fbpx
الخير لا يحتاج لمكتب

 

علي صالح محمد

>>> حين تقودك قدماك الى بلاد الهند بلاد العجائب  والغرائب  مكرها لا بطلا ،  لغرض العلاج بحثا عن  الصحه بعد سقم  او مصاب ، تجد فيها بلدا  اشتهر بتقدم الطب  ليحظى بسمعه دوليه عاليه  لعلاج الفقراء ،وهو البلد الذي   يعاني  من كثافه سكانيه عاليه ،  ومن اتساع خارطه الفقر لتشمل كل انواع الفقر المصنفة  (كالفرق المطلق)   ،( والفقر المدقع) و (الفقر   المزري ) وما (يسمى بالفاقة ). مع ان الهند حققت في السنوات الاخيره تقدما ملحوظا في معدلات التنميه ، ومع كل ذلك  يمكن للزائر  ان يشاهد بوضوح حال التعايش والانسجام بين مظاهر الفقر  والبؤس  ،  وبين مظاهر الثراء والغنى الفاحش  ليصبح الحال في حكم الطبيعي والمألوف  .

>>>  والأكثر إيلاما حين تقابل وتصادف ذلك ألكم الكبير  من صور البوءس المنتشره والقادمه من بلاد (السعيده) قديما (  والتعيسه)  حاضرا ،  هذا البوءس الذي تصادفه في كل مستشفى تتجه اليه في مدن الهند المختلفه ، والمرسوم على وجوه المرضى القادمين الى   مستشفيات الهند طلبا للعلاج ، والذين هم في الأغلب   من ذوي الدخول  والإمكانيات المحدودة طبعا ،  او أولئك الذين  يضطرون لبيع ممتلكاتهم لتوفير مستلزمات العلاج بحدودها الدنيا التي لا تتوفر الا في الهند فقط ، اما ( ذوي الحسب والنسب ماديا )  فعلاجهم حصريا اصبح  في المانيا وأمريكا وبلدان أوروبا .

>>> وفي بلاد الهند هناك من  المرضى  القادمين من لا يسلم   من  حكايات النصب والاحتيال المتعدده  والمنتشره في اكثر من مدينه  هنديه ،من قبل سماسره متخصصين مع أطباء ومراكز فحص  تقدم خدماتها لزبائنها العرب بالذات ازاء ممن لا يمتلكون الخبره ولا الدرايه الكافية او اللغه ، مع ان هناك أطباء رائعين موجودين في كل مستشفى ومدينه والمهم ان تجد الوسيله للوصول اليهم بلا سماسره   او وسطاء ماديين ، ومن أشهرهم مثلا الدكتور سلطان اختصاصي أمراض السرطان في مستشفى البرنس محمد علي في مومباي ، او الدكتور  وليد البكيلي في مستشفى ابولو في دلهي  ، او الدكتور أنيل ديسوسا  اختصاصي العمود الفقري والركب في بونا ،او الدكتور جراند  كبير اختصاصي القلب في روبي هول كلينك ببونه وغيرهم

>>>   ولعل الأسواء من ذلك ان   يتم النصب والاحتيال حد السرقه على أيدي ابناء الجلده وبحق مرضى  يكونوا  قد باعوا ما يملكون من اجل علاجهم ،  ليخسروه في غمضه عين  وعلى يد  بشر  محسوبين بأنهم طلاب علم  يقدمون خدمات لمرضى محتاجين للمساعده والعون ، مثلما حصل مؤخراً في مدينه بونه  لرجل مسن قدم من اليمن لغرض العلاج ومعه اربعه الف دولار تم سرقتها بالاحتيال من قبل احد الطلاب  لتصبح  في خبر كان ويصبح  المريض متسولا ومتوسلا وراجيا ( ومشارعا)  من لحظه قدومه  .

>>> هناك كم كبير من الصور المحزنة التي يراها المرء في مستشفيات الهند للكثير من مرضى اليمن   الذين يعانون من أمراض عده ،واغلب المعاناه مرتبطه   بالتشخيص الخاطئ للمرضى من قبل الاطباء في اليمن والتي وصفها بروفيسور مخ وأعصاب هندي في مستشفى ابولو بدلهي  زار اليمن مؤخراً بالمزريه وللاسف .

>>>  قبل ايام وصلت  ام  مريضه  بسرطان  القولون وابنتها  المرافقه الى مدينه بونه وهن لا يعرفن احد ،  وبعد يوم واحد على وصولهن توفت الام وللمرء ان يتخيل حجم المصيبه    ، وبعدها بيومين تصل ام   اخرى  وابنتها قيل لها   بأنها مصابه بورم سرطاني في  الغدد ، بعد  ان باعت منزلها  في عدن لغرض العلاج  وبعد اجراء الفحوصات في احدى مستشفيات بونه وجد الاطباء ان الام سليمه وان الورم حميد  .

>>> 

>>> واذا كان الله يبتلي عباده بالشر فهو جل جلاله  يبليهم   بالخير ايضا ، ومن ذلك مثلا  ان سخر الله في مدينه بونه رجل خير وعون ومساعده ، لا يتردد في تقديم  الخير والعون  لكل من قصده بمعرفه او من غير سابق معرفه    ، يخدم الجميع بلا مقابل ، وهو رجل اعمال محترم ،   هندي الاصل  واسمه (سوريش شاه)  ولديه شركه تصدير واستيراد ، قدم الى عدن في القرن الماضي  وعمره لا يتجاوز  العام والنصف  ليعيش فيها ستين عاما، قبل ان يستقر به المقام في مدينته  الهنديه بونه  ، درس في مدارس عدن  وتخرج من المعهد الفني وما زال يتذكر زمان الصبا والدراسه  و كل زملاء صفه وابرزهم محمد صالح اليافعي ( مطيع ) وصديقه صالح عبدالله ابو نضال  واخرين من مجايليه  ، يتردد على عدن بين الحين والآخر  ويتذكرها بحسره، يقول عنها (هذه امنا عدن وكل أبناءها اخوتي وكل من يأتي من اليمن من أهلي ) يجيد اللغه  الهنديه والعربيه والإنجليزية ، يتميز بالسماحه وصفاء السريره وحب الخير ، لا يكل ولا يمل من تقديم خدماته تجاه المرضى وتجاه كل من يحتاج للمساعده ، منذ سنوات خدم العشرات   من المعارف  والأصدقاء ممن أوصيناه بهم ، وخدم المئات غيرهم ، وكل من عاد منهم يمدح ويشكر في خصال وخدمات هذا  الانسان المميز التي لا يمكن لسفاره ان تقدمهابهذه  الروح وبهذه الأخلاق .

>>> سألته لماذا لا يفتح مكتب خدمات ؟ أجابني مستنكرا : الخير لا يحتاج لمكتب