fbpx
وكأن ثورةً لم تقم وكأن نظامًا لم يسقط

 

في هذه البلاد فقط ستجد دعوة لفعالية باسم «ثورة» يكون من بين الداعين لها الحزب الذي قامت الثورة ضده, وفيها فقط سنجد قيادات هذا الحزب حاضرة بالمنصة جنبًا إلى جنب مع شباب هذه الثورة.

بذات الوقت سنجد اتهامات من شباب الثورة هؤلاء لغيرهم من القوى «الثائرة» بأنهم حلفاء حزب المخلوع دون تكليف أنفسهم النظر في من بجوارهم على المنصة, وإلى أي حزب ينتسبون؟

ففي الوقت الذي يقول فيه إعلام حزب الإصلاح مثلًا إن قيادات المؤتمر تدعم الحراك وتتواطأ معه, نجد قيادات المؤتمر نفسها وفي تلك اللحظة يجلسون إلى جوارهم في منصة ساحة العروض وجميعهم يحتفلون بتحقيق أول أهداف الثورة!!.

لا غرابة في أن يحتفل المؤتمر بتحقيق أول أهداف الثورة؛ فأنصار هذه الثورة وفي زمن تأتي الثورات لترفض تقديس الفرد وحكمه نجد أن شبابها في عدن يحتفلون بعيد الجلوس لحاكم منتخب بنسبة 99% في انتخابات لا منافس له بها!!

لم تعد خطوط الفصل واضحة؛ فكل شيء متداخل في بعضه وكل شيء يقال ويطرح في الإعلام رغم رفض العقل له. خذوا مثلًا آخر: مليونية حاشدة خرجت بمقابل حراك مسلح يمتهن العنف ويدعو للفوضى ويمارس العدوان على حشد جماهيري جرار. هكذا أظهروا المشهد في إعلامهم. الغريب أنه عند تتبعنا للحصيلة, نجد أن المليونية الحاشدة انتهت سليمة دون «بخش» ولا أذى, وبذات الوقت نجد أن هناك عددًا من القتلى المسالمين في صفوف الحراك «المسلح» ومعهم أكثر من 50 جريحًا.. أعينوني على فهم هذا!! كيف يستقيم الأمر: السلاح مع الحراك والعنف منه والموت في صفه هذا من جهة, والسلامة لكل حشود المليونية الوحدوية من جهة أخرى؟!!

كل هذا لا يعني شيئًا؛ فالحراك متهم رغم أنه هو الضحية. الحراك مدان بالسلاح رغم أن لا ضحايا لسلاحه (الذي هو الآخر لم يثبت تقرير محايد وجوده ولا وجود تنظيم مسلح له).. كل مرة أبحث عن جريح أو قتيل سقط بنيران هذا الحراك المسلح, فلا أجد إلا ضحايا من الحراك ذاته.

المعايير مختلفة والمنطق معهم غير ثابت؛ ففي الوقت الذي سيصبح فيه ذهاب أنصار «صالح» للتظاهر في ساحة التغيير استفزاز وعدوان غير مقبول, يكون بنظرهم إقامة فعالية لخليط (الإصلاح والمؤتمر) في ساحة قُرنت بفعاليات الحراك منذ 2007 هو حق في التعبير وحرية في التجمهر, وفي الوقت الذي يكون فيه مجرد التفكير في إقامة فعالية إصلاحية في صعدة انتحار يكون عمل مظاهرات «الاستفزاز» الوحدوية في محيط رافض لها ومتحسس منها حق أصيل لمن يريد ذلك.

بقدر معرفتي بأن الجنوب أطياف متعددة وبقدر يقيني من وجود فئات جنوبية كبُر حجمها أو صغر لا تريد «فك الارتباط» كحل لقضية الجنوب, أرى أن هناك ضرورة لفهم الواقع على الأرض ومسايرته من قبل الجميع وعدم القفز عليه. لا بدّ من السمو على صبينة الشكليات؛ فليس برفع راية ستثبت الوحدة وليس بخروج مظاهرة مضادة سيحجم معترضوها.. في الأخير العنف لا يمكن أن يولد الخضوع والتزييف لا يمكن أن يصنع حقيقة.. القتل سيؤدي إلى تمسك وإصرار وتأزيم في وقت الكل يبحث فيه عن مخارج.