fbpx
اليمين المتطرف الأوروبي يتسلل إلى منصة الحكم.

كتب/علي عبدالله البجيري

تصدّر الحزب اليميني المتطرّف في هولندا ” حزب الحرية ” بزعامة السياسي غيرت فيلدرز، تصدّر الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية نوفمبر الماضي. هذا الانتصار لم يكن مفاجئً للدول الأوروبية والذي اخذ التيار المتطرف بالتغلغل والانتشارفي مجتمعاتها، مما مكنه ان يعجل بحدوث زلزال سياسي واقتصادي في أوروبا بأسرها، بل ويشكل تهديد جدي للنهج الديمقراطي لتلك البلدان وكذا لعلاقاتها ومصالحها الدولية نظرا لما يمثله اليمين المتطرف من خطر يهدد مستقبل العلاقات الاوربية مع دول العالم العربي والاسلامي وما يمكن ان يصيبها من تدهور ونضوب.
زعيم حزب الحرية الهولندي” غيرت فيلدرز” دعا في حملته الانتخابية إلى: إجراء استفتاء للخروج من الاتحاد الاوروبي فيما اذا لم تنتهج الدول الاوربية النهج المتطرف، ودعاء الى مكافحة الهجرة والتشديد على مراقبة الحدود واحتجاز وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وإعادة طالبي اللجوء من السوريين والعرب الاخرين. المتطرف السياسي فليدرز معروف بعدائه للعرب والمسلمين، وسبق ان حوكم في قضايا مماثلة عديدة، وأدين بسبب تصريحات أدلى بها في وسائل الإعلام تدعو الى الكراهية والتمييز. وكان صريح جدا في الفلم الذي انتجه باسم “فتنة” : بوصفه للإسلام بأنه دين “فاشي” وطالب بحظر القرآن الكريم في القارة الاوربية وشبّهه بكتاب أدولف هتلر ” كفاحي”.

ومن واقع المتابعة لنتائج الانتخابات الاخيرة في هولندا نسجل الملاحظات التالية:
اولا: انها أهّلت “حزب الحرية” اليميني المتطرف لتشيكل الحكومة القادمة، بحصوله على 37 مقعداً من اجمالي المقاعد البالغ عددها 150 مقعد، فيما اذا تحالف مع احزاب اخرى قريبة منه، ولكن المراقبون السياسيون يشككون في امكانية حدوث تحالفات تمكن حزب الحرية من تشكيل حكومة برئاسته. وكان زعماء الأحزاب الثلاثة الكبرى الأخرى قد استبعدوا في السابق الانضمام إلى ائتلاف يقوده حزب “الحرية” بزعامة فيلدرز. الا ان الجديد في الأمر هو تراجع السيد “بيتر أومتسيغت”، الذي فاز حزبه العقد الاجتماعي الجديد بـ20 مقعداً وخفَّف من موقفه، قائلاً إنه “مُتاح” رغم قوله إن محادثات الائتلاف لن تكون سهلة وفق تقرير لصحيفة «لوموند» الفرنسية.

ثانياً : زعيم تحالف المعارضة اليسارية “فرانس تيمرمانز” الذي احتل المرتبة الثانية في الانتخابات والذي حصل على ( 25 مقعداً ) قال هو الاخر أنه لن ينظم إلى حكومة ائتلافية، معلنا أنه حان الوقت للدفاع عن الديمقراطية في مواجهة المد اليميني الشعبوي الذي يجتاح هولندا والعديد من الدول الأوروبية، مثل إيطاليا والمجر وسلوفاكيا.

ثالثاً: على المستوى العربي والاسلامي، فإن مواقف “فيلدرز” زعيم حزب الحرية الهولندي ودعوته إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم إلى الاردن تلخص التطرف والعنصرية الناجم عن فكر سياسي ينكر حقائق التاريخ والجغرافيا، وينشر ثقافة الكراهية، ويشكل نقيضاً لكل ما أجمعت عليه القرارات والمواثيق الدولية بشأن الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني وخاصة حل الدولتين.

رابعاً : احزاب اليمين الاوروبية عبرت عن ارتياحها لانتصار اليمين المتطرف في هولندا. وعلى ذلك علقت مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية بالقول إن احزاب اليمين المتطرف في معظم أنحاء أوروبا تكتسب زخما، وتقترب أكثر من الوصول إلى السلطة في بلدانها. وترى المجلة في تقريرها أن تمدد تلك الأحزاب هو نمط شائع في القارة، فحزب “فلامس بيلانغ” في بلجيكا يتقدم في المشهد السياسي ، وفي المجر وإيطاليا وبولندا تتولى الأحزاب اليمينية المتطرفة الحكم، وفي فنلندا والسويد وسويسرا تشارك بحصة في السلطة.

ختاماً : هناك مشاكل سياسية واقتصادية وعنصرية تواجها القارة الأوروبية تشكل في مجملها مفتاح” لتسلل اليمين المتطرف إلى مقاعد الحكم في القارة العجوزة. لهذا فإن حظوظ أحزاب اليسار والاعتدال الليبرالي الأوروبي تتراجع انتخابياً. ومن الواضح أن اليمين المتطرف يتقدم بخطى قوية للوصول إلى السلطة ، مستغلا مخاوف المواطنين من قضايا كثيرة تقلقهم وتجعلهم في خشية من أحداث اليوم ومن مستقبل غدا مجهول ينتظرهم في ظل الصراعات والحروب الإقليمية والدولية..القضية هنا تتعدى أوروبا، ففي الأرجنتين تمكن مرشح رئاسي انتخابي -ليبرالي يميني متشدد من اكتساح الانتخابات الرئاسية والفوز بقيادة الأرجنتين لأربع سنوات قادمة. والسؤال هل بدأت مرحلة العنصرية والتطرف والكراهية تتخذ مسارها بدأ من اوروبا ووصولا إلى أكثر من بلد في العالم!!