fbpx
حرب غزة تدمير وتهجير لتحقيق أهداف اقتصادية 

بقلم / علي عبدالله البجيري
لم تكن عملية” طوفان الأقصى” ورد الفعل الاسرائيلي بعملية “طوفان التوحش”، السبب الوحيد للحرب، فهناك خطط اقتصادية إسرائيلية تستهدف قطاع غزة، وضعت منذ ما قبل نكبة عام 1948. ولكن منفذيها يترقبون الفرص السانحة للتنفيذ. خطاب بنيامين نتنياهو من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة، وهو يعرض على وفود الدول” خريطة اسرائيل الكبرى ودورها المنتظر في “شرق اوسط جديد” تكشف جانبا من تلك الخطط الاسرائيلية التوسعية. وما يؤكد ذلك هو ان نتنياهو لم يذكر ولو كلمة واحدة عن شعب فلسطين ، بل انه أعرب ضمنا بأن أراضي الضفة الغربية وقطاع غزه هي “يهودا والسامره”
جوناثان كوك، الصحفي البريطاني المتخصص في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو من عاش في إسرائيل عشرين عاماً، والف كتابا عنوانه (إسرائيل وصدام الحضارات) يقول : إن نتنياهو يسير على عقيدة إسرائيلية قديمة بشأن الاستيطان الاستعماري جوهرها هو ان يحل الاسرائليين محل الفلسطينيين على أرضهم، وإن هذه العقيدة مرتبطة منذ البداية بوضع أعينهم على صحراء سيناء المصرية لتهجير سكان قطاع غزة قسرا إليها، مضيفا إن ممارسات إسرائيل في هذا الاتجاه، تدور كلها في حلقة واحدة، “تبدأ بمسار سياسي طويل المدى مرسوم ومحسوب لإخضاع فلسطين بجميع أراضيها للدولة اليهودية”

ولعلي أتوقف هنا عند بعض مما يقراء خلف السطور أعلاه بالوثائق والأرقام التالية:
اولاً : (الكل يريدون غاز غزة). هذا ما كشفته البروفيسورة ” راشيل رونالد” الاستاذة بجامعة باريس والمتخصصة في قضايا الطاقة في تقريرها الذي نشرته في شهر اكتوبر الماضي. تقريراً موثقاً تحت عنوان «الكل يريدون غاز غزة»، وقالت: “في الوقت الذي تهطل فيه القنابل كالمطر على الفلسطينيين في غزة، فإن العمل يجري على قدم وساق لجني الأرباح التي هي من حق أهالي غزة، لكن إسرائيل تقتنصها وتعمل متعمدة على إفقار أصحابها، في أخطر عملية نهب لثروات أهالي غزة”.
وتكشف البروفيسورة راشيل رونالد على إن إسرائيل أعطت ل 6 شركات أوروبية وأمريكية، تصريحاً بالتنقيب عن الغاز في ساحل غزة على البحر المتوسط، واستغلال مصادر تقدر قيمتها ب 524 بليون دولار من داخل الأراضي الفلسطينية، وتساءلت في تقريرها المرسل للامم المتحدة ” عن أحقية إسرائيل في استغلال ثروات مملوكة للفلسطينيين تحت الاحتلال، وهو التقرير الذي اعتبر تصرف إسرائيل جريمة حرب.” ووفقا لاحدث الدراسات الغربية فأن «غزة تتمتع بثراء بترولي تزيد قيمته على 525 مليار دولار ، وبكميات من الغاز الطبيعي تقدر ب 122 تريليون قدم مكعبة»،( الارقام من مقال للكاتب عاكف العًمري).
ثانياً : هناك مشروع انشاء “قناة بن جوريون”، وهو مشروع من شانه ان يربط البحر الاحمر بالبحر الابيض المتوسط عبر قناة يتم حفرها ” انطلاقا من خليج العقبة وخليج ايلات، ولتامين وصولها إلى المتوسط فإن مرورها يالنقب( والاهم بمحاذات غزة) وتحديدا في شمالها وهو ما يفسر تركيز اسرائيل على هذا الجزء من غزة وتهجير سكانه، سيتم انشاء خطين عاملين على قناة بن جوريون واحد من البحر الاحمر إلى المتوسط واخر في الاتجاه المعاكس، يُتوقع أن يبلغ طول القناة 292.9 كم (182 ميل) أي أنها أطول بقرابة الثلث من قناة السويس (193.3 كم).تمول المشروع امريكا بقرض قيمته 16 مليار دولار بفائده 1% على مدى 30 عام .

اهداف قناة بن جوريون تتمحور في هدفين الأول – منافسة قناة السويس والحصول على نصف مداخيلها سنويا . والثاني- ربط دول الخليج العربية بقناة بن جوريون عبر ” جزيرتا تيران وصنافير” وهما المدخل الوحيد إلى خليج العقبة وايلات وبالتالي إلى قناة بن جوريون.وهاتان الجزيرتان نقلت سيادتهما مؤخرا من مصر إلى المملكة السعودية عام 2017م. ومن هنا يمكن فهم المساعي الامريكية لتطبيع العلاقات بين الدولة الإسرائيلية والمملكة السعودية. والذي تم تعليقه بعد عملية” طوفان الاقصى” الفلسطينية وعملية الإنتقام والتوحش الإسرائيلية.
ختاماً : أمام هذا الخلل بالتوازن والكيل بمكاييل مختلفة، فإن المطلوب من أمريكا والغرب العمل لوقف هذا النزيف الذي تخطى عدد ضحاياه عشرات الآلاف، والسعي الجدي لوقف هذه الحرب الدامية، وتمكين الشعب الفلسطيني من الحصول على حقوقه السياسية واستثمار ثروات بلاده البحرية، من خلال حل الدولتين وفقا للقرارات الدولية.