fbpx
النيجر وتحديات الإرث الاستعماري.

كتب/ علي عبد الله البجيري

قليلون هم القادة السياسيون الذين يقرأون الأحداث والتطورات و يحترمون إرادة الشعوب وحقها في الحرية والعزة والكرامة.
تهديد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، القاضي بالتدخل العسكري في النيجر لاستعادة أمجاد أسلافه يدل على النزعة الاستعمارية لدى فرنساء، ومع ذلك فان هذا التهديد قد قوبل بالسخرية من قبل شعب النيجر، وكانت ردت الفعل أن أعلن شعب النيجر محاصرته للسفارة والقاعدة العسكرية الفرنسية في نيامي.. ‏الرئيس الفرنسي ماكرون وبعد تردد لم يدم طويلا ، قرر مجبرا لا مخيرا، سحب سفيره وإنهاء التعاون العسكري مع النيجر.

التعنت الفرنسي لم يكن له ما يبرره عدى العقلية الاستعمارية التي تتبعها سياسة الطمع والاحتكار ونهب الثروات الافريقية ..راهن ما كرون على” دول المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا” (إيكواس) من ان تتخذ قرار بالتدخل العسكري، واشعال “حرب افريقية-افريقية” خدمة لسياسات بلاده، لكن هذا الرهان سقط في أدغال وأوحال إفريقيا، وإعلان مالي وبوركينا فاسو دعمهما للمجلس العسكري الجديد في النيجر، وإرسال قوات وطائرات للدفاع عن النيجر. هذه هي إفريقيا الحره يا فخامة الرئيس التي لا تعرف عنها بلادكم إلا نهب ثرواتها والهيمنة على خياراتها السياسية.

وبهذا الانتصار خرجت النيجر من تحت العباءة الفرنسية لتطوي حقبة استعمارية طويلة دامت من عام 1922حتى نالت استقلالها عام 1960، خلالها ظلت فرنساء تمسك بمفاتيح القرارات والتوجهات السياسية للنيجر، وتنصيب الرؤساء منذ ذلك الحين، كما تسيطر على ثروات البلاد من خلال شركاتها، وخصوصاً الذهب واليورانيوم والنفط، فيما شعبها الذي يبلغ تعداده 25 مليون نسمة، يعاني من الفقر والجوع.

اليوم الخيارات السياسية والاقتصادية لجمهورية النيجر مفتوحة ومرهونة بمدى قدرة القيادات العسكرية والمدنية على تسيير دفة الأمور وعودة الديمقراطية والحكم المدني، ومن ثم توجيه البوصلة بما يخدم مصالح الشعب النيجر ورخاءه وازدهاره،
وعلى هذه الخلفية نسجل الملاحظات التالية:
اولا : الان انتقلت السلطات إلى أبناء النيجر والحل للأزمة يحتاج إلى مبادرة للحوار والسلام بشأن المستقبل السياسي للبلاد بمشاركة كل أبناء الوطن.
ثانيا : لابد من مكافحة الفساد المنتشر في مؤسسات الدولة وإعادة النظر في عقود عمل الشركات الأجنبية بما يخدم التنمية ومحاربة الفقر .
ثالثا : وقف الإتجار بالأسلحة المهربة من مستودعات القوات الليبية بعد عدوان الناتو على ليبيا.
رابعا : مواجهة تجارة وتهريب المخدرات إلى الداخل والخارج ووقف الاتجار بالبشر وتهريبهم عبر المتوسط، ووقف تهريب النفط والغاز والذهب .
خامسا: وضع خطة ميدانية لمحاربة الإرهاب بكل مسمياته، قاعدة، داعش، وكشف دور الدول الداعمة للتنظيمات الإرهابية ؟

الخلاصة: دولة النيجر تنتصر رغم وجود العديد من المشاكل والتحديات، وهنا يأتي دور القيادات الوطنية في إنتهاج سياسات اقتصادية واجتماعية تخدم أبناء الوطن. فالبلد غني بالثروات النفطية والذهب واليورانيوم . نعم هناك كثير من الألغام الاستعمارية الموقوته ومن أجل نزعها تحتاج النيجر إلى تسوية الملعب لتجاوز سلبيات الهيمنة الفرنسية على البلاد، وإجراء مصالحة مجتمعية يشارك فيها كل أبناء الوطن، وبالتالي اعادة النظام المدني الديمقراطي القادر على إدارة السلطة والقضاء على الفساد والحفاظ على ثروات البلاد واستثمارها لصالح المواطن التواق لابسط مقومات الحياة والعيش الكريم.