيء فاصل  ، ولا يوجد شيء ينتقص من الاخر، الكل يوءدي واجبه ويأخذ حقه باحترام  وبلا تعدي على الاخر، بل بانسجام  وبمزيج عجيب متأصل بعمق في نفوس الناس وعاداتهم وتقاليدهم  ومعتقداتهم ومعيشتهم ،يحكم سلوكهم وتعاملهم تجاه بعضهم البعض وتجاه ما حولهم من بيئه وطبيعه وحيوات خلقها الله ، وابلغ التعبيرات المنظوره  لهذا التعايش تراه   في ذلك التداخل العجيب والتعايش المذهل لكل انواع المواصلات  الراجله والمتحركة ، وذلك التراحم  والانسجام    العجيبين الذي يسود تنسيق الحركه ودبيبها المدهش ، والتي لو كانت في بلد اخر لشهدت صرعى وقتلى في كل دقيقه.  
 
يقولون ان ( التعايش يعني التعلم للعيش المشترك، والقبول بالتنوع، بما يضمن وجود علاقة إيجابية مع الآخر. ) فكرة التعايش التي كانت متجذرة في استراتيجية غاندي (ساتياغراها)، أو نبذ العنف)
     
  وأن( التعايش بين الطوائف والمجموعات هو في الأساس علاقة تحويلية، ديناميكية وايجابية، ومصطلح التعايش يعني أن الهوية هي القوة الدافعة الأساسية في التنمية البشرية التي تتطور من حالة الحد الأدنى من الاعتراف بالاختلاف وقبول التنوع والاعتراف المتبادل من جهة أخرى)
 
ولو اسقطنا  ذلك المفهوم بواقعيته على واقعنا في بلاد اليمن  لوجدنا حجم الماساه ، وحجم الهزيمه التي منى بها حال التعايش  الانساني الجريح وبالذات  في عدن ، المدينه التي  ازدهرت واشتهرت بسبب التعايش المدني الكبير لعقود من الزمان حين احتضنت كل  البشر من كل القوميات وكل الأديان وكل الثقافات وكل العرقيات ، وكانت عدن في يوم ما  رمزا لهذا التعايش وتعرف بكونها ام المساكين .
 
منذ عقدينمن الزمان ضعفت الأواصر وحال التعايش وذاك التراحم  ، لتحل محلها حاله التنافر ، والتباعد، حد القطيعة ،  و( الانقطاع ) ولا غرابه في ذلك ان علمنا بحجم المآسي وأنواع المعاناه بسبب الظيم  والنكد الذي لحق بالبشر في هذا الوطن الجريح ،  ولا غرابه ان نرى انعكاسات ذلك على علاقات الناس ببعضها البعض ، بعد ان ضاقت صدور الناس وضاق الاخ بأخيه والجار بجاره ولا غرابه ايضا  ان نرى مسلسل المعاناه الكبير جراء ( انقطاع ) الكهرباء ليضاف  الى حال الناس هما جديدا ومعاناه إضافية ، خصوصا مع قدوم شهر رمضان الكريم شهر العباده وشهر الصيام  ، اضافه الى ما يعنيه هذا (الانقطاع   )  وما يحدثه من تأثير  على  حياه الناس وعلى عمليه   التواصل الاجتماعي والإنساني  عبر الوساىط الاجتماعية التي توفره الاجهزه مثلا ، اوتواصل الناس الاجتماعي المباشر وما يسببه انقطاع الكهرباء  وحراره الجو القائظ في مثل هذه الايام تحديدا من مصاعب وأضرار  جمه على  حياه الناس وتواصلهم ببعض  حد ان يكره الانسان ذاته او زياره قريبه .
 
اما مشهد التنافر السياسي بين النخب والقوى السياسيه  فحدث ولا حرج ، حيث يخجل القلم من الإشاره  او وصف ما يجري من مظاهر محزنه ، لا نرى منها سوى تكرار معيب لثقافه الاقصاء وعدم الاعتراف بالآخر  والتباعد ، والتشبث بالرأي  الذي لا يرى سوى صورته في الماء العكر  ، مع ان وقائع الحياه أكدت انه لا مجال ولا مفر من التعايش والتنوع ،على قاعده التصالح والتسامح لان ( اجتماع السواعد يبني الوطن ، واجتماع القلوب يخفف المحن ) ولان  (  الجبل لا يحتاج الى الجبل ، لكن الانسان يحتاج الى الانسان . ) (فعندما يعمل الاخوه معا تتحول الجبال الى ذهب ). حسب  ديل كارنيجي  ، وكما يقول المثل اليوناني ( اليد تغسل الاخرى ، والاثنتان تغسلان الوجه ) .
 
 ختاما يقول معن بن زايده :
 
      كونوا جميعا  يابني اذا اعترى                    خطب ولا تتفرقوا أفرادا 
 
     تأبى العصى اذا اجتمعن تكسرا                 واذا افترقن تكسرت آحادا