fbpx
مقابلة بوتين،تاكر .. تخترق الحصار الأمريكي الأوروبي .

 

بقلم / علي عبدالله البجيري

مثل غيري في العالم تابعت المقابلة الصحفية التي أجراها المذيع الأمريكي” تاكر كارلسون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تلك المقابلة التي وُصفت “بمقابلة القرن”، وحققت 250 مليون مشاهدة حتى الآن. لقد استطاع بوتين من خلال هذه المقابلة أن يخترق الحصار ويحدث زلزال في الدوائر السياسية والإعلامية في الغرب عموما وفي امريكا خصوصًا.
في هذه المقابلة الذي استمرت لاكثر من 120 دقيقة، تحدث الرئيس بوتين عن مواقف بلاده بشكل أكثر وضوحاً وصراحةً من مختلف القضايا الخلافية مع الدول الغربية، داعياً إلى مفاوضات لإنهاء الحرب الاوكرانية “والتوصل إلى اتفاق” للعلاقات الروسية الغربية، مؤكدا على إن “هزيمة روسيا مستحيلة”.
المقابلة أثارت زوبعة من الغضب والقلق في دوائر صنع القرار الأمريكي والغربي، لاسيما وان الرئيس بوتين خاطب مباشرة الرأي العام الغربي والأميركي بشأن مختلف قضايا الخلاف بينه وبين الساسة لديهم.
ولعلي أشير هنا الى بعض الملاحضات التي رافقت تلك المقابلة وتعليق المعنيين في الأمر حولها على النحو التالي:

اولا..هذه المقابلة هي الاولى من نوعها منذ اندلاع الحرب الاوكرانية، كون من أجراها مع الرئيس الروسي هو إعلامي امريكي المشهور تاكر كارلسون، متحديا الحصار الإعلامي الأمريكي الغربي المضروب على الرئيس بوتين. الصحفي الأمريكي كارلسون أشار إلى إن مقابلته لبوتين تاتي في اطار الواجب الصحفي، مبينا «إن معظم الأمريكيين ليس لديهم أي فكرة عن سبب غزو بوتين لأوكرانيا أو ما هي أهدافه الآن.” لم يسمعوا صوته أبداً.. هذا خطأ”.

ثانيا.. ردود الفعل الرسمية الغربية والامريكية جاءت مقللة من أهمية المقابلة. فالبيت الأبيض اعتبر أن المقابلة غير ضرورية لكي يدرك الشعب الأمريكي وحشية الرئيس الروسي على حد تعبيره. في حين قال المستشار الألماني إن المقابلة “مثيرة للضحك”. أما رئيس الحكومة البريطانية الأسبق بوريس جونسون فوصف كارلسون ب«الخائن»، في حين قال بريت براون المستشار السابق للبيت الأبيض في عهد الرئيس أوباما إن بوتين “حقق فوزاً دعائياً واضحاً لموسكو”
ثالثا..مقابل ذلك الحنق والغضب الغربي فقد واجهه الكريملين ببرودة أعصاب، معتبرا أنه حقق انتصاراً إعلامياً كبيراً، إذ قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا «انظروا، لقد أصابتهم حالة من الهستيريا.. جميعهم يصرخون بصوت واحد». ومن خلال متابعتي للمقابلة فإن الرئيس بوتين ركز على تاريخ الصراع حول أوكرانيا وكرر مواقف بلاده بشكل أكثر وضوحاً وصراحةً في مختلف القضايا الخلافية مع أمريكا والدول الغربية، داعياً إلى مفاوضات لإنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق “عاجلاً أو آجلا” ولمن أراد أن يطلع على تاريخ الصراع والحروب حول أوكرانيا يرجع إلى الكتاب التاريخي ” لهنري كيسنجر بعنوان النظام العالمي”

رابعا..المقابلة في توقيتها تأتي في وقت هام جدا، كونها تتزامن مع اشتداد الحملات الانتخابية لمرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري في أمريكا ، التي وصلت الى “التندر بالعمر والخرف” مما يدل على حدة التنافس فيما بين المرشحين.الغائب

خامسا.. الغائب في المقابلة هو الشرق الأوسط الملتهب، ربما لان الرئيس الروسي حرص على ان يوجه خطابه للرأي العام الأمريكي والغربي، وحصره على اوجه الخلاف الاستراتيجي بين روسيا والامريكان. اما بشأن قضايا الشرق الاوسط وغيره من القضايا الإقليمية فيمكن أن يتم التطرق اليها في مقابلات اخرى تتعلق بالصراع في ظل النظام الدولي المتعدد الاقطاب الذي اخذت ملامحه تتشكل، بينما من وجهة نظري فقد كانت فرصة مواتيه أن يتحدث الرئيس بوتين حول ما يعانية الشعب الفلسطيني جراء مآ ترتكبه اسرائيل من جرائم الإبادة والدمار بحق الشعب الفلسطين.

خلاصة القول..استطاع الرئيس بوتين أن يقدم سردية تاريخية واستراتيجية متعددة الأهداف، لخص من خلالها رؤيته بشأن أسباب وخلفيات الحرب في أوكرانيا، ووضعها في سياق الدفاع عن بلاده ضد “دولة مصطنعة”. عرَّج على التهم المبكرة التي وجّهها إلى قادة أوكرانيا بأنَّهم نازيون جدد. وترى صحيفة الخليج أن الرئيس بوتين تمكن من توصيل مواقف بلاده إلى الرأي العام الغربي الذي يتعرض هو الآخر لحصار إعلامي وتعتيم على حقيقة الموقف الروسي، وإلى غسل دماغ ممنهج بهدف «شيطنة» الكرملين، حيث لا يتمكن من الوقوف إلا على ما تبثه آلة الإعلام الغربية.